بداية انهيار أي مجتمع تكون في سيادة الغوغاء!.. برأي صالح الشايجي
زاوية الكتابكتب مايو 18, 2015, 12:33 ص 535 مشاهدات 0
الأنباء
بلا قناع / الدولة والجُهال
صالح الشايجي
بداية دبيب الفوضى في أي بلد من بلاد الأرض، هي في تدخل الفرد باختصاصات الدولة، ومحاولته تطبيق نظامه الخاص ورأيه وفكره على غيره من الناس، أيا ما كانت حججه وذرائعه، حتى وإن بدت تلك الحجج والذرائع ذات قيم براقة تستهوي البعض من الناس ويرون صحتها ووجوب تطبيقها.
ألاحظ أنا وكثيرون غيري، ضيق أفق وضيق صدر عند بعض الناس من المتحاورين أو المتجاورين في الحياة أو في وسائل الاعلام أو حتى وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا الفريق من الناس ضيقي الأفق أو ضيقي الصدر، يحاولون زج المناقضين لهم بالرأي في دائرتهم الفكرية المحدودة، ولا يسمحون لهم بالتعبير عن آرائهم بحرية، بل يعتبرون مجرد التعبير عن الرأي، جريمة فيها ألف نظر ونظر.
بحكم سنوات عمري التي عشتها فإني أرى هذا الأمر مستجدا على مجتمعاتنا، ومما يؤسف له أنه يتفشى ويزداد انتشارا ويجرف اليه كثيرا من بسطاء الناس وممن لا يملكون زادا فكريا يعينهم على فرض سلطتهم على الآخرين، لاسيما أن هؤلاء الآخرين مستنيرون ومثقفون وأصحاب رأي وفكر وعلم ومعرفة.
وبداية انهيار أي مجتمع تكون في سيادة الغوغاء على أصحاب العقول النيرة وعلى مفاصل الحياة في المجتمع بشكل كلي.
إذا ما تباطأت الدولة - أيّ دولة - يسود فيها مثل هذا الوضع ويحاول الجهال فيها التدخل في خصوصياتها وتخصصها في تطبيق النظام والقانون، فإن هذه الدولة تمهد لخرابها ودمارها وتحول شعبها الى سجناء مقادين بلا إرادة ولا حماية.
وبقدر ما تهمّني الدولة بما تمثله من حراسة للمجتمع وأهله من خلال القوانين التي ترتب الحياة فيها، فإنه يهمني أيضا أن أتوجه للناس والأصدقاء منهم على وجه الخصوص، فإن سمعتم آراء تتصادم مع ما استقر في نفوسكم مما تعتقدون بصحته في أي أمر من الأمور، فلا تضق صدوركم وافتحوا آذانكم وعقولكم للرأي المخالف، وإن لم تقتنعوا - ولن تقتنعوا - فلا تحاولوا إسكات أصحاب الآراء المخالفة ودعوهم يعبرون عن آرائهم بحرية كاملة دون تشكيك وتخوين وتهوين لهم، وأبقوا على علاقتكم وصداقتكم بهم، فأنتم لا تعلمون متى ستتحولون الى آرائهم وتعتقدون بما يعتقدون.
اجعلوا من حريّة الإنسان هدفا لكم، تصحّوا.
تعليقات