البرلمان المقبل لن يكون ممثلاً حقيقياً للشعب المصري!.. برأي وليد الرجيب
زاوية الكتابكتب ديسمبر 20, 2014, 12:35 ص 600 مشاهدات 0
الراي
أصبوحة / الثورة المضادة تعود من النافذة
وليد الرجيب
استطاع الشعب المصري الإطاحة برئيسين خلال ثلاثة أعوام، في ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو، ورغم أن نظامي حسني مبارك ومحمد مرسي يبدوان متناقضين في المظهر، إلا أنهما متفقان بالجوهر، فكلا النظامين يمثل مصالح كبار الرأسماليين، المستغلين للشعب المصري والتابعين سياسيا واقتصادياً للولايات المتحدة، وسياسة النيوليبرالية التي تفرضها على شعوبنا اليوم الدول الرأسمالية الكبرى بطرق مختلفة.
جاءت ثورة 25 يناير بأهداف محددة، تمثلت بشعار عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية والقضاء على الفساد، لكن المجلس العسكري بالتحالف مع الإخوان المسلمين والولايات المتحدة، سلموا الحكم لجماعة الإخوان، التي لم تحقق هدفاً واحداً من أهداف الثورة، بل حاولت وبأقصى سرعة السيطرة على مفاصل الدولة، ونهبها وبيع أراضيها مع وعود بتحقيق حلم إسرائيل بتهويد فلسطين بأكملها، وتوطين الفلسطينيين في شمال سيناء، وبيع حلايب وشلاتين، ومحاولة إعادة العهد الاستعماري للسيطرة على قناة السويس.
وهذا ما دفع الشعب المصري للقيام بموجة ثورية ثانية في 30 يونيو 2013، ليسقطوا حكم الإخوان وينتخبوا عبد الفتاح السيسي، ووضعت جميع القوى السياسية والمؤسسات الدينية خارطة طريق، يتم خلالها انتخاب رئيس جديد ووضع دستور يلبي مطالب الثورة، ثم وضع قانون لنظام انتخابي عادل يحقق أهداف الثورة في إطار دولة مدنية حديثة.
ولكن خاب أمل الشعب المصري وقواه السياسية الوطنية والديموقراطية والتقدمية، التي رأت في تبرئة الرئيس الأسبق وأعوانه من كل التهم والجرائم المنسوبة لهم بحق الشعب المصري وشهدائه، رأت أن ذلك يعد تمهيداً لعودة فلول نظام مبارك، وكبار الرأسماليين الذين نهبوا ثروات الشعب المصري، وجاء القانون الانتخابي الجديد ليثبت ذلك.
فالبرلمان المقبل لن يكون ممثلاً حقيقياً للشعب المصري، بل سيكون برلمانا أغلبيته خليط من رجال الأعمال متضمنين فلول ورموز عهد مبارك وآخرون يتطلعون إلى الرئاسة بالإضافة إلى خطر تسرب جماعات الإسلام السياسي، وكذلك نواب الخدمات المضمونة أصواتهم في اتجاه من يقود السلطة، فقانون تقسيم الدوائر الانتخابية جاء متجاهلاً ملاحظات القوى السياسية، فالقانون قد صدر بنفس طريقة ومنهج إصدار قانون التظاهر وقانون تحصين العقود الحكومية.
وفي لقاء الأحزاب والتحالفات الانتخابية مع رئيس مجلس الوزراء المصري ابراهيم محلب، قُدمت ملاحظات حول قانون الانتخابات وقانون تقسيم الدوائر، فنظام القائمة المطلقة يسلب 49 في المئة من أصوات الناخبين، ويمنحها لحزب حصل على 51 في المئة على غير إرادة الناخبين، كما أن اقتصار القوائم على 20 في المئة من مقاعد البرلمان، يضعف التمثيل السياسي لحساب نواب الخدمات ويفتح الباب أمام قوى الفساد، وأيضاً تقسيم الجمهورية إلى أربع دوائر كبيرة، يجعل النتيجة محسومة للأكثر مالاً، وكذلك غلبة نسبة المقاعد الفردية يفتح المجال لهيمنة المال السياسي والنفوذ القبلي ونواب الخدمات، وإصرار الحكومة على ارتفاع سقف الإنفاق المالي لكل مرشح إلى نصف مليون جنيه، سوف يؤدي إلى إقصاء مرشحي العمال والفلاحين وأبناء الطبقة المتوسطة، الذين يمثلون الأغلبية الساحقة من فئات الشعب المصري خارج دائرة التمثيل السياسي.
وهذا إن تحقق سيعني أن قوى الثورة المضادة ورموز مبارك الذين طردهم الشعب من الباب الواسع، سيعودون بالتدريج من النافذة، ولن تيأس هذه القوى حتى تعود لتنشب براثنها في جسد الشعب المصري، وتستعيد نفوذها.
تعليقات