لئن يُخطئ القاضي بالعفو خير من أن يُخطئ بالعقوبة!.. يكتب عبدالعزيز الفضلي
زاوية الكتابكتب مايو 20, 2015, 1:04 ص 4083 مشاهدات 0
الراي
رسالتي / قاضي الأرض.. وقاضي السماء
عبد العزيز صباح الفضلي
من أخطر وأصعب المهن والمناصب أن تكون حكماً أو قاضياً بين المتخاصمين، لأنك معرّض لإصدار حكم بغير الحق إما لهوى أو لمصلحة أو ترغيباً من طرف أو ترهيباً من آخر، ولذلك أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن «القضاة ثلاثة اثنان منهما في النار».
ويقول الله تعالى «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل»، فيدعونا سبحانه للعدالة في الحكم ولو كنا نكره أحد الطرفين، أو بيننا وبينه خلاف سابق أو خصومة، «ولا يَجْرِمَنّكم شنآن قوم على ألّا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى»، والشنآن هو العداوة والبغض، وقد نزلت هذه الآية في تحذير المسلمين من الجور في الحكم حتى ولو كان الخصم كافرا، ومن باب الأولى أن يكون التحذير في إيقاع الظلم على المسلمين.
الأشرف لأي حَكَم أو قاضٍ إن شعر بعدم القدرة على الحكم بعدالة أن يتنحى عن القضية، لأنه سيقف يوم القيامة بين يدي الله تعالى فيحاسبه على ما أصدر من أحكام، وساعتها لن ينفعه حاكم ولا صاحب نفوذ «إذ تبرّأ الذين اتُّبعوا من الذين اتَّبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب»، ويقول سبحانه «ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا».
أخطر ما في الأحكام عندما يترتب عليها إتلاف النفس بالقتل أو الإعدام، ولئن يُخطئ القاضي بالعفو خير وأولى من أن يُخطئ بالعقوبة.
يقول عبدالله بن عمر: «إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها: سفك الدم الحرام بغير حق».
إذا جار الوزير وكاتباه... وقاضي الأرض أجحف في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل... لقاضي الأرض من قاضي السماء
الموت في سبيل الله
طُعن أحد الصحابة برمح فصاح: «فزت ورب الكعبة» فهذه الضربة ستوصله إلى الجنة بإذن الله تعالى وهذا وعد من الله ورسوله لمن قُتل في سبيل الله.
كثير من الشباب المسلم يرفع شعار: «الموت في سبيل الله أسمى أمانينا»، فإذا ما حكم عليه بالإعدام أو تم تطبيقه بالفعل بسبب وقوفه في وجه الظلم فإنها خدمة يقدمها ذلك القاضي لهذا الشاب لأنه يحقق له أمنية طالما تمنّاها.
لكن ذلك القاضي سيحمل في رقبته ذنب نفس أُزهقت بغير وجه حق، فكيف سيقابل ربه بوزرها؟
من أصابه الضّر بسبب وقوفه مع الحق في وجه الظالم فليتذكر قول الله تعالى: «إن يمسسكم قَرحٌ فقد مسّ القومَ قَرْحٌ مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين»
وكم أعجبني شموخ بعض من حكم عليه بالإعدام، وابتسامته التي أغاظت أعداءه وكأن لسان حاله يقول:
وتجلّدي للشامتين أُريهم... أني لريب الدهر لا أتضعضع
تعليقات