مرحلة المعاناة الكبرى المريرة!.. بقلم فاطمة البكر

زاوية الكتاب

كتب 394 مشاهدات 0


القبس

وهج الأفكار  /  حصاد الواقع المر

فاطمة عثمان البكر

 


عالمنا العربي والاسلامي يرزح اليوم تحت وطأة كم هائل من كدمات وجروح وشروخ، وغدا كحلبة صراع، ومثار تساؤلات ممزوجة بالدهشة تارة لتبرير ما يحصل، وتارة محاولات للتصحيح وتلمس لطريق يبدو مظلما للبحث عن ملامح شخصية ضاع منها الكثير في خضم تلك الاحداث الرهيبة المتسارعة المتناقضة، فكيف وصل هذا العالم الى ما وصل اليه من ترد وانحدار، هزائم تلو هزائم، خسائر فادحة فاضحة، نعقت الغربان في الوديان، واصطبغت مياه البحار والانهار بدماء تسيل على شواطئها وسواحلها باللون الاحمر، بعد ان ملأت جبالها وهضابها قتلا، حرقا، ذبحا حتى اصبح عالم الغاب يعف عنها!
حصاد هذا الواقع المرير الأليم الدامي، يستوجب من العقلاء وقفة جادة وحاسمة، فأسوأ تلك الحروب هي التي كان الفكر مشاركا فيها، فالايدي قد تقطع، والاطراف قد تبتر، ولكن ماذا عن الفكر، والفكر المنحرف على وجه التحديد؟ المهمة صعبة، تستوجب وقفة عقلانية فكرية، عقائدية اكثر منها قصفا يتمثل بالدبابات والطائرات، محاولة جادة لتقويم الفكر المنحرف، والتراكمات الضبابية التي غشت تلك العقول وحجبت عنها شمس الحقيقة، وكانت السبب المباشر في توريط «الاسلام» والاسلام منها براء.
الاسلام هو دين الحق، دين العدل، دين المحبة، جاء كما جاءت به سائر الاديان على التسامح، وأتم بناء واكمل هذا البناء المشيد الحصين بمبادئ مثلى، يدعو الناس الى كلمة سواء، دورته الحضارية استعادة الانسان، وسعادته ليعمر الارض بالعدل والخير والجمال، حرّم بشكل مطلق قتل النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق، مبادئه السامية تعالج قضايا الانسان في كل زمان ومكان، يجمع بين حناياه الرحمة والاحسان، فلسفته الراقية تربية الضمير، ووازع الضمير الحي، ليصحب الفرد ولا يفارقه في مجال علاقاته او تلقيه للمؤثرات الخارجية.
نعيش اليوم مرحلة زمنية قاهرة، مرحلة من اصعب وادق المراحل في تاريخنا، مرحلة المعاناة الكبرى المريرة في طريق البحث عن ملامح تضيع وتتلاشى، وسط دوامة متأرجحة بين امجاد تمضي وتختفي وهزائم حاضرة بكل احباطاتها، ولا خلاص منها الا باتباع قول الحق «ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك