علي البغلي يكتب عن القانون الذي داس ببطن الدستور!
زاوية الكتابكتب يونيو 25, 2015, 5 ص 708 مشاهدات 0
القانون الذي داس ببطن الدستور!
لا أدري ما سر الاستعجال الحكو - نيابي في إقرار كثير من القوانين الخطيرة مؤخراً، في سرعة قياسية غير مسبوقة؟! فإذا كنا نعاني من فراغ تشريعي بناحية ما «فالهون أبرك ما يكون»، فالقوانين يجب أن تناقش بتؤدة وتأن في أروقة الحكومة ولجان المجلس، والصحافة والمختصين، وجمعيات النفع العام ذات الصلة، حتى يعرف المرء مزاياها ومثالبها.. فالقانون لا يجوز تمريره وتطبيقه على البشر، من دون سابق إنذار أو توعية!
لذلك، نتساءل أين التوعية في قانون مثل قانون الجرائم الإلكترونية الذي يمس معظم أفراد المجتمع في الكويت؟! الذي أقر في غمضة عين، من دون نقاش ولا توعية! ذلك أن هذا القانون داس في بطن عدة مواد من أهم مواد الدستور، ومنها المادة 30 التي تنص على «أن الحرية الشخصية مكفولة»، ليأتي هذا القانون ويجعل كل المواطنين في مواجهة الأجهزة الحكومية – وكثير منها غير مؤتمن؟! وهذا القانون، أيضاً، انتهك نص المادة 39 من الدستور التي تنص على أن «حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة الرسائل أو إفشاء سريتها إلا في الأحوال المبيّنة في القانون والإجراءات المنصوص عليها فيه». ولم يمر على ذهن المشرّع الدستوري حجم الانتهاك الذي سيتم باسم القانون، الأمر الذي شرعه قانون الجرائم الإلكترونية؟! فذلك القانون المعيب، الذي أقر بمداولته منذ أيام بموافقة (مع الأسف) 33 عضواً، ورفض 12 نائباً، وامتناع نائب، يتيح - أي القانون - تسجيل المكالمات والمحادثات - البيبي محفوظ، الواتس أب مراقب، وتويتر مراقب، وفيسبوك مراقب، أي بالعربي الفصحى كما ورد بإحدى الرسائل الشاجبة للقانون كل أرقامنا مراقبة؟!
***
ونحن هنا لا ندعو أن تكون الأمور «سبهللة» وغير منضبطة، ولكن نعتقد أن لدينا من القوانين الضابطة لأمر الجرائم الإلكترونية ما يكفي مع بعض الإضافة والتعديل.. فقد أدين عشرات المستخدمين لوسائل الاتصال الاجتماعي الحديثة بالسجن لسنوات.. وذلك بموجب قوانيننا الحالية، فإذا ما تعرض لي شخص بالسب والقذف، فبإمكاني تقديم شكوى ضده، كما أن بإمكان السلطات العامة، أو أي شخص يشهد أقوالاً منسوبة لشخص تشكل أركان جريمة تعاقب عليها القوانين الجزائية، فبإمكانه التقدم للجهات المختصة من نيابة وقضاء، وهو الأمر الذي تم مؤخراً عشرات المرات وأدين وبُرئ بموجبه عشرات الأشخاص، فما الداعي والمبرر لانتهاك خصوصيات الأفراد والأشخاص والأسر بسبب أو من دون سبب من قبل رجال السلطة العامة - الذين رأينا من معظمهم تجاوزات تنوء عن حملها الجبال، فهم بالأول والأخير بشر - يحملون بين جنباتهم نزعات خيرة وأخرى شريرة! إننا نعتب في المقام الأول على النواب الذين صوّتوا على هذا القانون الخطير من دون نقاش أو تعمق.. ونقول لهم إن ذلك منكم يعتبر سقطة، نتمنى أن تتداركوها قبل فوات الأوان، فقد داس قانونكم في بطن أهم مواد الدستور، وانتهك حقوق كل المواطنين بمن فيهم أنتم؟!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
علي أحمد البغلي
تعليقات