دور المدرسة ينحصر في التعليم لا التثقيف!.. بنظر صالح الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 449 مشاهدات 0


الأنباء

بلا قناع  /  تعليم لا تثقيف

صالح الشايجي

 

حياة الإنسان وتجاربه هي التي تصوغ ثقافته وشخصيته وطرق تفكيره.

ونحن نستلهم ثقافتنا من واقعنا الذي نعيشه والتجارب التي نمر بها.

ولكل جيل ثقافته الخاصة ولكل زمن أو وقت يعيشه الإنسان معطياته الخاصة به.

لذا يتعيّن على واضعي المناهج والمقررات الدراسية الانتباه لهذه الحقيقة والعمل بها.

فلا يجوز لأبناء القرن الحادي والعشرين أن يعيشوا بعقلية القرن الخامس أو السادس وثقافته.

وأنا هنا لست أتحدث عن حذف الموروث ولكن تجنّب ما لا يتفق وطبيعة العصر منه وبالذات في المراحل الأولى من أعمار التلاميذ الذين قد يتعرضون لحالة توهان واضطراب عقلي بسبب ما يعيشونه واقعا وما يتعلمونه في مدارسهم.

المناهج التي تصب في عقول الأطفال علوما أو ثقافة بعيدة عن العصر من شأنها أن تجعل لهم شخصيات مزدوجة وتربك خطواتهم في الحياة، فيعيشون في عصر فاقدين ثقافته ويعيشونه بثقافة أسلاف لا تتفق مع طبيعة عصرهم.

إنها ثقافة التخيّل وتكمن خطورتها على الأطفال أكثر من الكبار، فالكبير حصّن نفسه بثقافات عصرية وبناء فكري يعينانه على الفرز أو الاستخلاص والاستنتاج، وحتى تخيله لن ينحرف به بعيدا ولن يجرفه عن واقعه، أما الطفل الذي لم يتحصن بعد ولم يتثقف بثقافة عصرية فمن شأن تلك الثقافات السلفية أن تعصف به وتطير به بعيدا عن واقعه.

في دراستنا الابتدائية أوائل الخمسينيات كنا نعتمد وبالذات في دروس اللغة العربية على المنهج المصري، ورغم أن المنهج ابن عصره وزمانه، فإنه كان يشكل لنا شيئا من الغرابة، لأننا ندرس أشياء لا علاقة لها بواقعنا الكويتي آنذاك. فالحقل والساقية والفلاح والاردبّ وغيرها من مفردات تعلمنا القراءة منها، لم تكن من موجودات بيئتنا الكويتية، لذلك نشأت في رؤوسنا تخيلات وعشنا على الخيال، صحيح أنه خيال ليس سلبيا ولا مضرّا لذهنيتنا الجمعيّة، ولكنه يظل خيالا.

وبرأيي أنّ دور المدرسة ينحصر في التعليم وليس التثقيف، لأن التثقيف موكل أمره الى الإنسان نفسه فهو الكفيل بعقله كيف يربيه وبماذا يحشوه، بعدما تكون المدرسة علمته القراءة والكتابة ودون تدخّل منها في صياغة ذهنيّته. 

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك