القدوات الإيجابية والصالحة والحقيقية في عالم اليوم!.. بقلم خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 736 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  إعمال الضمير في آداء العمل

د. خالد عايد الجنفاوي

 

ثمة سمة أخلاقية إيجابية يتفق على ضرورة وجودها العقلاء والأسوياء وتدل على إتمام العمل بشكل كامل وهي تشير إلى مستوى الرقي الأخلاقي والحضاري الرفيع للشخص الذي يزاول عملاً معيناً بدقة متناهية وبحرص ملاحظ.
يطلق أصدقاؤنا الغربيون على إتقان العمل Thoroughness وهو ميل سلوكي إيجابي يتمثل في إعمال الضمير أثناء أداء مهمة أو عمل معين, ويتجلى إعمال الضمير في أداء العمل في إتقانه وإجادته وإحكامه والايفاء بمتطلباته الأساسية من دون توقع مكافأة من الآخرين, فالإنسان السوي يحرص على دقة عمله والايفاء بواجباته وبمسؤولياته الأساسية لأن صاحب الضمير الحي يعتبر إتقانه وإنجازه لعمله بشكل كامل أمراً مجزياً في ذاته ولذاته.
يصعب بالطبع تصور أن تتطور المجتمعات الإنسانية ما لم يتكرس فيها ثقافة العمل الصادق والمتقن والحرص على إكمال العمل دون نقص, فالتحضر والتمدن والرقي الثقافي تنبع من تكرس ثقافة العمل الصادق.
يشمل إعمال الضمير في أداء العمل المناط كل أنواع الواجبات والمسؤوليات اليومية سواء في العمل الوظيفي أو في الحياة الأسرية, أو في العلاقات الاجتماعية, فالإنسان الصادق والمخلص والمتقن لعمله يمارس السلوكيات والتصرفات الايجابية في كل شؤون حياته الخاصة والعامة. يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ” ( التوبة 105). وإذا كان إعمال الضمير في أداء العمل يعتبر من الأسس الأخلاقية الإسلامية الرئيسية, فحري بالفرد السوي والمسلم المؤمن أن يحسن عمله من دون أن ينتظر مكافأة الآخرين أو أن يسعى الى لفت انتباههم.
أتقدم شخصياً بجزيل الشكر والامتنان لكل إنسان مخلص في عمله وفي أداء واجباته الوطنية, فما يحققه هذا النوع الصادق والوفي من الأفراد يخدم المجتمع ويرفع من شأن الوطن بين الأمم. الحضارة والتقدم تبدأ وتستمر بسبب وجود مجموعة مخلصة من الأفراد والجنود المجهولين الذين قطعوا عهداً على أنفسهم في إعمال ضميرهم الحي في أداء مسؤولياتهم وواجباتهم الأخلاقية والوظيفية بشكل كامل من دون أن يتطلعوا الى اشادة الآخرين, فهذا النوع من الأسوياء يعملون بإخلاص لأنهم مخلصون في فطرتهم وأوفياء في سجيتهم الطبيعية ولأنهم يربطون بين شعورهم بالسعادة والرضا النفسي وبين أداء أعمالهم على أكمل وجه.
شكراً من القلب لكل إنسان مخلص يوفي بمسؤولياته وبواجباته الأسرية والوظيفية والوطنية على أكمل وجه, فهؤلاء هم القدوات الإيجابية والصالحة والحقيقية في عالم اليوم.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك