عودة الريادة للأمة الإسلامية والحضارة الفاضلة!.. بقلم ناصر المطيري
زاوية الكتابكتب ديسمبر 24, 2014, 1:02 ص 445 مشاهدات 0
النهار
خارج التغطية / مأزق الأمة '2'
ناصر المطيري
كتبنا في المقالة السابقة عن مأزق الأمة وما تعانيه من جمود فكري واحجام عن مواكبة التقدم واعتماد التقليد والانجراف خلف حضارات الغرب رغم أننا نملك تراثا حضاريا اسلاميا كبيرا، وفي الجزء الثاني من المقال نطرح اليوم سبل الخروج من هذا المأزق، ونقول ان أولها: نشر ثقافة الحرية وهي أول كل الحلول، ومن دونها لن يتكامل شيء. وتشمل حرية الفكر والقول والعمل، على مستوى الانسان المجتمع، والانسان الفرد.
فعلى المستوى الاجتماعي، يجب رفع الحظر عن العقل أن يفكر بحرية، وأن تُزال أسوار الممنوعات الا مايتنافى مع الأخلاق وينحدر بالانسان الى أسفل سافلين فللعقل أن يفكر في الوجود، والخالق والمخلوق، وعالم الغيب والشهادة، فلابد من اطلاق العقل وتحريره من التحجر، المتمثل في التقليد والاتباع. وأن تكون هذه الحرية العقلية في إطار من الدين والأخلاق وله أن يوصل أفكاره لمراحل العمل، عبر الطرق الديموقراطية، التي تفتح المجال لسنة التدافع أن تأخذ مجراها، فمتى ما تمكنت فكرة ما من الانتشار، وقلبت قناعات الناس، فمن حقها أن تأخذ مجرى التطبيق، فالانسان الحر في تفكيره، هو من لا يأسره الاّ الدليل والبرهان، يدور معه حيثما دار، لا يتعصب لقول دون قول، ولا لمذهب دون مذهب، حتى لو خالف ما كان عليه من قناعاته ومسلماته، والجدال المفتوح بالتي هي أحسن هو ميدان تتدرب فيه عقول الناس، على قبول الحق دون مواربة، وان خالف رأياً أو شهوة أو رغبة، وهذا الإنسان حر الفكر والتفكير هو رأسمال التقدم.
من الثمرات الطبيعية للحرية نبذ المذهبيّة، ولكن ونظراً لتغلغل المذهبيّة عميقا في المجتمعات العربية والاسلامية، فانها تستحق ابرازها كنقطة مستقلة. فالمسلمون اليوم تمزقهم المذاهب الدينية والفقهية والكلامية، عوضا عن المذاهب السياسية والفكرية القديمة والحديثة.
الركيزة الأهم في معالجة ما تعانيه الأمة من تخبط ومأزق يتمثل في قضية التربية والتعليم فهذه الثنائية خطيرة جدا وهي أساس المشكلة ومصدر الحل وهنا أريد أن انوه، بالعجز والقصور والتقصير، اللامحدودين في جانب التربية، اذ يمكن القول جزما، أنه لا يوجد للتربية منهاج أصلا، وما يوجد من عظات ونصائح لا يشكل شيئا من منهج، ولو كانت ساعات التعليم عشرا، فان ما للتربية منها لا يزيد عن الدقيقة. وهي التربية متروكة للدافع الذاتي للمعلم، وهمه الشخصي بها، فلا يوجد منهج مدروس ومبرمج، ذو أهداف سلوكية مرصودة، ابتداء من أبسط قواعد السلوك واللياقة، الى أعمق الخصال النفسية والأخلاقية، فليست هناك تربية. حتى في أبسط قواعد السلوك واللياقة، التلميذ طفلا وفتى وشابا، يسمع ويمارس أنواع السباب، وسوء الأدب، وايذاء الآخرين، وسوقي التصرفات، واهدار الوقت، وغياب الهدف، وعدم القدرة على التخطيط لنفسه. وضع مزرٍ على مستوى الأخلاق الاعتيادية الضرورية، فما بالك بالكمالات النفسية والعقلية، عوضا عن كمالات الروح. الوضع التربوي مأساوي بكل معنى الكلمة
وفي الختام، أمتنا هي الوحيدة الباقية تدعو الانسان للسماء، والانسان المبتعد عن السماء يهلك نفسه ومجتمعه وحضارته، وانساننا العربي والمسلم اليوم، هو في هاوية التخلف، فعلينا لكي نعود للريادة الانسانية، أن نخلق الانسان الرباني الفاضل، والحضارة الفاضلة، وقبل ذلك علينا أن نخلق الانسان، والحضارة، وأول مفتاح لذلك أن نطلق الحرية الحقيقية في دواخلنا.
تعليقات