المكان المناسب لطيبة القلب!.. بقلم خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 575 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  طيبة قلب زائدة عن الحد

د. خالد عايد الجنفاوي

 

قال الحكماء إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده, وطيبة القلب إذا زادت عن حدها ستنقلب إلى ضدها, حيث سيفسر بعض الأشخاص سيئ الطبع نقاء قلب وصدق نية ودماثة أخلاق الطرف الآخر على أنها دلائل على ضعفه, وليس تسامحه. دماثة الأخلاق الشديدة والشغف في إظهار التسامح لمن لا يستحق التسامح, والتغاضي عن وقاحة البعض بزعم طيبة قلب الضحية تستهلك الطاقة الأخلاقية الإيجابية وتضعها في غير محلها, فيوجد نوع من الأشخاص من يستحقون, قولاً, وفعلاً الحذر الشديد منهم والتعامل معهم بشكل متحفظ لأنهم لا يقدرون طيبة قلب أو تسامح أو عفو الطرف الآخر, بل يستغل هؤلاء كل ما هو إيجابي في الإنسان السوي والأخلاقي لتحقيق مصالحهم الشخصية الضيقة والانانية, وتصبح طيبة القلب زائدة جداً جداً عن الحد عندما يحاول الإنسان دمث الأخلاق وكريم الطبع وحسن النية إيجاد تبريرات للسلوكيات والتصرفات السيئة لبعض الأشخاص الاستغلاليين, لأن طيبة القلب ستؤدي إلى تغليف العقل والقلب بأكاليل المحبة والرأفة والشفقة وصدق النية, فربما ستؤدي أحياناً إلى تعتيم آلية الحذر الطبيعي وتعطل ميكانيكية التفكير العملي ما سيؤدي إلى فتح ثغرات ينفذ من خلالها المستغلون والانانيون ويمارسون سلوكياتهم وتصرفاتهم السلبية واستغلالهم السيء لما هو إيجابي وكريم ومتسامح في الطرف الآخر.
تشير كثير من التجارب الإنسانية المختلفة إلى ان هناك أناساً مولعون بإرضاء الآخرين حتى لو كان بعض الأشخاص لا يستحقون السعي لإرضائهم أو خطب وُدِّهِم. من يُفرِطُ في طيبة قلبه أو في عفويته, ويبدو, يسعى وينشط فقط لكسب رضا إنسان آخر لا يُقَدِّرُ طيبة قلبه ولا يستحي منه وربما يتعامل معه بوقاحة فجة وغلظة ليس حرياً بطيب القلب السعي لإرضائه أو كسب وده, بل عليه التحفظ معه وربما التكبر عليه, فهناك اشخاص يجب تذكيرهم دائماً وأبداً بقيمتهم الحقيقية حتى يرجعوا لحجمهم الطبيعي.
أعترف أنني أميل للتسامح مع الآخرين وحسن الظن بعامة الناس, ولكن يحدث أحياناً أن يتلقى الإنسان ضربات موجعة من أشخاص كان يتعامل معهم في السابق بعفوية تامة وتسامح استثنائي.
الاستغلاليون واللامباليون والانانيون يستغلون عفوية البعض وحسن نيتهم لتحقيق مصالحهم الشخصية الضيقة على حساب الآخرين. من يحترم كرامته الإنسانية سيحرص كل الحرص على وضع طيبة قلبه في مكانها المناسب وتجاه من عرف عنهم إنصافهم وتقديرهم لكرامة الإنسان الآخر.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك