غياب المحور الشعبي عن المصالحة الخليجية

عربي و دولي

1261 مشاهدات 0


يبذل قادة دول الخليج جهود كبيرة للحفاظ على مجلس التعاون كمنظمة اقليمية تربطهم بإطار من الاخوة .ولعل من مظاهر ذلك الحرص حجم العتب فيما بينهم ؛والذي لم يظهر لولا الرهان عليه لتجاوزالعقبات في جو من الاخوة.

ومن تلك الجهود ما يبذله حاليا الشيخ صباح الاحمد الصباح حفظه الله بحرص لايمكن تجاوزه حتى تنعقد  على الاقل القمة القادمة.فهل من موانع تحول دون ظهور مبادرة شعبية للمصالحة الخليجية تدعم مايقوم به شيخ المصالحات؟ وهل حل الخلافات الخليجية حق للحكومات الخليجية  فقط من باب إن 'الشيوخ أبخص'ٍ ! حق جعلنا نتبنى - بمواقف تبريرية يغلب عليها التواطؤ مع الذات - ان من  يجيب على السؤال عن نجاح المصالحات من عدمه هم صناع القرار في العواصم الخليجية فقط ،فهم أصحاب الكلمات الفاصلة، فنهرب صامتين وكأن السؤال لا يعنينا. متناسين ان إلتزام الصمت يحملنا وزر النوايا!

وبعيدا عما اعتدنا اتباعه في الخليج  في التعامل  مع التحديات التي  تواجه مسيرة التعاون نجد انه لابد من تحريك أدوات استثمارية اخرى حتى لايفلس صندوق التعاون الخليجي الذي لا نعتمد عليه لأنفسنا فحسب بل نعول عليه لاجيالنا القادمة، ففي الخليج تربطنا علاقة أخوة أكثر من كونها علاقة قرابة بعيدة، والتعاون الخليجي إرث شعبي مشترك قبل ان يكون قرار تشكيل منظمة اقليمية. وجراء المأزق الذي نعيشه لابد من مبادرة شعبية للمصالحة الخليجية تدعم جهد الساعين للمصالحة.

ولعل من المشجع على ذلك وجود حضور قوي  لمبادرات المصالحة في واقعنا الخليجي على المستويات الشعبية.

فالمبادرة الشعبية للمصالحة الخليجية آلية  محلية للقفز فوق معوقات التعاون الخليجي.

فالمواضيع التي يهتم بها المواطن الخليجي هي نفسها في كل الدول الست، ومن لا يعتقد ان الخلافات الخليجية على رأس تلك الاهتمامات لديه قصور في المتابعة.

فقد يكون الإختلاف في مدى اتساع الإهتمام،لكن الشعور بألم الخلافات واحد. وقد يعتبر بعضهم المسألة خارج  صلاحيات  المواطن العادي؛ وهذا خطأ  كبير فالتعاون الخليجي لم يجرم تعاون منظمات المجتمع المدني الخليجية، بل شجع على تعاون مراكز الدراسات والابحاث وجمعيات النفع العام،ومجالس الشورى والبرلمانات،بل وحتى شيوخ القبائل والتكتلات السياسية والغرف التجارية.

ولكي يتفهم مجلس التعاون كمنظمة أقليمية فكرة المبادرات التي تسعى لتقريب وجهات النظر وتقليل الاحتقان الحالي يمكن  رفع الصوت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وشبكة الإنترنت، ووسائل الاعلام كخطوة أولى.يتلو ذلك مرحلة صنع آليات تقديم مبادرة المصالحة .ثم تبادل التواصل بين منظمات المجتمع المدني ؛ للخروج بميثاق شرف يتم من خلاله التصدي 'للهوشات الافتراضية' كمطلب شعبي أولي.  فمن المحزن ان الاصوات  التي تدعوا للفرقة على المستوى الشعبي هي الاعلى دويا .حيث تم تغييب البعد الشعبي  حين يظهر في مزاج اقل تسامح مع من يفرقنا.

واصبحنا  نجد ان  من يعاني من أزمة هوية وانتماء خليجي حقيقي هو من خلق من نفسه رقم صعب  في معادلات الحضور الجماهيري في بعض دول الخليج ،وراح يحاول فك اواصر القربي بين الخليجيين،مبتكرا مجادلات زائفة كان من نتيجتها ما نعيشه من قلق مع اقتراب عقد القمة الخليجية .

فالاصطفافات الشعبية  خلف قرارات تفرق الخليجيين ستقود لضعف مجلس التعاون ثم انهياره،والاجدى شعبيا هو تدارك امر الخلافات.

وأخيرا؛ قد تبدوا المبادرة الشعبية للمصالحة فكرة مغرقة في محافظتها .لتكن؛ لكنها محاولة برغم قصورها عن التمام ستدعم جهد الشيخ صباح الاحمد الصباح حفظه الله في حل الخلافات الخليجية لتعقد القمة الخليجية .

د.ظافر محمد العجمي-المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك