عبدالله سهر: العقلية العسكرية في الإدارة الجامعية
زاوية الكتابكتب يوليو 15, 2007, 9:08 ص 483 مشاهدات 0
هنا الكويت
لجنة العمداء!
كتب:د.عبدالله يوسف سهر
مع احترامنا وتقديرنا للسادة عمداء الكليات في جامعة الكويت، خصوصا ممن عرف
عنهم بالموضوعية، فإن الكثيرين ليتساءلون عن التاريخ الذي ابتدعت فيه لجنة
العمداء. وعلى الرغم من أن العمل بها كان منذ أمد بعيد، لكن وجودها يعوزه
السند القانوني، تأسيسا على مرجعية قانون جامعة الكويت (29 لسنة 1966)، كما
لا وجود لهذه اللجنة في اللائحة التنفيذية لقانون الجامعة، ولم يرد ذكرها
تماما في المذكرة التفسيرية للقانون. هذه اللجنة تقوم بنخل القرارات، وتصدرها
على شكل توصيات، لكي يتم استصدارها بصورة قرارات من قبل مدير الجامعة ومجلس
الجامعة. وبالنظر إلى الدور الكبير الذي يناط بها، والنحو المشكك في شرعية
وجودها القانوني، فإنها من دون شك لتشكل محطة كبيرة في دائرة شبهات التجاوزات
المثارة في الجامعة.
الذي يطلع على قانون الجامعة ويتفحصه، يجد فيه آلية اتخاذ القرار، مرسومة
بشكل واضح يبعدها من الطغيان البيروقراطي، ويقربها من النمط التكنوقراطية.
لكن مع مرور الزمن وتراكم الابتعاد عن نصوص القانون ولائحته التنفيذية، أخذت
الإدارات المتعاقبة في تكريس البعد البيروقراطي على حساب الجانب التكنوقراطية
الذي يفترضه القانون. إن آلية اتخاذ القرار وفقا لقانون الجامعة تنبع أساسا
من الأقسام العلمية التي تعتبر الوحدات الرئيسة بالجامعة. ومن هذه الأقسام
يتشكل ما يسميه القانون مجلس الأقسام العلمية، وفقا للمادة رقم 16 الذي أنيطت
به مهام جسيمة، تعبر عن الرؤية المهنية الجماعية لأعضاء هيئة التدريس، من
خلال اللجان الفنية التي يشكلها لدراسة المواضيع الأكاديمية والمسائل التي
تعرض عليه وتدخل في اختصاصه، ومن ثم يتم تحويلها إلى مجلس الجامعة لاستصدار
القرارات النهائية بشأنها. ووفقا لهذا التنظيم يتعين على العمداء تصريف أمور
الكليات العلمية والإدارية«في حدود السياسة التي يرسمها مجلس الجامعة، ومجلس
رؤساء الأقسام العلمية»، وفقا لما استقرت عليه المادة رقم 18 من اللائحة
التنفيذية لقانون الجامعة. أما رأي مجلس الكلية فيتعين على العميد أن يبينه
لمجلس الأقسام العلمية عند النظر في المسائل المعروضة عليه، وكذلك هذا منصوص
عليه في الفقرة رقم 7 من المادة المشار إليها آنفا.
ومن ذلك التقديم الموجز، نستطيع استبيان عدم وجود ما يسمى بلجنة العمداء
أبدا، وان ابتداعها قد اختلق، لكي يتم التغطية على دور مجلس الأقسام العلمية
حتى يتسنى للإدارة العليا اتخاذ قراراتها بمعزل عن إرادة ومشاركة أعضاء هيئة
التدريس، مما ينزع الصفة التكنوقراطية للجامعة، ويحولها إلى مؤسسة بيروقراطية
جامدة، تصنع قراراتها من الأعلى وتنصب إلى الأسفل.
ونتيجة لوجود هذا المسار، تم تقليص مشاركة أعضاء هيئة التدريس بالقرارات
الأكاديمية، مما تسبب في تعثر المخرجات الجامعية، وإثارة كثير من المشاكل
الإدارية والعلمية. وفي الآونة الأخيرة يلتمس الأغلبية من أعضاء هيئة التدريس
كيف يتم اتخاذ القرارات، خصوصا في ما يتعلق بتعديل وتغيير اللوائح. كالترقيات
واختيار رؤساء الأقسام وتغيير التقويم الدراسي ونظام الانتداب، وغيرها من دون
مشاركة حقيقية للأعضاء في تلكم القرارات المصيرية.
وبناء عليه، أعتقد، انه يجب التصدي لهذا المسار الخطير الذي يترتب عليه
انتقاص واضح في حق المشاركة المهنية من قبل أعضاء هيئة التدريس، الأمر الذي
قد ينتهي إلى تحويلهم مجرد موظفين عاديين في أي مؤسسة بيروقراطية أخرى، وهو
أمر لا يتناسب مع مكانتهم القيادية في الدولة والمجتمع. كما يجب أن يعرف بعض
المتنفذين الداعمين لمثل هذا الاتجاه أن الجامعة هي مكان جامع للتعددية،
ومكان فسيح للمشاركة الفعالة، وليس هنالك أي مكان للمنطق العسكري الذي يرتكز
على مقولة«نفذ ثم ناقش»، أو إذا لم يعجبك اذهب إلى المحكمة!
الوسط
تعليقات