الحلقة النقاشية 'الخليج وأوروبا.. تبادل التجارب وتقييم الإنجازات' بكلية العلوم الاجتماعية

محليات وبرلمان

برعاية نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح

431 مشاهدات 0


تحت رعاية نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح أقامت وحدة الدراسات الأوروبية – الخليجية في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت وبالتعاون مع معهد الدراسات السياسية في باريس حلقة نقاشية حول العلاقات الأوروبية الخليجية تحت عنوان: 'الخليج وأوروبا، تبادل التجارب وتقييم الانجازات' وذلك في القاعة المستديرة بمسرح المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عبدالله الجابر بالشويخ.
    ومن هذا المنطلق تقدم سعادة السفير ومدير إدارة أوروبا في وزارة الخارجية الشيخ علي الأحمد الصباح باسم معالي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية د. محمد الصباح بخالص الشكر لكلية العلوم الاجتماعية على مبادرتها الطيبة بإقامة هذه الندوة المهمة برؤى القائمين عليها وثراء المحاضرين فيها ومداخلات المهتمين بها. وذكر الصباح بأنه في تبادل الخبرات وتقييم الانجازات المشار إليهما في عنوان ندوتنا هذه لكل من منظومة مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي ومسيرتهما في التكامل والوحدة مدخلا جيدا لتقييم تجربتنا في الخليج مع أوروبا فلكل من مجلس التعاون لدول الخليج العربية كما للاتحاد الأوروبي تجربته الخاصة ومنظوره الاستراتيجي ولم يحول بعدهما النسبي جغرافيا والتنوع الثري في ثقافات ولغات شعوبهما من تحقيق تقارب عميق وتاريخي بين هاتين المنطقتين الحيويتين من العالم فهما لا يلتقيان في المشترك من المصالح فحسب وإنما يتخطيان ذلك بتطابق المبادئ والقيم الإنسانية والتطلعات.
    وأضاف الصباح بأن المتتبع لتاريخ هذين الكيانين الحيويين يرى بأن إيمان الدول الأعضاء بهما قد مكنهما من تجاوز الكثير من التحديات والقضايا المصيرية، ويلاحظ قدرة الخليج وأوروبا في المحافظة ليس على الاستقرار السياسي والاقتصادي فحسب وإنما قدرتهما على اجتياز المخاطر وتحقيق نمو اقتصادي مشهود وزيادة نشاطهما وتبادلهما التجاري.
    وأكد الصباح على أن التوافق في الرؤى السياسية تجاه الأحداث في المنطقة بين المجلس والاتحاد واقترانه بما يتصف به واقعنا المعاصر من اقتصاديات متداخلة ودرجة اعتماد عالية على بعضهما البعض يجعل من السعي لتذليل كافة العقبات أمام تعاون الكيانين وفي كافة المجالات أمرا ضروريا وملحا يتناسب وحجم التحديات.
    وبين الصباح انه على الرغم من قدر الأهمية تلك ومقدار التماثل في التجارب والتحديات والتطلعات بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي تبرز خيبة الأمل لعدم إتمام إبرام اتفاقية التجارة الحرة بين هذين الكيانين الهامين في العالم، فالاتفاقية بأوجهها تمثل مرتكزا جديدا للعلاقة وتؤكد على مدى أهمية التواصل الثقافي والاجتماعي والتجاري إلا انه لا يزال هناك أمل كبير في إمكانية التوقيع على هذه الاتفاقية خلال الفترة القريبة.
    وأضح الصباح بأن ما تتطلبه الشراكة هو حوار متواصل على كافة الأصعدة وفي شتى مناحي العلاقة لفهم الآخر لا لنبذه فإلى جانب السياسة والاقتصاد تبرز أهمية الدفع ببرامج الحد من الزينيفوبيا والاسلاموفوبيا وتبني حملات جادة تهدف للقضاء على كافة أنماط التمييز الديني والمذهبي والعنصري لما في ذلك من تهيئة لأجواء بعيدة كل البعد عن صراع الحضارات، فالحضارة ما هي إلا نتاج ذلك التلاقح الفكري المستمر الذي نسعى لتواصله في حوارنا الخليجي – الأوروبي، تبادلا للتصورات وعملا بالخبرات واستيعابا أدق للمنظور والفكرة حتى مع اختلافها وتفردها.
    وفي ختام حديثه ذكر الصباح بأن الكويت وبحكم موقعا في مجلس التعاون تأمل تحقيق تقارب أكبر وشراكة أعمق بين الخليج وأوروبا في شتى المجالات وصولا لمعنى التكامل الذي نصبو إليه ونود أن نطلع على جوانبه في قراءات ورؤى المشاركين.
    ومن جانبه ذكر عميد كلية العلوم الاجتماعية د.حسين أحمد الأنصاري انه اذا كان الحوار السياسي مستمرا بين دول الخليج وأوروبا من خلال التمثيل الدبلوماسي والزيارات المكثفة فإن الحوار العلمي البناء بين باحثي الطرفين ومؤسساتهم ينتظر أن تقوم دعائمه على أسس متطورة جديدة تهيئ للأجيال المتعاقبة سبل التواصل الفاعل والفهم العميق لتنطلق مسيرة البحث ضمن دائرة الاهتمام المشترك.
    وأضاف د.الأنصاري ان كلية العلوم الاجتماعية ممثلة بوحدة الدراسات الأوروبية – الخليجية وبالتعاون مع معهد الدراسات السياسية في باريس تبادران إلى عقد مثل هذه الندوة من منطلق حرصهما على تعزيز مفهوم التواصل الحضاري والثقافي بين المجتمعين الخليجي والأوروبي ولإرساء مزيد من الجهود العلمية لتحقيق تعاون وطيد والخروج بتصورات ورؤى مستقبلية لبناء دعائم العلاقات المأمولة للخليج ودول الاتحاد الأوروبي مبني على معطيات علمية، وفي هذا الوقت نمر بتغيرات كبيرة أحوج ما نكون إلى مثل هذا الحوار والبحث معا في آفاق التعاون المستقبلي.
ومن جانبها أكدت رئيس وحدة  الدراسات الأوروبية _ الخليجية في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت د. هيلة حمد المكيمي أنه مع تزايد تعقيدات القضايا المشتركة كالإرهاب والتطرف والأزمة المالية العالمية وفقدان الاستقرار الإقليمي وتزايد معدلات الهجرة أضحى من اللازم مراجعة تجارب كلا المنطقتين والتي تساهم في مراجعة مجمل العلاقات الأوروبية _ الخليجية ومدى إسهام كلا الطرفين في إيجاد أرضية مشتركة تسع كلا الطرفين بدلا من أن تكون لصالح طرف على حساب الطرف الآخر .
   وأضافت د. المكيمي قائلة في كلمتها التي ألقتها بهذه المناسبة 'أن رفع الوعي الثقافي والتعليمي يعتبر بوابة حقيقية لإيجاد علاقة شراكة متزنة تساهم في تحقيق مصالح ومكتسبات كلا الطرفين ' ، ومن هنا تكمن أهمية تلك الحوارات التي تحتضنها المؤسسات الثقافية والتعليمية ومنها الفعاليات الحالية في جامعة الكويت .
     وأوضحت د. المكيمي أن منتدى الحوار الأوروبي _ الخليجي والذي انطلق في بداياته الأولى لتدشين وحدة الدراسات الأوروبية الخليجية منذ عام 2005 ، حيث دأبت الوحدة على إقامة هذه اللقاءات الحوارية باستمرار بأشكال ومواضيع متجددة على الدوام مؤكدة أن مؤتمر هذا العام يكتسب أهمية خاصة تتمثل في تفاعل العديد من المؤسسات مع هذه الأنشطة الحوارية ، مشيرة إلى عزم الكويت تبني هذا المنتدى العام القادم بصورة موسعة تشارك فيه العديد من الشخصيات من مختلف دول العام ، كما تمكنت عدد من المؤسسات العلمية الهامة من توقيع اتفاقات شراكة بحثية مع عدد من المعاهد والمؤسسات والجامعات الأوروبية وهي انطلاقة هامة لتوطيد العلاقات الأوروبية _ الخليجية ، إذ أن التعليم هي البوابة الصحيحة لعلاقات قائمة على أسس شراكة علمية تحقق مصلحة كلا الطرفين .
    وبينت د. المكيمي أنه انطلاقا من هذه القناعة تبنت الوحدة هذه الأنشطة الحوارية حيث يأتي حوار هذا العام تحت عنوان ' الخليج وأوروبا : وقت تبادل التجارب وتقييم الإنجازات .' وتمتاز منطقتي أوروبا والخليج بعلاقات تاريخية هامة ، فقد بدأت علاقات منطقة الخليج مع العالم الغربي عبر البوابة الأوروبية _ إلا أن هيمنة السياسة الأمريكية على منطقة الشرق الأوسط وانشغال الأوروبيين في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي في بناء البيت الأوروبي أعطى ذلك الاعتقاد بثانوية العلاقة التي تربط منطقة الخليج بأوروبا مما يتناقض مع الواقع المعاش وذلك لجملة من الأسباب :
_ الاتحاد الأوروبي يعد الشريك التجاري الأول لدول الخليج إلى جانب كل من أمريكا واليابان .
_  تؤمن دول الخليج 25 في المئة من حاجات الاتحاد الأوروبي من الطاقة _ كما أن الأسواق الخليجية تأتي في المرتبة الرابعة ضمن الأسواق التصديرية للمنتجات الأوروبية.
_ كما أن تفعيل العلاقات النقدية والاقتصادية مع الدول الخليجية يؤدي إلى تحفيز الحوار السياسي بين الطرفين ، بل إن نجاح الأوروبيين في الشراكة سوف ينعكس إيجابا على الشراكة المتوسطية من خلال توسيع شبكة الاتصالات والمبادلات التجارية وتحفيز الاستثمار الأجنبي الذي يمكن أن ينطلق من أوروبا مرورا بالدول العربية المتوسطية ، وصولا إلى الخليج العربي.
  وأشارت د. المكيمي إلى ما شهده كل من الخليج وأوروبا من ظروف وتغيرات إقليمية ساهمت في انغماس كلا المنطقتين بشئونها الداخلية والإقليمية ، فقد انشغلت أوروبا بهويتها واقتصاديتها في حين انشغل الخليج في مشاكله الإقليمية وصراعات  الهيمنة الدولية على منابع البترول ، إلا أن تلك المستجدات دفعت كلا المنطقتين للبحث عن صيغة جديدة للوحدة أدت إلى ولادة الوحدة الأوروبية والتي شهدت نقلة حقيقية في بداية التسعينات وحتى الآن ، كما اتجهت دول الخليج إلى إيجاد منظومة جديدة للوحدة ولاسيما في أعقاب إخفاق جامعة الدول العربية في لم شتات العرب في مرحلة اتفاقيات السلام ما بين مصر وإسرائيل .
    وأفادت د. المكيمي قائلة أنه من الواضح أن مسيرة كلا التجربتين تسير باتجاه مختلف ، ففي حين رأت أوروبا أن طوي صفحة الحروب والصراعات لا يكون إلا من خلال بوابة الاقتصاد ، سعت الدول الخليجية إلى إقامة منظومة سياسية تنسيقية تفتقد إلى الكثير من عجلات الدفع ، وقد تداركت الدول الخليجية ذلك القصور .
   وأكدت أن صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح قد أولى أهمية خاصة لتفادي ذلك القصور من خلال بوابة التكامل الاقتصادي وهي فلسفة حملها سموه منذ أن كان وزيرا للخارجية وحتى الآن حيث جاء انضمام الكويت إلى اتفاقيات التجارة الحرة كمنظمة التجارة الحرة وغيرها من المنظمات الاقتصادية ، كما سعى إلى تأسيس المجلس الوزاري المشترك ما بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي لرفع الضرائب الأوروبية الباهضة على الصادرات البترولية الخليجية ولاسيما أن الميزان التجاري يميل لصالح الأوروبيين دائما ، كما أطلق تقرير وزارة الخارجية على عام 2004 بأنه عام انطلاقة الدبلوماسية الاقتصادية والتي دشنت بزيارة سموه إلى عدد من دول الشرق الآسيوي ولاسيما أن دول شرق آسيا قدمت نموذجا ناجحا في التحولات الاقتصادية  ، وجدد ذلك النهج في آخر خطاباته في القمة العربية التي عقدت في الرياض حيث وجه الدعوة إلى أهمية تبني القمم القادمة لقضايا ذات أهمية كبرى ولاسيما الاقتصاد والبيئة والتعليم وقد تبنت الكويت فكرة القمة الاقتصادية القادمة والتي ستعقد في الكويت .وفي ظل الأزمة العالمية تتجلى بوضوح الأبعاد الاقتصادية في رسم مختلف التحالفات والسياسات الإقليمية لكافة أشكال المنظمات والتكتلات الاقتصادية والدولية .
الآن : فالح الشامري

تعليقات

اكتب تعليقك