اليونسكو تنشر خريطة عالمية لطبقات المياه الجوفية العابرة للحدود
عربي و دوليأكتوبر 23, 2008, منتصف الليل 904 مشاهدات 0
نحو 96٪ من المياه العذبة على كوكب الأرض موجودة في طبقات المياه الجوفية والتي هي بأغلبها عابرة للحدود. في انتظار إحالة مشروع اتفاقية طبقات المياه الجوفية العابرة للحدود أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 27 تشرين الأول/أكتوبر، تنشر اليونسكو أول خريطة عالمية لطبقات المياه الجوفية المشتركة بين الدول.
بالرغم من الأهمية الإستراتيجية لتلك الأحواض المائية، لم يجر حتى اليوم أي إحصاء عالمي لها. وها هو البرنامج الهيدرولوجي الدولي لليونسكو، الذي يشارك في إعداد قاعدة بيانات خاصة بالمياه الجوفية منذ العام 2000، يقدم خريطة مفصلة (تجدونها على شبكة الانترنت) لطبقات المياه الجوفية العابرة للحدود، أي المشتركة بين دولتين على الأقل، محدداً موقعها وموضحاً صفاتها ونسبة تغذيتها. وهناك اليوم 273 طبقة جوفية عابرة للحدود حول العالم، 68 منها في القارة الأمريكية، و38 في إفريقيا، و65 في أوروبا الشرقية، و90 في أوروبا الغربية، و12 في آسيا.
يفوق حجم طبقات المياه الجوفية حجم المياه العذبة المتوفرة على سطح الأرض مائة ضعف، وهي تلبي في الواقع جزءاً كبيراً من احتياجاتنا. وقد تمخض ازدياد الطلب على الثروة المائية منذ منتصف القرن العشرين الماضي بازدياد الطلب على تلك المستجمعات المائية الجوفية. وتستخدم هذه الثروة على الصعيد العالمي بنسبة 65٪ للري و25٪ لاستهلاك المياه العذبة و10٪ للقطاع الصناعي.
وتشكل المياه الجوفية أكثر من 70٪ من المياه المستخدمة في الاتحاد الأوروبي وغالباً ما تعتبر إحدى أهم مصادر الاستهلاك المائي، لا بل المصدر الوحيد أحياناً، في الأقاليم القاحلة وشبه القاحلة (100٪ في المملكة العربية السعودية ومالطة، 95٪ في تونس، 75٪ في المغرب). وتعتمد نظم الري في العديد من الدول على شبكة المياه الجوفية بشكل موسع (90٪ في الجماهيرية العربية الليبية، 89٪ في الهند، 84٪ في جنوب إفريقيا، 80٪ في إسبانيا).
ورغم وجود شبكات لطبقات المياه الجوفية في كافة القارات، فهي ليست كلها متجددة. فمن المستحيل مثلاً إعادة تغذية المستجمعات الجوفية في شمال إفريقيا وشبه الجزيرة العربية، حيث تطلب الأمر أكثر من 10.000 سنة كي تتشكل في ظل مناخ أكثر رطوبة. وحتى وإن كانت طبقات المياه الجوفية متجددة، أي تزودها التساقطات بشكل منتظم، فهي معرضة في بعض المناطق للاستغلال المفرط والتلوث. وغالباً، ما يستغل سكان الجزر الصغيرة والمناطق الساحلية في حوض المتوسط مثلاً المياه الجوفية بمعدل يفوق قدرتها على تجديد خزانها.
أما في إفريقيا، فمازالت طبقات المياه الجوفية، وهي من أكبر الطبقات الجوفية في العالم، غير مستغلة بما فيه الكفاية. وتشكل هذه الموارد بالتالي طاقة كامنة ضخمة شرط خضوعها لإدارة مستدامة. لكن امتداد الطبقات الجوفية تحت حدود عدة دول عامة يحتّم على الدول المعنية باستغلالها الاتفاق حول آليات إدارتها لتفادي تلويث مياهها على سبيل المثال أو استغلالها المفرط من قبل إحدى الدول المحاذية.
بدأت آليات مماثلة بالظهور في السنوات القليلة الماضية. فقد أنشأت دول تشاد ومصر والجماهيرية العربية الليبية والسودان في تسعينيات القرن الماضي سلطة مشتركة مهمتها إدارة شبكة المياه الجوفية النوبية بشكل منسق. كما وصادق كل من النيجر ونيجيريا ومالي، في إطار مشروع حول مستودع المياه الجوفية ايوليمدان، على مبدأ وضع مخطط استشاري لإدارة الشبكة. لكن هذه الآليات تبقى نادرة جداً في الحقيقة.
يطمح مشروع اتفاقية طبقات المياه الجوفية العابرة للحدود إلى سد الفراغ القانوني في هذا المجال، والمشروع من إعداد لجنة القانون الدولي في الأمم المتحدة بمعاونة مختصين تابعين للبرنامج الهيدرولوجي الدولي لليونسكو. وما ينص عليه المشروع، الذي سيرفع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 تشرين الأول/أكتوبر، هو تشجيع الدول التي تتقاسم طبقات للمياه الجوفية على عدم إلحاق الضرر بالأحواض الموجودة، وعلى التعاون فيما بينها، وعلى منع تلوث الشبكات الجوفية والإشراف عليها.
أُطلق البرنامج العالمي لرسم الخرائط والتقييم الهيدرولوجي عام 1999* بغية تعزيز المعارف بشأن الموارد المتوفرة على كوكب الأرض وتحسين إدارتها لاسيما في ما يتعلق بالمياه الجوفية. وفي عام 2000، أطلق البرنامج الهيدرولوجي الدولي مشروع إدارة موارد طبقات المياه الجوفية المشتركة بين الدول أملاً في كشف شبكات المياه الجوفية العابرة للحدود حول العالم وتقييمها (تحديد موقعها، تقدير حجمها، تقدير نسبة تغذيتها، إلخ). وتم إطلاق تقييم محلي في كل إقليم من الأقاليم. أما الهدف، فهو في المرحلة الأولى إجراء كشف بياني جغرافي، وفي المرحلة الثانية وضع جدول للقوانين السائدة في كل دولة بخصوص مسألة إدارة طبقات المياه الجوفية.
* بمساعدة من لجنة الخريطة الجيولوجية للعالم، والرابطة الدولية للعلوم الهيدرولوجية، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمعهد الاتحادي الألماني لعلوم الأرض والموارد الطبيعية.
بالرغم من الأهمية الإستراتيجية لتلك الأحواض المائية، لم يجر حتى اليوم أي إحصاء عالمي لها. وها هو البرنامج الهيدرولوجي الدولي لليونسكو، الذي يشارك في إعداد قاعدة بيانات خاصة بالمياه الجوفية منذ العام 2000، يقدم خريطة مفصلة (تجدونها على شبكة الانترنت) لطبقات المياه الجوفية العابرة للحدود، أي المشتركة بين دولتين على الأقل، محدداً موقعها وموضحاً صفاتها ونسبة تغذيتها. وهناك اليوم 273 طبقة جوفية عابرة للحدود حول العالم، 68 منها في القارة الأمريكية، و38 في إفريقيا، و65 في أوروبا الشرقية، و90 في أوروبا الغربية، و12 في آسيا.
يفوق حجم طبقات المياه الجوفية حجم المياه العذبة المتوفرة على سطح الأرض مائة ضعف، وهي تلبي في الواقع جزءاً كبيراً من احتياجاتنا. وقد تمخض ازدياد الطلب على الثروة المائية منذ منتصف القرن العشرين الماضي بازدياد الطلب على تلك المستجمعات المائية الجوفية. وتستخدم هذه الثروة على الصعيد العالمي بنسبة 65٪ للري و25٪ لاستهلاك المياه العذبة و10٪ للقطاع الصناعي.
وتشكل المياه الجوفية أكثر من 70٪ من المياه المستخدمة في الاتحاد الأوروبي وغالباً ما تعتبر إحدى أهم مصادر الاستهلاك المائي، لا بل المصدر الوحيد أحياناً، في الأقاليم القاحلة وشبه القاحلة (100٪ في المملكة العربية السعودية ومالطة، 95٪ في تونس، 75٪ في المغرب). وتعتمد نظم الري في العديد من الدول على شبكة المياه الجوفية بشكل موسع (90٪ في الجماهيرية العربية الليبية، 89٪ في الهند، 84٪ في جنوب إفريقيا، 80٪ في إسبانيا).
ورغم وجود شبكات لطبقات المياه الجوفية في كافة القارات، فهي ليست كلها متجددة. فمن المستحيل مثلاً إعادة تغذية المستجمعات الجوفية في شمال إفريقيا وشبه الجزيرة العربية، حيث تطلب الأمر أكثر من 10.000 سنة كي تتشكل في ظل مناخ أكثر رطوبة. وحتى وإن كانت طبقات المياه الجوفية متجددة، أي تزودها التساقطات بشكل منتظم، فهي معرضة في بعض المناطق للاستغلال المفرط والتلوث. وغالباً، ما يستغل سكان الجزر الصغيرة والمناطق الساحلية في حوض المتوسط مثلاً المياه الجوفية بمعدل يفوق قدرتها على تجديد خزانها.
أما في إفريقيا، فمازالت طبقات المياه الجوفية، وهي من أكبر الطبقات الجوفية في العالم، غير مستغلة بما فيه الكفاية. وتشكل هذه الموارد بالتالي طاقة كامنة ضخمة شرط خضوعها لإدارة مستدامة. لكن امتداد الطبقات الجوفية تحت حدود عدة دول عامة يحتّم على الدول المعنية باستغلالها الاتفاق حول آليات إدارتها لتفادي تلويث مياهها على سبيل المثال أو استغلالها المفرط من قبل إحدى الدول المحاذية.
بدأت آليات مماثلة بالظهور في السنوات القليلة الماضية. فقد أنشأت دول تشاد ومصر والجماهيرية العربية الليبية والسودان في تسعينيات القرن الماضي سلطة مشتركة مهمتها إدارة شبكة المياه الجوفية النوبية بشكل منسق. كما وصادق كل من النيجر ونيجيريا ومالي، في إطار مشروع حول مستودع المياه الجوفية ايوليمدان، على مبدأ وضع مخطط استشاري لإدارة الشبكة. لكن هذه الآليات تبقى نادرة جداً في الحقيقة.
يطمح مشروع اتفاقية طبقات المياه الجوفية العابرة للحدود إلى سد الفراغ القانوني في هذا المجال، والمشروع من إعداد لجنة القانون الدولي في الأمم المتحدة بمعاونة مختصين تابعين للبرنامج الهيدرولوجي الدولي لليونسكو. وما ينص عليه المشروع، الذي سيرفع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 تشرين الأول/أكتوبر، هو تشجيع الدول التي تتقاسم طبقات للمياه الجوفية على عدم إلحاق الضرر بالأحواض الموجودة، وعلى التعاون فيما بينها، وعلى منع تلوث الشبكات الجوفية والإشراف عليها.
أُطلق البرنامج العالمي لرسم الخرائط والتقييم الهيدرولوجي عام 1999* بغية تعزيز المعارف بشأن الموارد المتوفرة على كوكب الأرض وتحسين إدارتها لاسيما في ما يتعلق بالمياه الجوفية. وفي عام 2000، أطلق البرنامج الهيدرولوجي الدولي مشروع إدارة موارد طبقات المياه الجوفية المشتركة بين الدول أملاً في كشف شبكات المياه الجوفية العابرة للحدود حول العالم وتقييمها (تحديد موقعها، تقدير حجمها، تقدير نسبة تغذيتها، إلخ). وتم إطلاق تقييم محلي في كل إقليم من الأقاليم. أما الهدف، فهو في المرحلة الأولى إجراء كشف بياني جغرافي، وفي المرحلة الثانية وضع جدول للقوانين السائدة في كل دولة بخصوص مسألة إدارة طبقات المياه الجوفية.
* بمساعدة من لجنة الخريطة الجيولوجية للعالم، والرابطة الدولية للعلوم الهيدرولوجية، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمعهد الاتحادي الألماني لعلوم الأرض والموارد الطبيعية.
الآن : فالح الشامري
تعليقات