أول فتاة كويتية تدّرس اللغة الإنكليزية بالصين
مقالات وأخبار أرشيفيةنورا الرشيد تتحدث عن تجربتها، وتنصح الشباب بالتجربة
يونيو 30, 2015, 7:07 م 7883 مشاهدات 0
* دعم والدي لي زرع بداخلي روح التحدي والإصرار على استكمال المشوار
* لم أشعر بأي تمييز ضدي كوني العربية الوحيدة بين جنسيات متعددة
* تعلمت اللغة الصينية وأدّرس الإنكليزية للأطفال الصينيين من عمر 3 سنوات
* الشعب الصيني ودود والمجتمع آمن لكن بشرتي السمراء أثارت فضولهم!
* لم ألتق عرباً أو خليجيين في شنغهاي وأغلب الوافدين هناك من ايرلندا
* لم أذهب للصين من أجل المال بل لاكتساب خبرات وإتقان تخصصي
-أفضل ما يميز المناهج في الصين الحرية وكسر الروتين والبيروقراطية
نورا أنور الرشيد نموذج ناجح لشابة كويتية طموحة، بعد حصولها على البكالوريوس من الكويت سافرت لدراسة ماستر في انكلترا، الى هنا ربما تشترك مع كثير من الشباب الكويتي في هذا المسار التعليمي، لكن المفارقة حققتها نورا في انكلترا عندما تقدمت لتدريس اللغة الإنكليزية في الصين وكانت هي العربية الوحيدة وسط جنسيات متعددة وحالفها الحظ لتميزها وتمكنها من مؤهلاتها، وبدعم من والدها هي الآن مدرسة معتمدة للغة الإنكليزية بشنغهاي بالصين ربما كأول كويتية تخوض هذه التجربة.
ان التحدي الذي خاضته نورا بدعم ومساندة والدها الأمين العام لمظلة العمل الكويتي أنور الرشيد، مثال يحتذى ومصدر فخر لكل شاب وفتاة كويتية، عندما يكون سفيرا لبلده حول العالم.
في السطور القادمة تحكي الرشيد قصة تحد بدأتها من الكويت ثم الى انكلترا ومنها الى الصين، وتطمح في الوصول الى جامعة كوريا قبل العودة الى بلدها الكويت لتكون قد تسلحت بكم من المعرفة والخبرات والمهارات يؤهلها للتدريس في جامعة الكويت.. فإلى التفاصيل:
ممكن تعرفي القراء بنفسك؟
أنا نورا أنور الرشيد، درست بكالوريوس في جامعة الخليج في الكويت، ثم قررت احضر ماستر فذهبت لنوتنجهام في بريطانيا وبعدها سافرت للصين لتدريس اللغة الإنكليزية.
ماذا درست في الكويت؟
أدب انكليزي.. وبعدما تخرجت من جامعة الخليج درست في الجامعة العربية المفتوحة.
كيف انتقلتِ من الدراسة في بريطانيا الى العمل في الصين؟
كان هناك العديد من الطلبة الذين قرروا الذهاب للصين فقررنا نتحدث الى أحد الدكاترة حيث كانت لديه علاقات جيدة في الصين، فأرشدنا الى شركة معينة تريد مدرسين لكن من أميركا أو بريطانيا أو استراليا وليس من العرب! لكنني قدمت رغم ذلك ونجحت في اقناعهم.
ألم تشعري بالتمييز ضدك كونك عربية، وكيف استطعتِ اقناعهم؟
لم أشعر بأي تمييز ولم يكن لهم من الأمر شيء لأن موضوع الفيزا صعب بعض الشيء وهم لا يمنحون الفيزا بسهولة للعربي، لكن تخصصي هو الذي أقنعهم، وخاصة أنني حصلت على الماستر، نعم ربما أكون عانيت بعض الشيء بسبب جنسيتي الكويتية لكن بعد ذلك الأمور مرت بسلام.
وماذا تدرسيّن في الصين الآن؟
أدّرس اللغة الإنكليزية للأطفال من عمر 3 حتى 8 أو 9 سنوات.
ما اللغة الأولى في الصين؟
الماندرين هي اللغة الرسمية والأكثر شعبية في الصين.
الحياة في الصين
كيف مارستي حياتك في الصين وما طبيعة المجتمع والحياة هناك؟
في البداية الحياة كانت صعبة جدا في الصين، بعكس بريطانيا التي لم اشعر فيها باختلاف لأنني أجيد اللغة الإنكليزية، وأنا أقرأ وأسمع عن الشعب الإنكليزي طوال عمري، وتعرفت على طبائعهم وحياتهم وتعودت عليها خلال دراستي هناك، لكن رغم تطور شنغهاي الا أنهم لا يتقنون اللغة الإنكليزية ولذلك وجدت صعوبة كبيرة في التعامل معهم بشكل غير طبيعي، خصوصا في أول أسبوعين قبل أن استقر، كنت أعاني كثيرا ربما لأنني ذهبت بدون أهلي وكان شيئاً جديداً بالنسبة لي، لكن اذا لم أتعود وأؤقلم نفسي فلن استمر في الصين.
هل حاولت تعلم اللغة الصينية؟
حاولت طبعاً وأخذت دورات وكانت تأتي لنا معلمة في البيت وتدرّس لنا، وتعطي لنا امتحاناً وتختبرنا، وهي اضافة جيدة بالنسبة لي وتضاف الى سجل طموحي لو أنني تعلمت هذه اللغة، وفي الحقيقة لغتهم حلوة رغم صعوبتها.
حدثينا عن طبائع وعادات الشعب الصيني؟
طبائعهم مختلفة تماما عن طبائعنا في الكويت أو المجتمع العربي وتقاليدهم أيضا، وللآن متمسكين بتقاليدهم رغم أن شنغهاي متطورة وهذا شيء جميل، لكن كان لدي تحدٍ في اكتشاف هذا العالم الجديد وأريد أن أتعلم واعرف، فانا منذ البداية لم أكن أرغب في الذهاب الى بريطانيا وأميركا لكن كنت أريد شيئاً جديداً وصعباً والحمد لله كانت تجربة جيدة.
هل التقيتِ بخليجيين في الصين؟
العربي الوحيد الذي تعرفت عليه في مطار شنغهاي عند عودتي للكوت كان شاباً فلسطينياً عرفني هو على نفسه وسألني حضرتك من وين وكان قد مر عام لم أتحدث مع أحد بالعربية ، يقولون أن هناك عربا في مدن أخرى غير شنغهاي لكنني في شنغهاي وجدت أجانب من ايرلندا وغيرها ولم أجد أحدا من الخليج أو من دول عربية أخرى.
حفاوة وترحاب
هل شعرتِ برفض أم ترحيب من الصينيين وكيف تعاملوا معك؟
لا ترحيب ولا رفض لكن فضول للاستفسار عن لوني ! لون بشرتي مختلف عنهم بعض الشيء فهم يغلب عليهم اللون الأبيض الفاتح وأنا بشرتي سمراء بعض الشيء مما أثار فضولهم وخاصة الكبار في العمر دائما يسألون أنتِ من أين؟ وماذا تفعلين هنا؟ لكنهم لا يرفضوننا بل يرحبون بالأجانب عموما، والحفاوة تكون بشكل أفضل في المدن الصغيرة التي بها عدد كبير من الأجانب، لمست هذا جيدا حين تطوعت في مرة للذهاب ببعض الطلبة في رحلة ترفيهية للجبل ووضعنا خيماً بالجبل وكانت تجربة مذهلة أضافت لهم بعض الكلمات الجديدة عن عيد الأم وكيفية التعبير عن الحب للام.
هل المجتمع الصيني آمن؟
نعم والكل يساعد الآخر باحترام متبادل، نعم بعض طبائعهم مختلفة ولكن لم أشعر ولو مرة أنني لا أعيش في أمان، بالعكس سمعت عن جرائم في الكويت لم أسمع عنها هناك، ونحن لو خرجنا نكون صحبة والناس هناك ودودين.
ماذا عن الشركة التي تعملين بها والتي تعاقدت معكم في بريطانيا؟
هي شركة من تايوان وعندهم مدرسون صينيون، لكن في نفس الوقت يريدون مدرسين أجانب، وفي الفصل عندي يوجد مدرسة صينية تساعدني، أنا قدمت الأوراق المطلوبة وتم قبولي، وعندما وصلت الصين كان لابد من الذهاب لهونغ كونغ لعمل عقد لسنة كاملة وساعدوني كثيرا وتكفلوا باجراءات الفيزا والاقامة.
هل راتبك في الصين يعادل ما كنتِ تأخذينه في الكويت؟
الراتب هنا في الكويت كبير طبعا وليس هناك وجه للمقارنة ولكنني لم اذهب لذلك، انا ذهبت لاكتساب خبرات ومهارة واتقان تخصص وتعلم أشياء جديدة في الحياة، قد يكون أفضل شيء في الصين من الناحية المادية انك تستطيع أن تدخر أموال لأن مصاريف الحياة هناك ليست غالية مثلنا هنا، فليس هناك سيارة والأكل بسيط والسوبر ماركت ليس غالياً، والايجار رخيص.
من يعيش معك هناك؟
صديقة من كيب تاون في جنوب افريقيا، اسمها جانيس وعلاقتي معها جيدة جدا نتناول وجباتنا مع بعض ونذهب للمدارس ونعود مع بعض.
رسالة إلى الشباب
تجربة ثرية وجميلة فعلا، هل هناك رسالة تريدين ايصالها للشباب والبنات من جيلك؟
رسالتي لهم أن يخوضوا تجارب لم يفكروا فيها من قبل ولو مجرد تفكير، وأن يجربوها ولا يخافوا ، فقبل سنتين من الآن لم أفكر مرة أن أذهب للصين أو لأي بلد ثانٍ للتدريس فيه، وكانت خطتي أن اعمل ماجستير ودكتوراه ثم أعود للكويت وادرس هنا فقط لكنني قلت لما لا أجرب شيئاً جديداً وأتحدى نفسي واثبت أنني استطيع أن افعل ذلك؟!
وباختصار أقول لهم لما لا تتحدون أنفسكم؟ خاصة اذا كنت موهوباً وصبوراً تجاه موضوع ما كالتدريس وهناك بلاد تحتاج لمدرسين فلما لا؟! جربوا شيئاً جديداً ولا تخافوا منه، وابدأوا بأناس يثقون فيكم ويدعمونكم.
وماذا تقولين للموظفين الشباب؟
أقول لهم لا تخافوا من المستوى المعيشي لأن مستوى المعيشة هنا أرقى، وهذا ما كنت أفكر فيه أنا أيضا قبل السفر من انخفاض مستوى معيشتي، لكن قلت لنفسي لابد أن أتعود فلو تعودت سأقترب من كل شيء وأعرف طبائع مختلفة، حتى الصينيين لو جاءوا للكويت سيتعجبون كيف نعيش هنا؟ ولذلك لابد أن تدرك عقولنا أن مستوى المعيشة مختلف واذا كنت تريد أن تجرب شيئاً جديداً فعلا فأذهب للصين.
حدثيني عن تجربتك في الوظيفة الحكومية قبل سفرك لبريطانيا؟
أنا جربت الوظيفة الحكومية وشعرت أنها أخذت كل طاقتي وكل تفكيري لكن بطريقة غير جيدة! فلم أشعر أنني أريد أن اذهب للدوام اليوم، أما في الصين فأنا استأنس بالعمل ربما لأن التلاميذ صغار أو ربما لأنني اشعر أني أعلمهم شيئاً جديداً وهم أيضا يريدون أن يتعلموا؟!، فالشعب الصيني شغوف على العلم حتى أخر يوم في حياته، وهذا الشيء كان حافزاً جيداً بالنسبة لي وزاد من رغبتي في تعليمهم، وحب العمل وخوض التجربة بتحد وصبر وأنا الآن اخطو بثبات ونجاح في التجربة ولله الحمد.
هل منهج الإنكليزي الذي تدرسيه في الصين يختلف كثيرا عن المنهج الكويتي؟
مدرستي تستقبل الأطفال من سن 3 حتى 8 سنوات والمنهج لا أعرف ان كان يتفق مع المنهج الكويتي أم لا لأنني كنت أدرّس هنا للمتوسط، لكني أدرّس هناك في مدارس تدريبية حيث يحضر فيها التلاميذ بعد أداء يومهم الدراسي والعدد في الفصل لا يتجاوز من 15 الى 20 طالباً في المتوسط، والمناهج نفذتها شركة نشر متخصصة وهي مناهج خاصة بهم مختلفة عن مناهج الصينين وهو شيء جيد بالاضافة الى أنني أملك الحرية أن أعلمهم ما أريد.
حرية المناهج
ما أبرز ما يميز هذه المناهج؟
الحرية.. عندك الحرية خلال ساعة ونصف أن تفعل معهم أي شيء تريده، في عيد الأم مثلا كان مطلوب مني أن أعلّمهم مفردات خاصة بالمناسبة، ولأنني أملك قدراً من الحرية قررت أن أعطي كل طالب كارت يكتب به كلمة بالإنكليزية لأمه ، وعلمتهم أغنية اسمها حكاية الأم وطلبت حضور الأمهات واحتفلنا بهم والتقطنا صوراً جماعية معهم، وعلقنا الصورة في صالة الاستقبال في المدرسة، فلدينا الحرية أن نعمل أي شيء المهم أن نعلمهم أشياء جديدة ومفيدة بأي طريقة.
هل الثقافة العربية تؤثر في أسلوب تدريسك أم أن هناك أسلوباً معيناً يفرض عليك من الشركة؟
المطلوب مني لابد أن أقدمه، لكن علاقتي مع الأطفال جيدة وهم قريبون جدا مني أكثر من المدرسين الصينيين أو الأجانب وعلاقتي مع أهاليهم أيضا جيدة، وهذا هو الأسلوب السحري لأن تكون سفيرا لبلدك وثقافتك وتجعل الآخرين يحبونك ويتقربون منك ويقبلون منك العلم والمعرفة وهم سعداء.
هل تتابعين أخبار الكويت من الصين؟
وأنا صغيرة كنت أتعجب وأسأل أبي لماذا تسمع وتشاهد الأخبار؟ فهي مملة! لكن عندما ذهبت لانكلترا وكان عندي وقت أكثر ولابد أن أتعلم ثقافتهم أصبحت أشاهد الأخبار باستمرار حتى وأنا أدرس فتعودت وأخذت هذا الطبع معي في الصين، فصرت أعرف أخبار الكويت من نشرات الأخبار الإنكليزية!
هل لديكِ طموح بعد تجربتك الناجحة في الصين؟
قالت ضاحكة.. والدي ربما يضرني عندما أفجّر هذه المفاجأة أنا أريد أن أقدم على وظائف في الجامعة الكورية لأن مستوى المعيشة هناك أفضل، خصوصا أنني الآن لدي شهادة خبرة وعندي الماستر وشهادة تدريس بالإنكليزية وأصبحت قادرة على التقدم للتدريس بالجامعات الكورية وان شاء الله يحالفني الحظ.
طموح عابر للقارات
لماذا جامعة تايوان، لماذا لا تكون جامعة الكويت أو الخليج التي تخرجتي فيها؟
التدريس في الكويت حلم حياتي ولكن ليس الآن، ان شاء الله بعد الدكتوراه وحتى أكون قد اكتسبت من الخبرات ما يؤهلني لتقديم شيء لبلدي الحبيب الكويت.
تعلمتي في الكويت وبريطانيا وتُدرسين في الصين الآن هل من مقارنة مختصرة للتعليم بين الثلاث دول؟
من ناحية التدريس اشعر أنني كلما درّست للطلبة في الصين كلما تعلمت شيئاً جديداً، وهذا أهم شيء بالنسبة لي، والشيء الوحيد الذي لا استطيع نسيانه أن النظام هنا في الكويت نفس النظام وبالعكس كلما حاولت أن أجرب شيئاً جديداً مع الطلبة رفضوا لأنهم لا يريدون اضافة أي شيء جديد ، لكنني كنت أريد شيئاً أكبر.
أنور الرشيد: فخور بـنورا لنجاحها في التحدي الصعب
حضر والد نورا جزءاً من اللقاء وآثرنا الا أن نسجل شهادته ومدى سعادته وفخره بابنته، قال: شاءت الصدف أن تكون جينات العائلة جينات أدبية، لجدها عبدالعزيز الرشيد وسامي المنيس وعمها الشاعر يعقوب الرشيد، ونورا أيضا تكتب قصصاً ومهتمة بالأدب الإنكليزي ومستمتعة جدا بهذا المجال.
في الحقيقة عندما ذكرت لي أن لديها فرصة للتدرس في الصين لم أتردد لحظة واحدة، لثقتي في كفاءتها أولا ولأنني اعرف أنها قادرة على التحدي، وأنا ربيتهم على التحدي فقد كنت كل يوم وأنا ذاهب بهم للمدرسة أعلمهم: ثلاث كلمات لابد ألا يكون لها مكان في قاموسكم ما أقدر وصعب وبغيت وهي اختارت أن تواجه التحدي والحمد لله واجهته وأنا اليوم أفتخر بيها ليس لأنها ابنتي ولكن حتى لو كانت أي بنت كويتية تحدت كل العقبات وذهبت للصين رغم أنها شابة فبلا شك هي مصدر فخر لأي كويتي محب لهذا الوطن.
كوريا بعد الصين وقبل الكويت
تجربة ثرية ونموذج جميل للشباب الكويتي الطموحي، في مناخ أسري أدبي ان جاز التعبير نشأت نورا الرشيد وتعلمت من والدها قيم التحدي ومواجهة الصعاب، ونجحت الى حد كبير في خوض غمار تجربتها التي لن تكون الأخيرة في سلم طموحاتها، على حد قولها، حيث تفكر في الالتحاق بالجامعة الكورية لمزيد من كسب الخبرات قبل عودتها للتدريس في الكويت. نورا أنور الرشيد، حفيدة الشيخ عبدالعزيز الرشيد (1887-1938) الذي كان من رموز زمانه في العلم والانفتاح ومن دعاة تعليم المرأة والدعوة للعلم الحديث والتنوير والاستفادة من الأمم المتقدمة، وقد جاب في سبيل العلم والتعليم الدنيا من الزبير وبغداد ومكة والقاهرة والاحساء والبحرين وحتى سنغافورة وأندونيسيا التي توفي ودفن فيها. وكان أول مؤرخ كويتي كتب تاريخ الكويت عام 1926 وأصدر أول مجلة كويتية هي مجلة الكويت عام 1928م. وجدها الآخر سامي المنيس وعمها الشاعر يعقوب الرشيد، رحمهم الله.
تعليقات