عن الماضي الذي يحيا من جديد!.. تكتب فاطمة البكر

زاوية الكتاب

كتب 812 مشاهدات 0


القبس

وهج الأفكار  /  عندما يخسر التاجر.. يبحث في دفاتره القديمة

فاطمة عثمان البكر

 

هكذا يفُسر واقعنا، فالعالم اليوم وفي ظل تلك الظروف القاهرة والأليمة التي يعيشها، أخذ في العودة والحنين إلى ذلك «الماضي الجميل»، فهل يا ترى كان ذلك الماضي خالياً من المنغصات والسلبيات؟ بالطبع لا، ولكن الواقع المعاش ومحطات الراحة والهناء كانت هي الأطغى، والإنسان بطبعه لا يذكر إلا المحطات السعيدة. ومن هنا تُفسر العودة والحنين والتشبث بذلك الماضي الجميل، فنلاحظ الاهتمام البالغ المتمثل في العودة إلى الملابس، الأدوات، المواقع، الشخصيات، المراكز التي نشطت أخيراً لإحياء تراث كان يمثل ذلك الماضي الذي مضى وانقضى!

الماضي الذي يحيا من جديد دليل على جدب الحاضر على الواقع ومرارته، على الصدق في العطاء الذي تمثل في إنجازات ظلت باقية، لأنها كانت تمثل روح عطاء صادقة. وفي عالم السياسة نرى أن هناك حنيناً وتمجيداً لعهد «الملكية» الذي أصبح اليوم يمثل رمزاً من رموز النبل والسمو، واستقراراً وعدلاً للفقراء وأكثر من ذلك، والأهم الأمن والأمان، كان هو العهد والزمن الأنسب لتلك الشعوب التي فرّت إلى الشوارع تُقتل وتضرب وتصرخ طلباً للحرية والديموقراطية، التي ما إن وصلت إلى هدفها حتى أُفرغت من مضامينها، ومن تطبيقاتها على أرض الواقع لترزح ويرزح تحت قيودها، فكانت الصدمة وكانت «الفجوة» بين النظرية (الشعارات) والتطبيق على أرض الواقع فكان قيام دكتاتوريات لم يشهد لها العالم مثيلاً.

من نظرة واقعية إلى أحوال الشعوب الهائجة في مدن الحزن والألم والعذاب، وهي تتسول الأمن والسلام والنجاة وأبسط متطلبات الحياة الإنسانية في الوجود والبقاء، حتى يرث الله الأرض وما عليها، ويحقق الإنسان الهدف الأعلى المنشود من بقائه الذي من أجله سخّر الله له الأرض والجبال والبحار والسماوات ليعمرها بالحق والخير والعدل والجمال.

حنين جارف لذلك الماضي الجميل في العالم المتطور يُفسر على أنه ردة فعل للثورة التكنولوجية السريعة والمتسارعة المذهلة التي اتخذت صوراً متعددة من إحياء المناسبات والمراكز والمزادات، الاهتمام بالمتاحف والكنائس القديمة بالشعراء والأدباء والعلماء بمواقعهم ومنازلهم على قمم الجبال أو على ضفاف الأنهار، أو بين الغابات والأشجار، التي منها إضاءات إبداعاتهم التي بقيت شاهدة على مر العصور.

الماضي الجميل لا يعود، ولن يعود، ولكنه يبقى في ذاكرة الشعوب، ووجدانها، لأنها قامت وانطلقت شعلتها وشعاعها بالصدق والحق والإيمان، يحيا اليوم بالذاكرة من جديد، لم يعد بقايا أطلال ولا حكايا من حكايا الأولين، والتاريخ ودروس التاريخ والدروس المستفادة من ذلك التاريخ ليست سلسلة مقطوعة الحلقات.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك