انتشار الفساد والرشوة محصلة لـ'التيه القيادي'!.. برأي تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 494 مشاهدات 0


الراي

وجع الحروف  /  في رمضان.. عن ماذا نكتب؟!

د. تركي العازمي

 

مبارك عليكم الشهر وتقبل الله طاعتكم وهدانا الله وإياكم إلى سواء السبيل... وأدعو المولى عز شأنه أن يرحم العم هادي هايف الحويلة وجميع موتى المسلمين.

في رمضان... عن ماذا أكتب؟، لسبب أو لآخر تتضارب الأفكار وتتزاحم وكل فكرة تقول «الزود عندي» لكن أعتقد بأن ما جاء في الصفحة الأولى من جريدة «الراي» عدد الجمعة هو ما كسب الرهان!

الخبر المنشور معنون بـ«الكويت على مؤشر الرشوة والفساد... مخاطر عالية»!

وتقول افتتاحية «الراي» (هدانا الله جميعا«)، والتي بينت خطر الانفرادية والتعصب إليها عند الخوض في عملية الإصلاح المرجوة.

مؤشرات الفساد والشفافية تصدر من مؤسسة الشفافية العالمية وفي العقد الأخير شهدت الكويت تراجعاً في مؤشر الشفافية وتقدماً في مؤشر الفساد... ونحن على ما نحن عليه مرددين العبارة المشهورة اجتماعيا»الله لا يغير علينا«!

أولا الفساد والرشوة لم تأتِ ولم تكتشف من باب الصدفة... إنها عملية جماعية نحن جميعاً شركاء فيها وسبب»سكوتنا«والصمت الغريب المتبع للتغيرات التي طرأت في إدارة شؤوننا جعل سمة الفساد والرشوة كسلوك متبع ينمو دون تحرك إصلاحي.

إن الإصلاح عمل مؤسسي بمعنى أنه عمل جماعي وقد صنف البروفيسور هوفستيد في دراساته حول ثقافة المجتمعات وأبعادها المجتمع الكويتي على أنه من ضمن المجتمعات التي تعمل وفق ثقافة»الجماعية«collectivism وهي ثقافة خطيرة حيث تشير إلى أن الفرد ضمن مجموعة يعبر عن رأيه ويجد الدعم من المجموعة بينما ثقافة العمل الانفرادية Individualism المتبعة في المجتمعات الغربية فهي التي يعبر عنها الفرد بكل أريحية وإن تلاقت أفكاره مع المجاميع الآخرى تم تبنيها بغض النظر عن المجموعة التي ينتمي إليها.

هذا هو قول البروفيسور هوفستيد في أبعاد ثقافة المجتمعات إضافة إلى ما قاله عن مسافة النفوذ Power والتي صنفت مجتمعنا ضمن المجتمعات العربية على أن المسافة بين القيادي والأفراد التابعين له بعيدة وهم لا يعلمون عن ماذا يفكر وكيف يفكر وما هي إستراتيجيته و... إلخ.

أنت لو سألت موظفاً بسيطاً يعمل في مؤسسة عامة أو خاصة عن إستراتيجية عمل المؤسسة والأهداف المرجوة وطريقة تحقيقها من خطط وخلافه... فلن تجد الإجابة؟

إذن٬ نحن نعمل بشكل انفرادي وهو نموذج يعزز انتشار الفساد والرشوة كمحصلة لـ»التيه القيادي«الذي نعيش صوره بشكل واضح وصريح.

لذلك٬ نصاب بالحيرة عن ماذا نكتب؟

كم هائل من المقالات كتبناها ونشرت في»الراي«منذ سنوات مضت حتى وقت قريب، وهذا المقال من ضمنها لكن يبدو أن أصحاب القرار لا يقرأون ما يكتب ولا يجيدون قراءة أحداث التاريخ مؤسساتياً واجتماعياً ناهيك عن خطورة ضعف المستوى القيادي الملحوظ!

الفساد ترعاه مجاميع وبما أننا في رمضان ندعو الله أن يهدينا إلى سواء السبيل ونذكرهم بقوله تعالى»وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا'!

يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي هذا ليس قولي ولا هو اجتهاد مني إنه قول رب عزيز جبار كريم غفور والتاريخ سطر لنا الأمثلة لكن مع شديد الأسف... لا نتعظ!

مما تقدم٬ ندعو كل صاحب قرار أن يتعظ فكم من حبيب كان بيننا في رمضان الماضي اليوم تحت التراب، ولم يتبق لديه سوى عمله الذي يعود تقييمه لرب عادل غفور رحيم والله يهدينا وإياكم سواء السبيل والحديث يطول في هذا الجانب... والله المستعان!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك