للقوة العربية المشتركة متطلبات يكتب عنها وليد الرجيب
زاوية الكتابكتب إبريل 4, 2015, 1:08 ص 438 مشاهدات 0
الراي
أصبوحة / القوة العربية المشتركة
وليد الرجيب
إن التحالفات العسكرية أو الحربية ضد عدو أو أعداء آخرين، أمر اعتادته الدول والقبائل والعشائر منذ بدء التاريخ، والتاريخ البعيد والقريب يزخر بأمثلة لأحلاف شهيرة، مثل حلف دول المحور التي كانت تضم ألمانيا النازية وإيطاليا واليابان، وحلف دول التحالف مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، ومثل الأحلاف التي تشكلت بعد الحرب مثل حلف وارسو الذي يضم الدول الاشتراكية وحلف الأطلسي أو الناتو الذي يضم المعسكر الرأسمالي.
والدول العربية مرت تاريخياً بتعاون وتحالفات عسكرية مشتركة في القرن الماضي، سواء في عام 1948 وعام 1967 وقد يكون آخرها في عام 1973، وفي القمة العربية الأخيرة التي انعقدت في شرم الشيخ تم اقرار تشكيل قوة عربية مشتركة قوامها 40 ألف جندي، لمواجهة أي عدوان على أي دولة أو دول عربية، وهو أمر قد يكون مطلوباً بعد التشرذم والخلافات العربية - العربية، بل وشبه نجاح المخطط الأميركي في فرض مشروعها «الشرق الأوسط الجديد»، الذي يتمثل في تفتيت الدول العربية إلى دويلات عرقية وطائفية واثنية، بهدف إضعافها ونهب ثرواتها، ومن أجل تفوق إسرائيل في المنطقة.
فإن كان هذا المشروع جاداً فله متطلبات، منها تجاوز الدول العربية لخلافاتها التي قد تصل إلى حد العداء والتناحر، كما يجب أن يكون هذا التحالف للمصلحة المشتركة، والدفاع عن الشعوب ومقدراتها، والابتعاد عن الأجندات الإقليمية والغربية، بل وعدم الخضوع لها مثلما حدث في العام 1973 عندما استخدمت الدول العربية وعلى رأسها المملكة السعودية سلاح النفط، الذي أوجع الغرب والولايات المتحدة التي كانت تساند إسرائيل.
ومن ضمن متطلبات نجاح واستمرار التحالفات العسكرية، هو اعتماد دول التحالف على شعوبها وتقوية جبهاتها الداخلية، من خلال إطلاق الحريات وإقامة أنظمة ديموقراطية عادلة، وتنمية وصناعة ونتاج اقتصادي عربي تكاملي، مثل السوق العربية المشتركة، والاكتفاء الذاتي وتحقيق رخاء الشعوب، ومكافحة التخلف والفساد والإرهاب، والسماح بشرعية الأحزاب السياسية على أسس وطنية.
فالسلاح الحقيقي الذي يجب أن تعتمد عليه الدول هو شعوبها ووحدة مكوناتها الاجتماعية، وهي الكفيلة بنجاح التحالف العسكري، فأسطورة التفوق الإسرائيلي مثلاً كسرتها الشعوب عدة مرات، مثل الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة في الحرب على غزة، وكذلك كسره الشعب اللبناني مرتين، مرة عندما شكلت القوى السياسية جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية «جمول»، عام 1982 التي جعلت إسرائيل تنسحب تحت وطأة المقاومة، ومرة أخرى تلقت ضربات موجعة عام 2006 كسرت هيبتها، فما بالنا إذا تعاونت الدول بقواها العسكرية وبقواها السياسية وشعوبها، من أجل الدفاع عن مصالح الأمة.
بالتأكيد لا أحد يدعو للحرب، لأنها مدمرة للشعوب ومنجزاتها، والأولوية دائماً للسلم والحوار، فالسلم قيمة بشرية كبرى تتيح للشعوب استخدام ثرواتها في البناء والتنمية والتقدم، بدلاً من استنزافها في التسلح والحروب.
تعليقات