جلد الذات مطلوب للخروج من عنق الزجاجة!.. برأي تركي العازمي
زاوية الكتابكتب أغسطس 7, 2015, 1:14 ص 544 مشاهدات 0
الراي
وجع الحروف / تخيل النوم وأنت 'واقف'!
د. تركي العازمي
حكاية الفقير وصاحب البقالة أعجبتني.. تذكرتها عند وصولي إلى مطارالكويت قادماً من سنغافورة، وأنا أقف أمام سيرالحقائب في صالة الوصول... لم يكن معطلاً لكن الرؤية الضبابية أشغلتنا!
روي في الأثر أن رجلاً فقيراً كانت زوجته تصنع الزبدة على شكل كرة وزنها كيلوغرام، وهو يبيعها لإحدى البقالات في المدينة ليشتري بثمنها حاجات البيت٬ وفي أحد الأيام شك صاحب المحل بالوزن... فقام بوزن كرات الزبدة فوجدها 900 غرام فغضب من الفقير...
وعندما حضر الفقير في اليوم التالي قابله بغضب وقال له: لن أشتري منك لأنك تبيعني الزبدة أقل من الكيلو بمائة غرام... فحزن الفقير ونكس رأسه ثم قال: يا سيدي لا نملك ميزاناً.. ولكنني اشتريت منك كيلو من السكر وجعلته لي مثقالاً كي أزن به الزبدة!
هذه القصة تذكرني بوضعنا المحلي بين فقير مثلي من البسطاء تسوقه الظروف للسفر، ويلاحظ كيف أن سير الحقائب في مطار الكويت قصير ويتعطل أحيانا وتنتظر ما بين 30 دقيقة إلى قرابة الساعة لتسلم حقائبك ناهيك عن الازدحام الشديد.. وفي المطارات الأخرى تخرج وتجد سير الحقائب كبيراً جدا والمساحة واسعة وفور وصولك تشاهد الحقائب على السير.
لا أعلم عن المفردات المناسبة التي أستطيع وضعها لوصف هذا المشهد من رؤية فلسفية.
لذلك نطالب كل صاحب قرار أو مستخدم لأحد مرافقنا أن يتخيل النوم وهو «واقف»؟... هل تستطيع أن تحلم بالتغيير؟
طبعا الإجابة.لا... لأنك وإن غفت عيناك فمصيرك السقوط قبل أن يطرق باب الخيال ذهنك بحلم نحلمه نحن جميعاً في تنمية تبدأ من مطار الكويت الذي يعتبر واجهة البلد التي تشكل الانطباع الأولي لأي زائر يقف أمام مشهد سير الحقائب!
كم كنت أتمنى من أحبتنا أن يتقبلوا سياسة «الحوار الذاتي» أي جلد الذات بعيداً عن عبارة التنمية التي تسقط مفرداتها عند وقوفك أمام سير الحقائب، أو أمام أي خدمة يفترض أن يكون انطباعك عند الحصول عليها مطابقاً لتوقعاتك وهو ما يعرف بالـ«الرضا» عن الخدمة حسب وصف فيليب كوتلر رائد التسويق العالمي الذي اختار قطر لتسويق نظريته الجديدة في عام 2010... وأنتم ترون كيف تحولت قطر ومطارها ومنشآتها من حال إلى حال.
أنا على المستوى الشخصي أتمنى أن أحلم وأنا «واقف».... بودي أن أحلم بسعة مكانية وتنظيم وجودة عالمية ليس فقط في المطار بل في كل منشأة يزورها المواطن والمقيم لقضاء معاملة/حاجة خاصة به!
لتكن ضريبة النوم «واقفا» سقوطاً تنتج عنه إصابة... على الأقل نستيقظ من الحلم برؤية واقع ترجمته الرؤية التي صاغها أحبتنا للتنمية البشرية والعمرانية والخدماتية.
جلد الذات مطلوب للخروج من عنق الزجاجة التي يشعر بحرارتها كل مواطن ومقيم... وقد يكون صعباً الخروج منها لكن بلا مجال لأدنى شك إنها إستراتيجية ممكن تطبيقها.
إننا نتدحرج مع التغييرات الإستراتيجية ونبني خططاً جميلة توقفها المصالح والمحاصصة ومؤثرات لا تخفى على الجميع وفي مجملها تشكل صور التأخر في معظم المجالات التي نعاني منها.
السؤال هنا... ماذا فهمنا من حكاية الفقير وصاحب البقالة؟، وماذا ننتظر وغيرنا يصمم المشاريع وينفذها في مدة قصيرة جداً بعضها لا يتجاوز عاماً واحداً.
الشاهد أننا نضع الخطة تلو الخطة... والتنفيذ يتأخر وبعضه يُعاد من جديد كما حصل مع مشاريع حيوية مثل توسعة المطار، والأمثلة في هذا الجانب لا تعد ولا تحصى.. لكن يبقى الأمل في بعض أحبتنا من العقلاء الحكماء بعد الله سبحانه كي يغيروا من سياسة «عادي... شالمشكلة !» لأنه كما يعلم الجميع بأن الزمن كالسيف إن لم تقطعه قطعك... والله المستعان!
تعليقات