اقتصاد الفلافل!.. بقلم نرمين الحوطي
زاوية الكتابكتب ديسمبر 31, 2014, 12:44 ص 551 مشاهدات 0
الأنباء
محلك سر / الفلافل الاقتصادية
د. نرمين الحوطي
ها هي 2014 لم تبق غير الساعات المعدودة وترحل بأحزانها وأفراحها، قد تكون أحزانها غلبت على أفراحها وبين هذا وذاك تبقى حصيلتنا «اقتصاد الفلافل».
في إحدى السفرات كنت أتصفح المجلات لأضيع وقت الرحلة، وإذا بي أقرأ ما يحمل عنوان «اقتصاد الفلافل»، وهو ما شد انتباهي لمعرفة ما هو الرابط بين الاقتصاد والفلافل؟ لم تكن مقالة بل دراسة اقتصادية تحليلية قام بها الكاتب «ريزات بوت» وتقوم الدراسة على أسس اقتصادية مصاحبة لدراسات تحليلية استمدت بدايتها من معالجة اقتصادية كتبت ونشرت في صحيفة «الإيكونوميست» في عام 1986 عندما أخذت من إحدى الشركات العالمية الصانعة «للبرغر» دليلا ساخرا لصرف العملة والفوارق بين العملات الأجنبية من خلال مقارنة مبسطة لأسعار الوجبة في تلك الشركة في مختلف أنحاء الدول الأوروبية وبالفعل من خلال الأضحوكة الاقتصادية أثبتت الدراسة من سعر الوجبة بين الدول الأجنبية فرق العملة بينها.
تلك كانت البداية للدراسة التي بين أيدينا التي استمد منها الكاتب فكرته الاقتصادية لمعرفة فوارق العملات بين الدول، ولكن قامت دراسته باستبدال «البرغر» بـ «الفلافل»، وقام برصد أسعار «ساندويش الفلافل» في مختلف الدول العالم، فما وصل إليه من نتيجة هو أن الفلافل لم تقتصر فقط على تفاوت وفوارق العملة بين الدول بل اجتازت تلك الفوارق لتثبت أن الفلافل أصبحت للأثرياء فقط.
يقول «ريزات بوت» في دراسته عندما قام برصد أسعار الفلافل: «إن سعرها في الولايات المتحدة تجاوز العشرة دولارات مع العلم بأن مكوناتها غير مكلفة»، هذا على سبيل المثال لما رصده الكاتب في دراسته، وان من أسباب ارتفاع تلك الوجبة مع استبعاده أن تكون الفلافل مثالا لفارق العملة هو إقبال السواح والطبقة الثرية على تناولها والإقبال الشديد عليها في أنحاء العالم، ما جعل منها وجبة كانت تقدم في السابق للكادحين لقلة سعرها، واليوم أصبح يتناولها الأثرياء، ما جعل ثمنها يرتفع ارتفاعا مكلفا أكثر من تكلفتها، ومع ذلك الإقبال أصبحت الفلافل وجبة مكلفة لمن أراد تناولها، فأصبح المقبلون عليها من طبقة الأثرياء ممن يقدرون على الدفع لتناولها، وبذلك أصبحت الفلافل خارجة على معرفة فروق العملة بين الدول العربية والأجنبية.
ذلك كان ملخص الدراسة التي جعلتني أضحك، و«شر البلية ما يضحك»، فعندما نجد تفاوت أسعار الفلافل وفق الدراسة التي بين أيدينا وجشع من يقوم ببيعها حتى يجعلها- بسبب تفوت ثمنها- غير مضمونة لفارق العملة، وتصبح وجبة لطبقة المترفين، فبعيدا عن الاقتصاد وتحليلاته، نجد أن حصيلة القارئ أننا سلبنا من الطبقات الكادحة كل شيء، حتى الفلافل تقاسمناها معهم إلى أن جعلناها في قائمة وجبات الأثرياء.
٭ مسك الختام: قالوها أهل مصر: «الكحكة في إيد اليتيم عجبة».. وكل عام وأنتم بخير
تعليقات