داهم القحطاني يرصد ملامح النظام العربي الجديد
زاوية الكتابضمن ملف لخبراء وكتاب عرب نُشر في صحيفة مصرية
كتب إبريل 7, 2015, 7:19 ص 1731 مشاهدات 0
القمة العربية فى شرم الشيخ التى اختتمت أعمالها الأسبوع الماضى تختلف عن سابقاتها من القمم العربية، التى عقدت فى العقد الأخير، فالدول العربية يبدو أنها أدركت جيدا أن التحالف لسنوات طويلة مع الولايات المتحدة كان مكلفا جدا.
فتعقيدات السياسة الدولية وحسابات الإدارات الأمريكية المتغيرة وفقا لمن يدير المكتب البيضاوى جعلت الدول العربية، بما فيها دول الخليج الغنية بالنفط والمهمة استراتيجيا للولايات المتحدة، جعلتها ذات أولوية أقل مقارنة بدول كانت على عداء تاريخى مع الولايات المتحدة، ومنها إيران، فكانت الصدمة التى لم يستفق منها العرب إلا مع أول طلعة جوية فى تحالف 5+5 لضرب التهديد الحوثى المدعوم إيرانيا؛ حماية للأمن الخليجى والعربى.
النظام العربى الجديد الذى يُؤمل أن يُنتج بعد القمة العربية كرد على التحديات الأمنية، يتوقع أن يركز على التعاون العسكرى الحقيقى عبر تشكيل قوة تدخل عربية لها قواعد عدة، كما يؤمل أن يتحول إلى مظلة دبلوماسية للدول العربية كافة، بما يمنع الاختراقات الإقليمية والأجنبية، التى تتم عبر استغلال قضايا عربية خلافية داخلية.
ويتطلب هذا النظام العربى الجديد معالجة بؤر التوتر التى قد تُستغل للتدخل الأجنبى أو لتغلغل الإرهاب العابر للأقاليم عبر صيغ صارمة وتحظى بالتوافق ومنها : معالجة الفقر والجهل عبر تعاون اقتصادى تنموى يقوم على الاستثمار لا استنزاف الدول المانحة.
ويتوقع أن تتم فى هذا النظام معالجة إشكالية الأنظمة المارقة عن النظام العربى، والتى تؤدى إلى ضعفه، باتخاذها مواقف انتقائية خارجة عن السياق الإيجابى العربى، وتؤدى إلى التقليل من تأثيره وفاعليته فى النظام الدولى.
هذه بالفعل قمة مختلفة من حيث المكان والزمان، فالمكان جمهورية مصر العربية العائدة بقوة من سنوات مضطربة لموقعها الإقليمى والدولى المؤثر، والزمان بعد ساعات من بدء حرب لتحالف 5+5 والذى جمع دول مجلس التعاون الخليجى، عدا عمان، ومصر والأردن والمغرب، والسودان وباكستان ضد خطر تحول الميليشيات الحوثية فى اليمن إلى دولة مارقة تؤتمر من الراعى الإيرانى.
هذه بالفعل قِمةٌ فى قمةِ الوضوح والحزم فلم يعد هناك وقت لصغائر الأمور فى ظل جرأة بعض دول الإقليم، كإيران، على الأمن القومى العربى، وفى ظل انتقائية السياسة الأمريكية المتقلبة التى تديرها إدارة ديمقراطية مترددة جعلت أمريكا رقما فى المعادلة الدولية بعد أن كانت المحركة لها والمتحكمة فى تركيباتها.
إذاً، هى قمة حزم وعاصفة حزم ذات بُعد سياسى يرتكز على أبعاد عسكرية.
ولكن تبقى هناك إشكالية كبرى فى النظام العربى الجديد وهو فى طور النشوء، وهى كيفية التعامل مع قضايا الديمقراطية والمشاركة الشعبية والتى تسبب تهميشها بالإشكالات كافة.
فهل يقمع هذا النظام المطالبات الديمقراطية الشعبية تحت ذريعة الخشية من الخطر الخارجى رغم احتمالات ازدياد الاحتقان الداخلى والذى أيضا قد يجد فيه الخارج أرضا خصبة للتدخل الخبيث؟
أم ينفتح النظام العربى الجديد على الشعوب بتعزيز المشاركة الشعبية وفق نهج مسئول من الجميع وبتنظيم لا يسمح باستغلال هذه المشاركة بخبث لمصالح دول أخرى.
آمال تكبر لتعود الأمة العربية أمة لا يتطاول الأقزام عليها، وواقع جديد يفرض نفسه ليزرع الأمل من جديد بعد سنين من الجدب والجفاف والقنوط.
تعليقات