يكتب فهيد البصيري عن دول الخليج ومستقبل النفط الصخري
زاوية الكتابكتب ديسمبر 12, 2014, 1:11 ص 1858 مشاهدات 0
الراي
حديث الأيام / ماذا ينتظر دول الخليج النفطي؟
د. فهيد البصيري
شدني من شعري تقرير عن النفط قرأته قبل أيام في المجلة العالمية
«the economist» أي «الاقتصادي»، ومن المؤكد أن الموضوع يهمكم لأنه يتكلم عن مستقبلنا القريب، ولابد من أن أصارحكم بما وجدت ولو على حساب مزاجي ومزاجكم، فاستعينوا بالله واسمعوا.
وقولوا معي رحم الله «أوبك»، فقد ولت إلى غير رجعة، لأن المتحكم في النفط هذه الأيام هم المستهلكون، وليس المنتجون، وخصوصا بعد أن شاع انتاج النفط وانتشرت مصانعه في أميركا، وبدأت دول العالم من (التشيك) –تصوروا - إلى الصين تفكر في انتاجه، وقصة النفط الصخري قصة، فهو قبل سنوات لم يكن شيئا يذكر، ولكنه اليوم صار سحرا تكنولوجيا يحيل الرمل إلى ذهب ولكنه أسود، ورغم أن العائد من إنتاجه مازال قليلا، إلا أن تكلفة حفر البئر لا تتجاوز 1،5 مليون دولار، في حين أن تكلفة حفر أحد حقول سيبيريا الصعبة بلغت 700 مليون، وصحيح أن انتاج النفط الصخري اليوم، لا يشكل إلا ما نسبته 3.5 من إنتاج العالم، إلا أن مستقبله سيرسم خريطة العالم الاقتصادية من جديد.
وتقول آخر إحصائية إن شركات النفط الصخري حفرت ما يفوق 20 الف بئر في أميركا فقط، وهو رقم يتعدى عدد آبار المملكة العربية السعودية،وقد قفز انتاج النفط الأميركي بسببه إلى 9 ملايين برميل يوميا وهو ما يقارب انتاج السعودية.
وكان من الطبيعي أن تنخفض أسعار النفط بعد زيادة الإنتاج الصخري وفوضى انتاج النفط بين أعضاء منظمة «أوبك»، كما أنه من الطبيعي ألا تُخفض دول الخليج من إنتاجها، على أمل أن يؤثر ذلك على تكلفة إنتاج النفط الصخري ومنع الاستثمار فيها، ولكن المشكلة هي إلى أي مدى تستطيع هذه الدول الصمود؟ خصوصا إذا عرفنا أن بعض الشركات المنتجة لهذا النفط صرحت بأنها تستطيع الاستمرار في الإنتاج حتى إذا ما انخفض النفط إلى مستوى 57 دولارا وهو سعر منخفض جدا وغير متوقع من أعتى خبراء «أوبك»!
ومع أن السعر لم يصل لهذا المستوى حتى كتابة هذه المقالة، إلا أن الأسعار الحالية أصحبت غير محتملة بالنسبة لبعض الدول، وكانت نتائجها سريعة وواضحة، فقد إنهار الروبل الروسي، وقامت نيجيريا بخفض ميزانيتها وتعويم عملتها، وفنزويلا تفكر في التخلي عن سداد ديونها، وحتما هناك مشاكل كبيرة تنتظر الدول الخليجية ولكنها لن تفصح عنها، على أمل أن تمر هذه الأزمة بسلام، إذا ما ارتفع النفط إلى مستويات معقولة، وبشرط أن تمنع هذه المستويات السعرية شركات النفط الصخري من الدخول في السوق وهذه معادلة صعبة أو قولوا مهمة مستحيلة.
والقصة في بدايتها، وهناك رابحون وهناك خاسرون من هذا التراجع السعري، ومصائب قوم عند قوم فوائد، فقد تسبب انخفاض النفط في عودة 1.3 تريليون دولار من جيوب المنتجين إلى جيوب المستهلكين، ومن الدول المستفيدة الهند واليابان وتركيا.
أما ما نحن مقبلون عليه، فهو أن الأسعار من المتوقع أن تبقى منخفضة إلى زمن ليس بقصير، مالم تحركها أزمة سياسية عالمية خطيرة أو نشوب حرب في المنطقة أي منطقتنا طبعا، ومع ذلك لن تتركنا الشركات المنتجة للنفط الصخري في حالنا فهي تتوعدنا ليل نهار، وتحلف بالإنجيل والتوراة أنه سيأتي يوم ليس ببعيد سينشرون فيه مصانع النفط الصخري في العالم كما نشروا مصانع المياه الغازية!
تعليقات