الشعوب لا تنسى كما الحصان!.. بنظر حمود الحطاب
زاوية الكتابكتب أغسطس 26, 2015, 12:59 ص 519 مشاهدات 0
السياسة
شفافيات / طبايع..
د. حمود الحطاب
مدرب خيول نادي سباق الخيل بمصر الجديدة بمنطقة عين شمس في جمهورية مصر العربية السيد اللواء يوسف غراب الذي يعرفه كبار وقدماء رجال الشرطة في الكويت, والذين أظن أن أكثرهم قد تقاعدوا, اذ كان مدربا للخيل بمدرسة الشرطة كما قيل لي. اللواء يوسف غراب قال لي بعد أن آلمت “دانتوس” العنيد الماكر ذلك الحصان الانكليزي ذي الظهر العريض ,ودرت فيه كل مساحة النادي ومن دون إذن المدرب, حيث فعلتها خلسة لشوقي للإنطلاق بعيدا عن روتين تلك المدرسة, قال لي غاضبا : “إنت أهلكت الحصان”! ثم قال: “إدي له قطعة سكر بقه عشان تريحه نفسيا على الأقل”, وأردف قائلا بأسلوب تعليمي :”الحصان ده زي العيل! لما تزعلو تديله حته بومبونايه ينسى الزعل”, قال لي هذا الكلام حيث كنت مشتركا في ذلك النادي لتعلم أساسيات ركوب الخيل, لكنني لا أوافق اللواء أن العَيِّل ينسى من أساء إليه لمجرد “بومبوناية”! “معلش الحصان ينسى”؟ الله آعلم, و”دي حالة نفسية تكوينية في الحصان”, لا أعلم عن ذلك منها الكثير, فاللواء متخصص بالخيول, وهو يعرف في سيكولوجيتها تخصصيا بالطبع, لكن الإنسان يا عم اللواء “ده حاجة تانية خالص”, صحيح أن الله سبحانه وتعالى بين في القرآن إن هذه الحيوانات أمم مثلنا في طبايع السلوك” وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم, ما فرطنا في الكتاب من شيء” وهذا أعتقده تماما, فهذه الدواب والطيور تشابهنا في العديد من الطبايع, لكنني لا أظن, ولا أعتقد أن “بومبوناية” من إسرائيل مثلا تنسي الشعب الفلسطيني مآسي نحو ستين سنة, فالإنسان هنا ليس كالخيل في صفاته في هذه الناحية السلوكية بالذات, ولا أعتقد كذلك أن فالودة من إيران وهي حلويات سكرية مثلجة تشتهر بها, لا أعتقد أنها تنسينا جرائم نظامها في سورية واليمن والعراق وما تفعله مع دول الخليج.
الجمل يختلف عن الحصان في ذاكرته نحو من أساء إليه فهو لا ينسى كرامته مهما “اديته من البومبونايات” (إن صح جمعها هكذا), وهو يحاول رد اعتباره ممن آذاه. والشعوب إلى هذه الصفة في الجمل أقرب.
أظن أن بعض الحكومات تحاول أن تنسي شعوبها مآسيها تجاهها, لكنها من بخلها لا تقدم لهم “بومبوناية” تنسيها إرهاقها منها ومن سوء إدارتها لبلادها فهي حتى بهذه “البومبوناية” تبخل عليها, فهي بدلا من أن تدللها لالهائها “بقنده” وهي قطعة سكر أو “بومبوناية” تخترع كل الوسائل الأخرى بعيدا عن الحلويات لالهائها عن تحقيق مطالبها حتى لو أشعلت الحرائق في المرافق المهمة في الدولة, وحتى لو فتحت ملفات قضايا منسية, وحتى لو شغلتهم بالرياضة و”الطمباخية” وحتى لو أحضرت لهم ” ن” لتغني لهم لكنها لن تنجح في كل هذه الحيل ,فالشعوب لا تنسى كما الحصان, بل تحقد كما الجمال… الشعوب هي التاريخ, والتاريخ هو الشعوب فهل نسي التاريخ حادثة حدثت؟ اسأل الحكومات, أنا… أنا اسألها هذا السؤال؟ بعض الحكومات تعتبر ذاكرة شعبها ذاكرة خيول وبعض الحكومات تعتبر ذاكرة شعبها ذاكرة خبول. خبول من الخبال.
إلى اللقاء.
تعليقات