ذاكرة التاريخ هي الرقيب الدائم والضمير الحي!.. بنظر فاطمة البكر
زاوية الكتابكتب إبريل 10, 2015, 12:52 ص 672 مشاهدات 0
القبس
وهج الأفكار / ذاكرة التاريخ الحية الحاضرة
فاطمة عثمان البكر
>تزخر كتب التاريخ العربية القديمة بكثير من الأحداث والوقائع من انتصارات، انكسارات، إرث حضاري زاخر، (كنوز مخبأة) في جوف تاريخ، لا يهمله التاريخ، مهما تباعدت الأزمات وتغيّرت الأيام، هو سجل الأمة الخالد، منه نستلهم العبر والدروس، وهو ما يطلق عليه «الدروس المستفادة»، منه نستخلص مواقفنا ومواقعنا، منه نستخلص، وبالعدسة المكبرة، خطانا وخططنا، متفادين كل السلبيات التي تعيق مسيرتنا، نبحث عن الإشعاعات التي أنارت طرقنا، مستهدين بخطاها نحو آفاق مستقبل أفضل.
من قصص التاريخ العربي القديم «يروى أن العرب الذين كانوا يسكنون في الأراضي الزراعية عادة ما كانوا يتشاءمون من «النخلة المائلة» ويعتبرونها نذيرَ شرٍّ قادم، يراها البعض انها إذا مالت فإن ذلك يكون حزنا على أصحابها، بما تخبئه المقادير في بطن الأفق، بينما يراها الآخرون أنها مائلة لثقل الثمر، ومن ثم لا يقلقه ذلك الميل الذي يحني هامتها، رغماً عنها، أو ان هذا الميل لا يعدو الا مرضاً من أمراض الشيخوخة، التي تلحق بأشجار النخيل!
ومن قصص واحداث التاريخ العربي والإسلامي ان كانت هناك نخلة، كانت هي الشجرة العربية الوحيدة في بلاد الأندلس، أثارت الشجون والأحزان في قلب القائد الكبير، والفاتح العظيم عبدالرحمن الداخل، أول من دخل الأندلس من بني أمية، ربط بين هذه النخلة وبينه في الغربة والاغتراب، هو القائد، الفاتح، العظيم الذي حكم الأندلس في أول عهد للعرب والمسلمين في مطلع القرن الثاني الهجري، ومكث احفاده بعده هناك سبعة قرون كاملة، وعندما انتقلت بعد ذلك اشجار النخيل الى ارض الأندلس، كانت الغرسة الأولى على يد عبدالرحمن الداخل، جعل «أما» لحدائق الأندلس جميعها، وكان أول من بدأ بغرس النخيل في الأرض الجديدة، وجاء احفاده من بعده ملوكاً وطوائف. ثم جاءت أقوام من بعدهم أحالوا الاشجار التي أبت ان تميل، وجعلوا من رؤوسها مرتعاً خصباً للغربان ان تنعق فوقها ما شاء لها الهوى ان تنعق، وكان هذا نذيراً لشر قادم، وما زالت تنعق، لا على رؤوس الطير ولا الشجر، وانما على سفوح الجبال وأسفل السفوح والساحات والمدن والقرى على رؤوس البشر والحجر.
ذاكرة التاريخ حاضرة.. تسجل، تسطر، ترقب، ترصد ذلك الشر المستطير، والشر المستطير يستدعي حزماً وعزماً، فتلك الذاكرة الحية، هي الرقيب الدائم والضمير الحي، هي التاريخ الذي لن يهمله التاريخ، مهما تعاقبت الأزمان، وتعاقبت الليالي والأيام!
تعليقات