الوطن هو الخاسر الأكبر جراء انتشار الواسطة!.. هذا ما يراه عبد العزيز الكندري
زاوية الكتابكتب نوفمبر 25, 2014, 1:09 ص 742 مشاهدات 0
الراي
ربيع الكلمات / الواسطة.. تعني الفساد!
عبد العزيز الكندري
أسمع قصصاً عن الواسطات هذه الأيام لا تكاد تنتهي، فما ان أجلس في مجلس أو ديوانية إلا وأسمع عن قصص كثيرة لأناس أخذوا حقوق الآخرين عن طريق الواسطة، فتجد من يمدح أحد النواب أو الوزراء لأنه قام بإرسال العشرات إن لم يكن المئات من الناس للعلاج بالخارج وقد يكون بعضهم يستحق ذلك ولكن أرسلهم ليضمن صوتاً انتخابياً في مقبل الأيام، فتجد من يتملق ويمتدح النواب والوزراء على لوحات مدفوعة الثمن ويعلقها في الشوارع، وآخر تبدو عليه علامات الصلاح والورع ولكنه يتوسط لشخص لا يستحق أن يكون رئيس قسم فيضعه في أعلى المناصب القيادية والإدارية، وثالثا تعتقد أنه قائد إداري ناجح فتجده يرمي بعرض الحائط كل اللوائح الإدارية فقط من أجل توريث شخص آخر للمنصب بعيداً عن كل معايير الكفاءة.
إنها صفة المجتمعات المريضة والرأي العام عندما لا يتحدث عن مواطن الخلل، ولا تكون لديه مجسّات تستشرف هذه الأمراض، ومتى ما شعرنا بالآخرين وأننا أخذنا حقهم فهذا يعني وجود ضمير حي، ولكن أسوأ ما في الأمر هو أننا بدأنا نشرع هذه الواسطة والتي تعني الفساد، لأننا عندما نلجأ إليها فهذا يعني أن صاحب الحق لن يصل لحقه، ومن يستحق المنصب لن يأخذه، والخاسر الأكبر هو الوطن الذي يحتاج إلى كل جهد وكفاءة بعيدا عن المجاملة والمحاباة، ولو كنا ندير شركاتنا الخاصة لأتينا بأفضل الكفاءات، فما بالنا عندما نُستأمن ونُدير نضع أقل وأسوأ الناس!
ويقول محمد بن راشد في كتابه «رؤيتي»، ذات يوم دخل موظف إلى الديوان وشكرني بكلمات خجولة قليلة على ترقيته إلى منصب نائب إحدى الدوائر، متمنياً أن يكون عند حسن الظن ثم استأذن بالانصراف، فأمسكت يده وقلت له: «محمد، لا تحسب أن ترقيتك جاءت مصادفة، فأنا أتابع عملك منذ 4 سنوات وأعرف عنك كل شيء».
استغرب الموظف وقال: «أنا لا شيء، أنا موظف من عشرات الآلاف من الموظفين مثلي». فقلت له: «كنت هكذا لكن حدث ما جعلنا نهتم بك ونتابع أداءك».
والسبب أن هذا الموظف كان لا يجلس في مكتبه طويلاً وكان كثيرا ما ينزل إلى صالة المتعاملين في سوق الأوراق المالية ويساعد كبار السن على إتمام المعاملات أو ربما أوصلهم للباب، وتم إعداد تقرير في هذا الموظف لما يتميز به من كفاءة ومهنية وأمانة، ولما قدم استقالته من الوظيفة الحكومية بعد 4 سنوات بسبب عرض مغرٍ من القطاع الخاص قررت أن أقدّم له عرضاً أكثر إغراء فرفعته إلى منصب الصف الثالث ثم إلى منصب نائب المدير العام.
هذه حادثة تبين كيفية اختيار الرجل المناسب للمكان المناسب وكيفية «التنقيب في العقول» وهذا ما يفسر ما وصلت إليه دبي الآن من التقدم والازدهار مع عدم وجود النفط، ومن غير أي مجاملات أو محاباة، وهذا الشيء بلا شك سيؤثر على العمل بشكل إيجابي، أما لو أنك أردت اليوم الوصول إلى المناصب عندنا فأعتقد أنك بحاجة إلى أمور تختلف بعض الشيء عن التي ذكرها صاحب كتاب «رؤيتي»، تحتاج الى شيء من التخطيط والوصول للنواب في مجالسهم والتملق عند المسؤول وعدم معارضته في شيء وأن تتبنّى القضايا الطائفية وتقتات عليها، أو تحاول أن تلعب على وتر القبلية، أو تدخل ضمن النفوذ العائلي، وهذه الركائز ستحتاجها في المناصب الحكومية لدينا بلا شك، أو حتى شركات القطاع الخاص المساهمة، ما عدا الشركات العائلية فإنها قائمة على ركائز تختلف عن التي ذكرناها هي الكفاءة، والأمانة.
تعليقات