التسامح وقبول الآخر هو جوهر الديموقراطية!.. ناصر المطيري مؤكداً
زاوية الكتابكتب إبريل 15, 2015, 1:10 ص 561 مشاهدات 0
النهار
خارج التغطية / 'تربية' الكراهية في المجتمع
ناصر المطيري
تخرج علينا بين حين وآخر بعض الأصوات النشاز تبث ما في جوفها من غل وكراهية للآخر، أشخاص في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا، جاهليون بأثواب العلماء، عنصريون حاقدون على كراسي المسؤولية يصنفون المجتمع وأبناء الوطن الواحد، يعملون على «تربية» الكراهية، يوزعون صكوك الولاء والوطنية حسب أهوائهم وللأسف لا رادع لهم ولا مانع.
لقد حاول البشر طوال التاريخ تحدي النزوع الى الكراهية سواء بالقوة أو بالقانون أو بالنصيحة أو بحسن الأخلاق، أو عن طريق اشاعة المشاعر الايجابية كالحب والصدق والشفقة والتكاتف، الا أن مرضى القلوب وضعفاء النفوس موجودون في مجتمعات تغذي ميولهم العدوانية الكثير من المشارب كالجهل والتسلط أو المصالح التي تقوم بتغذية خطاب الكراهية وتوزيعه على الآخرين دون رادع (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر).
التحولات الديموقراطية في البلاد المختلفة غذت خطاب الكراهية بهذه الدرجة أو بتلك، في هذا المجتمع أو ذاك، وقد أحدث التنافس الذي هو سمة من سمات الديموقراطية ارتفاعا في خطاب الكراهية، خاصة في المجتمعات التي لم تحدد قانونا واضحا لمساحة التنافس بين الأفراد والجماعات. في بلاد أخرى يقنن التنافس الديموقراطي وتوضع له شروط وآليات تمنعه من الوصول الى الكراهية الفظة.
جوهر الديموقراطية هو التسامح وقبول الآخر وهو جوهر ديني وأخلاقي بالدرجة الأولى، يتمثل بالحوار الحضاري، كما أن الدين والأخلاق يعليان من الكرامة الانسانية وتضعانها موضعاً متقدماً، والكراهية تحط منها. لقد اصبح اليوم هناك ما يسمى بـ «صناعة الكراهية» وهي صناعة تتدخل فيها الحرب القولية والافتراء على التاريخ بل وتزييفه بين الجماعات المختلفة، وما ان تدخل الكراهية في مجتمع حتى تمزقه إربا والى شيع وجماعات متنافرة ومتضادة.
ومنذ أن تجرأ الانسان على تزييف التاريخ واتسعت مساحة الكراهية باسم الدين تارة والقومية تارة أخرى والوطن تارة ثالثة، وأكثر حروب الكراهية هي التي ترتكب باسم الدين، فقد دخل البروتستانت والكاثوليك في حروب دموية بالغة القسوة حتى تكرست الكراهية بين الاجتهادين وامتدت لعصور طويلة، وهي أيضا اليوم تستخدم لتمزيق الشعوب في منطقتنا العربية من خلال تقسيم سياسي وطائفي يبث سمومه بين الناس ويشيع بين الجهلاء والمستفيدين سياسيا. يزداد الأمر سوءا في الاستخدام السلبي لوسائل الاتصال الحديثة وخاصة ما يسمى الاعلام الجديد الممتد عبر الانترنت والذي يستخدمه البعض استخداما سلبيا للغاية من أجل بث شعور الكراهية ونبذ الآخر المختلف بل واطلاق الاشاعات التي تساعد على توسيع رقعة الكراهية بين الناس، من هنا فان التسامح الذي حضت عليه القيم الكبرى والدين الاسلامي أصبح مسألة جوهرية في حياتنا السياسية والثقافية، بل أصبح حاجة ماسة وضرورة حياتية فهي فرض عين لا فرض كفاية، فقد تبين لكل عاقل أن التسلط والكراهية والاستكبار والغاء الآخر وادعاء الأفضل، كلها أشكال من الكراهية أوصلت البشرية الى تصرف قريب من الحيوانية وأسالت أنهراً من الدم على مر التاريخ وهدمت أوطاناً وأبادت حضارات.
تعليقات