عن موقف إخوان الأردن من القائمة الإماراتية للإرهاب!.. يكتب خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 646 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  إخوان الأردن.. وقائمة الإرهاب

خليل علي حيدر

 

الإخوان المسلمون في الاردن من اشد احزاب الاخوان تمسكا بجمود وتقليدية الجماعة الام. واذا ارادت الجماعة المصرية اخوانا اطوع من الميت في يد مغسله، واكثر مزايدة في التعصب والتشدد الاخواني، فهم على الارجح اخوان الاردن.
وعلى الرغم من اهمية المكون الفلسطيني في هذا الحزب، الا ان مواقفه من اعتداء نظام صدام على الكويت عام 1990 دمرت مصالح عريضة للفلسطينيين في الكويت وعموم المنطقة الخليجية. وكانت الجماعة في مقدمة مؤيدي صدام في الضفة الغربية من فلسطين وفي القطاع، حتى سقوطه عام 2003، ومن اوائل من اقترحوا الاحزمة الناسفة والمتفجرات لمقاومة اقتلاع الرئيس المقبور، بل وحتى تقديم العزاء في مقتل قائد الارهاب ورمزه في العراق «أبومصعب الزرقاوي»، الذي قتل المئات والآلاف من ابناء وبنات العراق في جرائم ارهابية مروعة، الى جانب ما اشاعه الزرقاوي، ممثل القاعدة في العراق، من طائفية صارخة، وفق خطة معلنة محكمة، مزقت المجتمع العراقي ولا تزال.
وعندما اشعلت «حماس» الحرب في غزة هذا العام، ونجم عنها ما نجم من دمار، اعتبر الاخوان ان المقاومة انتصرت في غزة على اسرائيل، وان الحرب الاخيرة في القطاع «لقنت محور الاعتدال درسا» (الشرق الاوسط، 2014/9/17). وهي حرب راح ضحيتها اكثر من 2000 انسان فلسطيني، ودمرت غزة دمارا يصعب ازالة اثاره، ولولا الوساطة المصرية لما بقي لغزة مبنى سليم.
ولعل آخر مواقف اخوان الاردن رفضهم لقائمة الارهاب التي اعلنتها دولة الامارات العربية، حيث اكدوا ان الكثير من هذه المنظمات المستهدفة هي «منظمات معتدلة»! ولم يكتف الاخوان بهذا، حيث شن نائب المراقب العام لجماعة الاخوان في الاردن، «زكي بن ارشيد» هجوما كاسحا على دولة الامارات، متهما حكومتها بانها «الراعي الاول للارهاب» (الوطن، 2014/11/19) وهو اتهام لم يوجهه احد يوما لدولة الامارات! لماذا يتصرف اخوان الاردن بهذه الانفعالية المدمرة على اقل تقدير، لمصالح التيار الديني الاردني ومصالح عشرات الآلاف من الفلسطينيين في الخليج ممن سيدفعون ثمن هذا النزف الحزبي؟
يقول الباحث الاردني والكاتب ابراهيم غريبة في دراسة له بمجلة الديموقراطية، ابريل 2014، «اخوان الاردن من الناحية الفكرية جماعتان مختلفتان اختلافا جذريا وكبيرا عن بعضهما: اولاهما تيار يعبر عن الاخوان المسلمين في حالتهم العامة والتقليدية، ولكنه تيار قيادي، ولا يمتلك تأييدا تنظيميا كبيرا ومتماسكا داخل الجماعة.
اما الجماعة الثانية في الاخوان ذات الاغلبية والتأثير التنظيمي، وان كانت تراجعت عن الواجهة منذ عام 1990، فهي تشكلات فكرية وسياسية اقرب الى حزب التحرير، وافكار ومقولات سيد قطب». فكيف لا يتعاطف هؤلاء مع «دولة الخلافة» والعنف؟ وعن زبدة سياسات الاخوان في الاردن يقول «غرايبة» «من الناحية السياسية والوطنية، لم يقدم الاخوان المسلمون في الاردن رؤية سياسية واقتصادية مصالح وتطلعات جماعات وطبقات في المجتمع، تتجمع حوله وتتحرك لاجل تحقيقه، ولم يعبروا عن الطبقة الوسطى، فلم ينعكس نجاحهم الانتخابي في نقابات المهندسين والاطباء والمعلمين والصيادلة والمحامين في برنامج اصلاحي مجتمعي تتجمع حوله الطبقات الوسطى، ولكنهم ظلوا على الدوام يجتذبون المؤيدين في الانتخابات العامة على اساس رؤية سياسية مستمدة من مواجهة التسوية السياسية، والدعوة الى الآمال والتطلعات الكبرى للامة العربية والاسلامية، وتأييد مجتمعي سياسي بين الاردنيين من اصل فلسطيني، حيث يحصل مرشحو الاخوان على نجاحات واسعة في المخيمات والمناطق ذات الكثافة الفلسطينية العالية في عمان والزرقاء واربد والعقبة».
وتعاني الجماعة، كما صرح وزير الدولة لشؤون الاعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية «سميح المعايطة»، من اضطراب في الرؤية السياسية، فيقول في احدى المقابلات: «الاخوان طالبوا بتعديل قانون الانتخابات، وبعدها طالبوا بتعديل الدستور، واخيرا يتحدثون عن دولة اسلامية السؤال هو: ما الذي يريدونه؟ هل هناك رؤية واضحة لهم؟ من يطالب بتعديل القانون ثم يطالب بدولة اسلامية، فان المسافة شاسعة بين المطلبين» (الشرق الاوسط، 2013/1/22.
كان هذا «الدلال» في اعقاب نشوة الهيمنة على مصر، وفوز الرئيس الاخواني «د.محمد مرسي» هناك، اذ صار الاخوان ينظرون لانفسهم كملوك وسلاطين المشرق الجدد!
وكانت الجماعة قد فصلت في وقت لاحق ثلاثة من اعضاء القيادة، دون ذنب تنظيمي، «الا انهم اعلنوا، ثم تبنوا مبادرة اشتهرت بانها «مبادرة زمزم»، نسبة الى اسم الفندق الذي اطلقوها من احدى قاعاته. والمبادرة تدعو الى نوع من الاصلاح داخل جماعة الاردن، وايضا الى درجة من المراجعة لافكار في العمل السياسي، لم تعد مجدية، ولا ذات فائدة. ولابد ان ما حدث للجماعة الام في القاهرة، منذ سقوطها المدوي في 30 يونيو الماضي، كان يدعو الجماعة الفرع في عمان ان تبادر الى الاصلاح في داخلها، والى المراجعة لافكارها التي عاشت عليها عقودا من الزمان» (مقال سليمان جودة، الشرق الاوسط، 2014/6/16).
تعم الاوساط السياسية الاردنية، كما في دول عربية اخرى، الشكوى من غموض موقف الاخوان وازدواجية خطابهم، حيث يبدو ما هو مقنع ومعقول لهم مقنعا للآخرين. ويقول الكاتب الاردني «مهند مبيضين»، ان جماعة الاخوان الاردنية «تعيش اليوم الكثير من العقد الموروثة التي جعلتها طول السنوات الاربع الماضية لا تسمح بأي صوت معارض داخلها لسياسات شيوخها الكبار المتشددين في علاقتهم مع الدولة، والذين اوضح الملك عبدالله الثاني في اكثر من لقاء، انهم يقولون له كلاما، ويخرجون للسفراء ويقولون كلاما مناقضاَ.
غير ان الكاتب «مبيضين» لا يرى ان المستقبل لصالح المؤدلجين والمتشددين من الاخوان، ويقول: «هناك تنظيمان للشباب ولدا داخل الجماعة في فترة الربيع العربي وكلاهما يمثل اتجاها: واحد متنور متجدد قابل لفكرة الدولة المدنية ويفهمها، واخر محسوب على المرجعية المتشددة، ولكن الغالبية اليوم في شعب الاخوان في الارياف من القسم الاول وهم شباب يميلون للانعتاق من التشدد» (الحياة، 2014/7/12).
ويتحدث الكاتب حازم الامين، الحياة 2014/5/25، عن ضرورة «غنوشي اردني»، ويشير الى خسارة الاخوان لارض الكنانة ويسميها «الصفعة المصرية» التي «ترددت اصداؤها في مختلف البؤر الاخوانية»، وذلك بعد ان «انتشت الجماعة بالنصر المصري وفاضت بطموحاتها على ضفتي نهر الاردن، فجاءت الصفعة قوية في اعقاب ذلك».

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك