إحياء التراث : قتل الأسير الأردني عمل إجرامي
محليات وبرلمانفبراير 6, 2015, 11:28 ص 1421 مشاهدات 0
• دلت أدلة القرآن الكريم والسنة النبوية من كلام الرسول –ص- على تحريم هذه الأعمال في حق الكفار المحاربين للمسلمين إذا وقعوا في أيدي المسلمين ، فما بالك بالمسلمين ؟
• جاء في صحيح مسلم : ( ولا تَغُلُّوا وَلا تَغْدِرُوا ، وَلا تُمَثِّلُوا ، وَلا تَقْتُلُوا وَلِيدًا ... الحديث ' .
• التحريق من المثلة ، بل هو من أشد أنواعها ، سواءً كان التحريق حال القتل أو بعد القتل .
علماؤنا كرهوا أنْ يُحرق العقرب بالنار ويقولون : مُثلة . فهذا حال السلف في حق هذه الحشرة ، فكيف بغيرها ؟!!
• قرر أهل العلم والفقه والدعوة ، والعقلاء من الناس ، أن هذه الأعمال ، شرٌ محض ، لم يجن الإسلام من ورائها إلا مزيداً من التشويه .
• لم تقتصر الخسارة على البلاد التي تقع فيها مثل هذه الأحداث ، بل امتدت لتشمل غيرها من البلاد الإسلامية وغير الإسلامية .
• هذه الأعمال الوحشية : إضعاف المسلمين ، وإضعاف قوتهم ووحدتهم ، وإثارة البلبلة في صفوفهم ، وتقطيع الأواصر فيما بينهم .
• هذه الأعمال لو لم يكن هناك نص فقهي واضح في تحريمها ، لكانت مفاسدها كافية في تحريمها .
• على الشباب التيقظ والبعد عن هذه الأفعال المنكرة ، وليحكموا الشرع والنقل الصريح ، والعقل الصحيح ، ولا يحكمون العواطف والحماس غير المضبوط بالضوابط الشرعية .
أصدرت اللجنة الشرعية بجمعية إحياء التراث الإسلامي بياناً حول جريمة قتل الأسير الأردني ، حيث استنكرت اللجنة في بيانها هذا الفعل البشع ، وبينت أدلة تحريمه ، وعدم جوازه في حق أي إنسان ، سواء كان مسلماً أو غير مسلم ، وأن من الأدلة ما يحرم هذا الفعل حتى في حق الحيوانات أو الحشرات .
وقد جاء في بداية البيان أنه : قد شاهد ورأى الملايين من المسلمين وغيرهم العمل الإجرامي الفظيع الذي لا يجوز أنْ يفعل بكافرٍ محارب للمسلمين وقع في أيديهم ، فضلاً عن أن يكون ذلك الفعل في حق مسلم ، يحارب مسلما باغيا آخر .
وقد تساءل كثير من الناس عن حكم هذا الفعل الشنيع بعد تشكيك سمعوه من بعض أهل الأهواء والبدع .
ونقول : قد دلت أدلة القرآن الكريم والسنة النبوية من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريم هذه الأعمال في حق الكفار المحاربين للمسلمين إذا وقعوا في أيدي المسلمين ، فما بالك بالمسلمين ؟
ثم ساقت اللجنة جملة من الأدلة الشرعية الصحيحة بتخريجاتها للتدليل على حرمة هذا العمل ، ومن هذه الأدلة : ما جاء في صحيح مسلم برقم (1731)عن سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عَائِشَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالت : ' كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وبِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا . ثُمَّ قَالَ : ' ... وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا ، وَلَا تُمَثِّلُوا ، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا ... الحديث ' .
ودليل آخر ، وهو ما جاء في البخاري (2474)عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ ، عَنْ النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ علَيه وسلّم أَنَّهُ نَهَى عن النُّهْبَةِ ، والْمُثْلَةِ .
كذلك ما أخرجه الإمام أحمد و البخاري و أبو داود و الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :' بعثنا رسول الله في بعث ، فقال : ' إن وجدتم فلاناً و فلاناً لرجلين فأحرقوهما بالنار ، ثم قال حين أردنا الخروج : ' إني كنت أمرتكم أنْ تَحرقوا فلاناً وفلاناً ، وإنّ النار لا يُعذب بها إلا الله ، فإن وجدتموهما فاقتلوهما ' . وفي بعض ألفاظ الحديث : ' وإنه لا ينبغي لأحدٍ أنْ يُعذّب بعذاب الله' .
وأوردت اللجنة في دليل آخر : أن النبي صلى الله عليه وسلم في حربه وقتاله وجهاده مع الكفار لم يستخدم التمثيل بهم ، وهو قادرٌ عليه ، ومع خصوم وأعداء له ألداء قاتلوه صلى الله عليه وسلم ومثلوا بأصحابه رضي الله عنهم في 'أُحد' ومع هذا لما فُتحت مكة ، لم يمثل بهم مع داعي قيام ذلك ، وهو من أنزل عليه قوله تعالى : (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) النحل (126) ، وقد استجاب صلى الله عليه وسلم لذلك فعفا وصفح .
ثم جاء في البيان أن هذه المسألة قد تكلم عليها العلماء وأوضحوها ، حتى ذكر بعض الأئمة فيها الإجماع ، كالإمام ابن حزم رحمه الله تعالى نقل الاتفاق على تحريم التمثيل فيما دون القصاص في كتابه مراتب الإجماع ص(175) ، وحكى الإجماع أيضا الإمام الأمير الصنعاني علامة اليمن في ' سبل السلامِ ' (4/200) الإجماع فقال : ' ثُمَّ يُخْبِرُهُ بِتَحْرِيمِ الْغُلُول مِنْ الْغَنِيمَةِ وتَحْرِيمِ الْغَدْرِ وتَحْرِيمِ الْمُثْلَةِ ، وتَحْرِيمِ قَتْلِ صِبْيَانِ الْمُشْرِكِينَ ، وهذه مُحَرَّمَاتٌ بِالْإِجْمَاعِ ' . وقال الإمامُ الشوكاني في ' النيل ' (8/263) : قَوْلُهُ : ' وَلَا تُمَثِّلُوا ' فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْمُثْلَةِ .اهـ
والتحريق من المثلة ، بل هو من أشد أنواعها ، سواءً كان التحريق حال القتل أو بعد القتل ، ومما يدل على ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (468/6) : عن إبراهيم قال : ' كانوا يكرهون أنْ يُحرق العقرب بالنار ويقولون : مُثلة .
فهذا حال السلف في حق هذه الحشرة ، فكيف بغيرها ؟!! وقد قرأنا عددا من المقالات على صفحات التواصل الاجتماعي التي تبرر هذا الأعمال بالعواطف والحماس غير المضبوط شرعا ولا عقلا ؟! والتي حاول بعض كتابها ممن لا يُقدر مصالح الأمور وعواقبها القول بجوازها ، ونقل كلام بعض العلماء في المسألة في غير محله ، مع عدم توجيه كلامهم التوجيه الصحيح ، وفهمه الفهم السليم ، وليحذر هؤلاء من قوله تعالى : ( ولاَ تَقُولوا لِمَا تَصِفُ ألْسِنَتُكَم الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ ) النحل : (116) .
وفي رد على من قال بجواز مثل هذا الفعل أوضح البيان خطأ ذلك ، حيث جاء فيه : أنه قد استدل هؤلاء الخوارج بقول لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على فعلتهم الشنيعة ؟! والحق أنه لا حجة لهم فيه ، وهو في غير موضعه ؟! وهذا هو كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ، فقد قال في ' الفتاوى ' (28/314) : ' فَأَمَّا التَّمْثِيلُ فِي الْقَتْلِ ، فَلَا يجوزُ إلَّا علَى وَجْهِ الْقِصَاصِ ، وقَد قَال عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ' مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً إلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ ، وَنَهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ ' . حَتَّى الْكُفَّارُ إذَا قَتَلْنَاهُمْ فَإِنَّا لَا نُمَثِّلُ بِهِمْ بَعْدَ الْقَتْلِ وَلَا نَجْدَعُ آذَانَهُمْ وَأُنُوفَهُمْ وَلَا نَبْقُرُ بُطُونَهُمْ ، إلَّا إنْ يَكُونُوا فَعَلُوا ذَلِكَ بِنَا ، فَنَفْعَلُ بِهِمْ مِثْلَ مَا فَعَلُوا ' . وَالتَّرْكُ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ . وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إلَّا بِاللَّهِ ) انتهى كلامه رحمه الله . وهذا كلام واضح ولله الحمد ، ولا حجة لهم فيه على قتل الأسير الكافر الحي حرقا ؟! فكيف إذا كان مسلما ؟! وأيضا : فقد قرر أهل العلم والفقه والدعوة ، والعقلاء من الناس ، أن هذه الأعمال ، شرٌ محض ، لم يجن الإسلام من ورائها إلا مزيداً من التشويه ، ولم تجن الأمة من ورائها إلا مزيدا من النكبات والمصائب والويلات ، وتسلط الأعداء ، ولم تجن الدعوة من ورائها إلا التضييق والمحاصرة ، ولم تقتصر الخسارة على البلاد التي تقع فيها مثل هذه الأحداث ، بل امتدت لتشمل غيرها من البلاد الإسلامية وغير الإسلامية .
وجاء في البيان كذلك ذكر الآثار التي تترتب على مثل هذا العمل الإجرامي ، وأول ذلك تشويه صورة الإسلام والمسلمين ، حيث أن قنوات الإعلام الغربي المتعصبة ضد الإسلام ، والتي تعمل جاهدة على تشويه الإسلام والصد عنه ، وإقامة الحواجز بين الناس وبينه ، ما وجدوا أفضل مما قدمه أصحاب هذه الأعمال في بلاد الإسلام للقيام بهذه المهمة ، فعملوا بها حاجزا كبيرا بين إقبال النفوس المتعطشة لهذا الدين الحق وبينه .
كما أن في هذه الأعمال الوحشية : إضعاف المسلمين ، وإضعاف قوتهم ووحدتهم ، وإثارة البلبلة في صفوفهم ، وتقطيع الأواصر فيما بينهم ، حتى حمل أبناء البلد الواحد السلاح كل في وجه أخيه المسلم ، وبينما كانت جهود الفقهاء والدعاة موجهة لرد شبهات أعداء الداخل ، والحفاظ على ثوابت الأمة إذا بها تنحسر لمواجهات شبهات الداخل ، ورد أصحاب هذا الفكر إلى جادتهم ، وكل ذلك لا شك نشأ عنه فتنة في الأرض وفساد كبير.
وجاء في البيان أيضاً : أن في هذه الأعمال الوحشية اجتراء العلمانيين على ثوابت الأمة وعقيدتها ، وهم الطابور الخامس الذي ما فتئ ينخر في جسد الأمة ، ويغتنم الدوائر فقد وجدوا هذه الأعمال بوابة كبيرة لنفث سمومهم تحت مبرر محاربة الإرهاب وفكر العنف ، وتصوير مسلمات الأمس وثوابت الدين وعقيدة السلف ، على أنها أفكار ونظريات تحتاج للمراجعة ، ولم يكن هؤلاء ليجترئوا على الصدع بما تكنه صدورهم ، لولا ما حدث من هذه الأعمال فوجدوا الفرصة سانحة لهم لمهاجمة ثوابت الأمة وعقيدتها ، والتطاول على علماء الأمة ، وتشويه صورتهم ، تارة تلميحا وتارة تصريحا ، وهدفهم من ذلك هو النيل من ثوابت الأمة وعقيدتها ، التي يقف هؤلاء الدعاة والعلماء حجر عثرة دون النفاذ إليها.
وقد جاء في ختام البيان أنه لو نظر المسلم العاقل إلى هذه المفاسد وغيرها مما لم يذكر هنا ، لعلم أن هذه الأعمال لو لم يكن هناك نص فقهي واضح في تحريمها ، لكانت مفاسدها كافية في تحريمها .
فعلى الشباب التيقظ والبعد عن هذه الأفعال المنكرة ، وليحكموا الشرع والنقل الصريح ، والعقل الصحيح ، ولا يحكمون العواطف والحماس غير المضبوط بالضوابط الشرعية .
تعليقات