المدرسة الصوفية السبتية: التاريخ والاعلام والمؤلفات

منوعات

24054 مشاهدات 0


تحت رعاية ملك المغرب محمد السادس، نظمت مؤسسة لسان الدين ابن الخطيب بمدينة شفشاون  خلال الفترة من 14-16 مايو 2015 ندوة دولية حول موضوع ( المدرسة الصوفية السبتية : التاريخ و الاعلام و المؤلفات ) حيث تم من خلال الندوة الوقوف على أوليات و مفردات هذه المدرسة، و التي أصبحت نموذجا يقتدى فيما ابتكرته وسطرته أقلام أعلامها،
حيث أنجبت شخصيات صوفية مغربية سبتية ذاع صيتها في عيون المؤلفات، نثرا ونظما وأصبحت مراجع للشرق و الغرب و تناقلها الرواة .
وتذكر المصادر التاريخية أن مدينة سبتة كما اشتهرت بالصدارة و الريادة في علوم العربية والطب ، خصوصا في عهد الدولة المرينية، فقد اشتهر علمائها بالتردد على عاصمتهم العلمية –الكبرى- مدينة فاس و مجالسة مشايخها في هذا الشأن، كما تذكر كتب التراجم وبرامج المرويات وفهرسات العلماء في إجازاتهم و مقروءاتهم مثل : 'الغنية' للقاضي عياض و'وفيات الونشريسي' و' فهرسة السراج' وأمثالها . وبمراجعة سريعة لكتاب :'الكوكب الوقاد ، فيمن حل بسبتة من العلماء و الصلحاء و العباد' لمؤلفه القاضي محمد الحضرمي لكافية للوقوف على ذلك .
وكما هو معلوم أن المدرسة السبتية عرفت نماذج مختلفة من التصوف،فمن متصوفتها من كان يحافظ على التصوف المضبوط بظواهر الكتاب و السنة، ومنهم من يجمع بين العلم والمكانة الاجتماعية المرموقة إلى جانب التقشف والزهد ، كما نجد منهم أدباء تركوا لنا شعرا صوفيا رقيقا .

كما تسجل كتب التاريخ، أن المدرسة الصوفية السبتية عرفت واحتضنت رجالات أقطاب كثر، كأبي مدين الغوث (520-594)و الذي يعود أصله إلى أحواز إشبيلية ، و كذا الشيخ العارف عبد السلام بن مشيش(ت625ه) الدائع الصيت، الذي يروى بأنه كان معلم كتاب بسبتة ، و من تم استطاع أن يعمل على غرس بذور التصوف في نفوس تلامذته السبتيين ، وسبتة هي التي أنجبت
الشيخ أبي العباس السبتي (524_601ه)المعروف الحال ،تلميذ أبي عبد الله بن الفخار السبتي ، و ابن سبعين الشخصية الصوفية المتفلسفة ،و غيرهم مما ذكروا بكتب التراجم و الفهارس و المشيخات، وكالقاضي عياض السبتي صاحب كتاب الشفا و الذي لولاه لما عرفت سبتة المغربية و أخياتها بالغرب الإسلامي عموما. هؤلاء و غيرهم ،عملوا على مد جسور الإفادة و الاستفادة بين الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب .

ومن خلال هذه الندوة تم تسليط مزيد من الضوء على هذه المدرسة الضاربة في أعماق التاريخ المغربي ، انطلاقا من النبش في ذاكرتها التاريخية ، و التعرف أكثر على رجالاتها الكبار  وعلى إنتاجاتهم المتنوعة و العديدة ، و ما تتميز به من خصائص و مميزات كالوسطية و الاعتدال والبساطة و المرونة، و مستحضرين مدينة سبتة الماضي قبل احتلالها ، ووصلها بالحاضر ومحاولة إحياء مجالسها الدينية التي أثبت التاريخ نجاحها في تهذيب السلوك و الأخلاق و زرع بذور المحبة وربطها بباقي المدن المغربية ، و كذا إحياء مؤلفات علمائها و إنقاذها بتحقيقها و طبعها و توزيعها. لاسترجاع ما ضاع من الذاكرة الصوفية السبتية  القديمة .

 وقد تناولت الندوة محاور ثلاثة هى :ـ تاريخ المدرسة الصوفية السبتية وأعـــلام المدرسة الصوفية السبتية ومؤلفات المدرسة الصوفية السبتية .
وكان من بين أهداف الندوة تسليط الضوء على أهمية أعلام سبته القدامى ومؤلفاتهم في مجال التربية الدينية والسلوكية الوسطية المعتدلة السنية المنهج .
وقد شارك في الندوة مجموعة من العلماء و المؤرخين و المهتمين  كما شارك في تنظيمها كل من : المنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و الثقافة 'الإيسيسكو' والمجلس العلمي المحلي لمدينة الشاون والزاوية الريسونية بشفشاون .

وفي نهاية ايام انعقاد الندوة  دخل المشاركون لمدينة سبته دخولا رمزيا وتفقدوا العديد من المعالم  الحضارية الأسلامية المرينية .

كما جاء في فقرات البرقية الملكية التي تليت امام الحضور والتي تلاها المدير العام للندوة الاستاذ الدكتور حميد لحمر ان المتدخلين ركزوا في مداخلاتهم على إظهار أهمية مؤلفات علماء مدينة سبتة ، وما تميزت به هذه المؤلفات من وسطية واعتدال وان الضرورة تستدعي الاعتناء بها وان شهادات المتدخلين أكدت بالتفوق الكبير لرجالات هذه المدينة بالتأليف  في مجال السلوك والاخلاق والتربية الدينية ،واهمية المؤلفات القيمة التي ابتكرتها ، كما بين المتدخلون ان الموروث الثقافي السبتي يعتبر مكسبا رئيسيا للروابط التاريخية بين مدينة سبته والمغرب .

وخلص الجميع في الأخير الى انه ليس الجغرافيا وحدها التي تشهد بمغربية سبتة ، فتاريخ المدرسة الصوفية السبتية وتراثها الصوفي وإعلامها يعد ناطق بهذا  الانتماء الأزلي لهذه المدينة الى امتدادها المغربي .

‏‫ وقد صدر عن الندوة العديد من التوصيات من أهمها :

الدعوة لنشر جهود علماء سبتة وإشعاعها بين الشباب والتعريف بها بمؤسسات التعليم والبحث .

تكريم الشخصيات العلمية الأكثر خدمة للتراث بمدينة سبتة.

اعتبار الموروث الثقافي السبتي مكسبا رئيسيا للروابط التاريخية بين مدينة سبته والمغرب .

إظهار أهمية مؤلفات علماء سبته وما تتميز به هذه المؤلفات من وسطية واعتدال .

تكوين لجنةلمتابعة سبل تفعيل علاقة مؤسسة لسان الدين ابن الخطيب بالمهتمين بالمذهب المالكي بالتراث الصوفي في سبتة .

 

بقلم/ نايف شرار

بقلم/ نايف شرار

تعليقات

اكتب تعليقك