عن عاصفة الحزم وعهد سلمان - تكتب خلود الخميس
زاوية الكتابكتب إبريل 2, 2015, 4:18 م 815 مشاهدات 0
عندما فاجأ التحالف الخليجي العالم بقبضة الحزم عبر إرسال ضربات نوعية لمواقع الحوثيين في اليمن المكلوم فذلك لكي يعود اليمن سعيداً، ويأمن الخليج على وجوده واستقراره، وذباً عن عقيدة محمد قبل كل شيء.
ولم يكن الدعم التركي اللامشروط لعاصفة الحزم بقيادة السعودية وتصريحات باكستان المدوية حول التزامها بأمن السعودية، ووقوف شعوب الخليج -عدا عُمان- خلف حزم المملكة إلا إثباتاً لمدى الجوع للكرامة، والجفاف بالعزة الذي انتاب الأمة الإسلامية طيلة مائة عام لم تنهض لها قائمة ولم تجد لها نصيرا ولا شوكة.
في قرن مضى، كبرت قصعتنا وزاد ناهشونا، فيا مرحبا بالحزم مع الفرقة الضالة، وعود أحمد لهامة الإسلام بقيادة المملكة وبدعم تركيا وباكستان، لقد أفاق المارد السني، الممثل الشرعي للأمة ونفد صبره.
كتبنا قبلاً حول المنتَظر والمتوقَّع من العهد السعودي الجديد في الحكم، لا قدحاً بحكم الملك عبدالله -رحمه الله- بل إن لكل ملِك بطانته ورؤيته وأسلوب إدارته، وتبقى السياسات العامة والخطوط العريضة متشابهة، بينما الإدارة التنفيذية والإجرائية تختلف، كثير من السياسات الجيدة أفشلها سوء الإدارة، من هذا المنطق نتحدث، ومنه تفاؤلنا بالعهد «السلماني».
جزيرة العرب، مهبط الرسالة، وأرض الحرمين الشريفين، مواطئ أقدام الحبيب المصطفى في كل ذرة من ترابها، ودماء قدميه الطاهرتين بللت ذاك المكان الذي هرب إليه من حجارة أهل الطائف، وانزوى يتذلل لربه: «... إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي». أرض الجزيرة التي احتضنت شهداء بدر وأحد سالت على أجنابها أطهر الدماء في سبيل الله، كيف نفرط بها ونقبل بأن تُمس حبة من ترابها، بل نقول كما قال قدوتنا في الصعاب والرخاء، في الشدة والبلاء، في القرْح والفرح «يا رب إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي».
جزيرة دين محمد، كم انتهكها البغاة ليفتنوا فيها المسلمين في دينهم، والتاريخ يسرد، ارجع للمجرمين القرامطة في القرن الهجري الثالث، ما فعلوه بالحجيج وبيت الله يشيب له الولدان، لم ينج منهم أحد، تجرؤوا على بيت الله، فلِمَ نعجب من جرأة أحفادهم على دماء المسلمين في اليمن وسوريا والعراق ولبنان؟ وكل ما تصله أيديهم سيفسدونه. كانت مدينته صلى الله عليه وسلم عرضة لفتن يهود، وفتن يهود لا تكِلّ ولا تمَلّ، وتعامل معهم بما أراد أن نتعلمه منه، لا أمن وأمان لخائن وغادر، حتى أجلاهم من المدينة المنورة، وكان الحزم بعد الكثير من الصبر على سوء أدبهم وأخلاقهم ونقضهم العهود ومظاهرة الأعداء على المسلمين، وذلك كان يحدث والنبي صلى الله عليه وسلم بين ظهراني الأمة في دولة الإسلام، فكيف بحالنا المتشرذم، وكل يتكئ على وطنه وحزبه وثروته القومية وأمنه ولا ينظر لهمِّ الأمة قاطبة؟
المسلم لا يحتاج ليفهم إلا ليقرأ التاريخ من مصادر غير ملوثة بشعارات الثارات الكاذبة، وعمامة المتعة مانحة مفاتيح الجنة لمن تشاء، والداعية لقتل كل من ليس من مذهبها، المسلم على عقيدة أهل السنة والجماعة يعلم أن الأمة وأن الفِرق نبوءة ستتحقق حتماً، ولكن الوطنية والقومية والخطط التي تسوق لها المسيحية العالمية، بمساندة اليهودية من تحت الغطاء ووراء الجُدُر كالعادة، لتقديس الحدود أدت إلى انعزالنا عن هموم المسلمين واعتبارها شأنا داخليا. لقد تركنا الكثير مما أُمرنا فيه بالقرآن والسنة النبوية المشرفة ليرضى عنا اليهود والنصارى، ولم ولن يرضوا.
لقد حولونا لسكان حظائر نأكل ونقضي حاجتنا تحتنا، لا يهم من نؤذي فنحن أحرار في حدودنا، ننخر السفينة وإن تسببنا في موت البقية.
الانهزام النفسي لدى الأمة الإسلامية الذي طالتها عقود من الاحتلال العسكري وبعده الثقافي ثم الأنظمة المتفرنجة، أمر نشأت عليه أجيال واعتادته وصارت تدافع عنه لأنه أسلوب الحياة الذي تعرفه.
لذلك فإن الأمة لن تصدق أن التغيير بدأ بهذه السهولة، التغيير نحو الكرامة والشرف والعزة، ستشكك بعاصفة الحزم وتعتبرها اتفاقا تحت الطاولة مع أميركا، ستشكك بنوايا تركيا وتعتبرها تسعى لخلافة هي مركزها، ستشكك بكل حكام الخليج لأنها اعتادت ألا يكون لها رأي يُسمع، أو شوكة تُرفع.
ولكن بُشراكم، لقد جاء الحزم وما بعد الحزم إلا الحسم، وما علينا إلا الاصطفاف خلف القيادات التي هي في أمسّ الحاجة لوقوف الشعوب معها لتنفض عنها سيطرة الأجنبي وابتزازه وشروطه لتسود بحريتها، فالشعوب هي القوة الدافعة لبقاء الدولة وقوتها، وإن صلحت صلح الحاكم، والشعوب هي القبضة التي تصد الهيمنة الخارجية عن كرسي حكم الدولة، فالحاكم رمز للدولة وما يمس هيبته يمس كل مواطن فيها، الشرفاء منهم بالطبع.
رسالتي إلى شعب الخليج: لسنا في عهد الخوف والخذلان والاختباء خلف أكذوبة السكوت من ذهب التي يعتنقها من لا رأي له ويثق بربه، نحن اليوم في موقع التدافع مع من استضعفوا الأمة عقوداً مديدة، ولا تغيير بلا تضحيات لنبلغ التمكين كما وُعدْنا، فلنصدع بالحق ونزأر في كل وسيلة ومنبر يغيظ العدو نصرة للدين ولنر الله من أنفسنا خيرا.
تعليقات