من الخطيئة أن تكون السلطات التنفيذية والتشريعية 'رهينة' في أيدي التجار!.. برأي منى العياف

زاوية الكتاب

كتب 730 مشاهدات 0


الوطن طوفة عروق / مازالت الكويت.. تباع 'قطعة قطعة' وبالقانون!! (2) منى العياف نعم.. مازالت الكويت تباع قطعة قطعة.. وبالقانون! وليس هذا وحسب.. وانما تعيش الكويت ونعيش معها أكذوبة ووهماً كبيراً.. هو اننا دولة مؤسسات.. أبداً.. هذا ليس صحيحاً.. واليكم الأدلة.. لقد اختتمت مقالي السابق بقولي «نعم في ظل تراجع الحريات وسيطرة رجال المال والأعمال على دور النشر والاعلام واختفاء المعارضة الشريفة التي تحاسب، وفي ظل عدم تطبيق قوانين مكافحة الفساد، ووجود مسؤولين تجار على سدة المسؤولية السياسية، فان الكويت تباع قطعة قطعة وبالقانون وكيف؟» هذا ما اختتمت به مقالي السابق، واليوم نكتب الاجابة عن هذا السؤال. ٭٭٭ على ضوء هذا المشهد الضبابي الذي نعيشه.. وفي ظل خسائر النفط وخسائر البورصة والاحالات المتوالية الى ديوان المحاسبة وما ينتهي اليه من نتائج!! وحالة الترهل والتسيب الاداري المتفشية في الدولة.. في ظل «العبث».. ألستم معي في أنه من الخطأ.. بل من الخطيئة ان تكون السلطات التنفيذية والتشريعية «رهينة» في أيدي التجار، هم الذين يقودونها ويقررون مصائرها، قولوا لنا في أي بلد في العالم يحدث ذلك؟ انظروا الى اليابان مثلاً وهي احدى أعظم دول العالم في مجال التجارة.. وبها أكبر وأهم الشركات في العالم.. هل تولى التجار فيها مناصب سياسية؟ أبداً.. بل ولم يحاول أي سياسي هناك ان يمارس التجارة! ٭٭٭ وهناك دول أخرى تشبه النسق الياباني على الرغم من ان لديها قوانين صارمة لمكافحة الفساد وإعلاماً حراً صعب المراس، بعكس الوضع هنا فكما أسلفت نحن نعيش «وهما» و«أكذوبة» نحاول ان نصدقها ونقنع أنفسنا، وهي اننا دولة مؤسسات! يحدث هذا بينما نحن اليوم في وضع مختلف تماماً عن السابق، في ظل وجود مجلس أمة صوري مجير لصالح التجار، ولهذا نجد ان الكويت تباع قطعة قطعة بالفعل وبلا مبالغة! وما نموذج «غرامة الداو» الفاضح لإهمالنا الحكومي والسماح بعبثنا بالمال العام، الا غيض من فيض، وسبق ان كتبت في أكثر من مرة ان غرامة الملياري دولار التي دفعتها الكويت لشركة داوكيميكال (تعويضاً لها من فسخ التعاقد معها) تم دفعها «بليل» وبسرعة ومن (اللحم الحي).. وكأنها بضعة دنانير وليست ملياري دولار؟! ومع هذا «عمك أصمخ»! ٭٭٭ السؤال الذي يطرح نفسه ويجب ان يوجه لرئيس الوزراء ليجيب عنه هو: ما مصير اللجنتين اللتين سبق ان شكلتا لمعرفة أبعاد هذه المأساة وسبب دفع غرامة الملياري دولار في عجالة شديدة، والى ماذا انتهت توصيات هاتين اللجنتين؟! لربما استطعنا معرفة أوجه القصور ومحاسبة المتسببين في هذه الخطيئة.. وكانت اللجنة الأولى بتاريخ 2012/5/27 واللجنة الثانية كانت بتاريخ 2013/1/8، وفي مقالات سابقة لي سبق ان وجهت أسئلة كثيرة للوزير (العمير) في هذا الصدد في بداية سنة 2014، ذلك ان مجلس الأمة كان قدر خرج بتوصية بتكليف ديوان المحاسبة لاعداد تقرير شامل في شأن تعاقد الكويت مع شركة داو كيميكال، وكنا نعرف يقيناً ان الهدف من هذا هو «تسويف القضية» لأننا وكما قلنا مراراً الديوان ليس من اختصاصه أصلاً التحقيق في مثل هذه القضايا. ٭٭٭ ألا يطرح هذا كله أسئلة مهمة جداً علينا.. عن مدى الجدية الحكومية في معالجة القضية وكشف الحقيقة؟ والسؤال المهم هو أين الحكومة وأين دورها في كشف الحقائق للناس؟ وأين تصريح الشيخ محمد المبارك وزير الدولة الذي أدلى به حتى يسكت الألسن التي انفجرت بالغضب والتساؤل حول هذه الفضيحة والذي قال فيه: «اتخذت الاجراءات اللازمة نحو ايقاف القياديين المسؤولين بشركة صناعة الكيماويات وتكليف ادارة الفتوى والتشريع بالتنسيق مع الجهات المعنية لاتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة في كل ما يتعلق بالعقد وتحميل المسؤولية لكل من يثبت أهماله»!! ٭٭٭ أسألكم جميعاً هنا.. أسأل الحكومة وأسأل الشعب.. «أحد عرف شيء؟! أحد تم تحويله الى النيابة»؟!.. لا حس ولا خبر!! لكن الأمر المؤكد ان هناك من المسؤولين من هم على سدة المسؤولية ولديهم مصلحة مباشرة مع شركة الداو!! ألم أقل لكم انها مأساة متكاملة الأركان؟! كيف أيها السادة تجيزون وتسمحون لموظف في الدولة ان يشارك في اتخاذ قرار يتعلق بشركة يساهم فيها بنسبة معينة؟! كيف يسمح لأحد أي أحد بمثل هذا الاجراء في مؤسسة خاصة اذا كانت لدى هذه الجهة أو المؤسسة مشكلة مع الدولة؟ هل يحق هذا لموظف بالدولة؟ هل من الممكن ان يوكل الى مثل هذا الموظف مثلاً الاشراف على تنفيذ قرارات الخدمة المدنية والفتوى والتشريع، وهو أحد المساهمين في شركة أو مؤسسة ما ترتبط بعقود مع الدولة؟ أليس في هذا استباحة للدولة وللمال العام.. كيف تسول له نفسه اتخاذ قرارات تتعلق بهذه الشركة وهو في وظيفته؟! ألم يكن جديراً به ان ينأى بنفسه عن الشبهات ويبتعد عن تشكيل اللجنة واتخذا القرار؟! ٭٭٭ هذا يحدث في البلد أيها السادة الذي نتغنى كذباً بأنه دولة مؤسسات وهي لا دولة مؤسسات ولا «بطيخ».. فلدينا أمثلة صارخة تكذب ذلك فمثلاً شركة القرين التي تمتلك %6 من عقد الشراكة مع «الداو».. هل تعلمون من يرأسها؟ - هو الشقيق الأكبر لوزير الدولة -، السؤال مهم جداً لأن هناك شركات استفادت وبشكل خاص من دفع الكويت لقيمة الشرط الجزائي، وبهذا فهي تكون حصلت على أرباح زائدة من دون أي مجهود بذلك!! في الوقت نفسه هو خسارة ونزيف من جسد الوطن!! ٭٭٭ وأيضاً الأمر الكارثي نفسه ينطبق على رئيس مجلس الأمة.. والذي كان حتى وقت قريب جداً يترأس مجلس ادارة شركة «بوبيان» وهي الشركة الثانية لـ«الداو» والتي تملك حصة تبلغ %9 والتي حصلت ايضاً على نسبة من الأرباح بموجب دفع الكويت لغرامة الملياري دولار!. والسؤال المهم هنا للرجل النزيه الوطني صاحب «السنن».. هو: ألم يكن من الأجدر به ألا يترأس أي جلسة تتعلق بهذه المأساة درءاً للشبهات؟! وأم الكوارث تكمن في انه بعد كل ما تم دفعه للشركة وبعد ان تم تقديم (خطاب تطمين) تلتزم فيه مؤسسة البترول بعدم قيام الكويت باتخاذ أي خطوات تضر بمصلحة الشركة، بعد كل هذا وبعد ان دفعنا المبلغ كامل (2.16 مليار دولار) بالاضافة الى تكاليف أخرى تقدر (37 مليون دولار) بعد كل هذا تصدمنا الشركة اليوم وتفاجئنا بسعيها الى ربح آخر مؤكد وسريع مقدماً ومن دون أي مجهود.. حيث تعتزم التكييش والتخارج مع كل استثماراتها وشراكاتها في الكويت، من خلال بيع جميع أصولها المشتركة!! ٭٭٭ أليست هذه كارثة جديدة؟ أليست دليلاً أكيداً على ان هناك من يبيعون الكويت قطعة قطعة!! السؤال الثاني الملح الآن الذي أوجهه لرئيس مجلس الوزراء: «ألم يساورك الشك بأن القرارات التي اتخذت من قبل حكوماتك أهدرت المال العام؟! ألم تشعر ان هناك تجارا استفادوا من هذا المال الذي أخذ دون وجه حق؟! ألم يحدث ان حزنت على مال الكويت؟ ألم تشعر بغصة في القلب؟ ألم تئن للحظة.. ولمرة واحدة من هذه المأساة»؟! بوضوح أقول لكم جميعاً عار وخطيئة كبرى ان يصبح رجال المال هم أنفسهم الساسة الذين يقودون البلد ويديرونها.. ولأن هذا يحدث اليوم في الكويت فان من الطبيعي ان تباع الكويت قطعة قطعة!!. وغداً نكمل الحديث عن المآسي الأخرى وكيف ان الكويت تباع وبالقانون بسبب تزاوج رجال المال والسلطة التنفيذية.. ولا عزاء لمستقبل أجيالنا!! ٭٭٭ كلمة أخيرة.. كل الشكر لسمو الأمير حفظه الله ورعاه على هذه الجولات المكوكية التي قام بها لرأب الصدع الخليجي والتي نتمنى ان نتوجها بروابط تقوم على أساس المصالح التجارية والأسواق المشتركة في المستقبل القريب... والعبرة لمن يتعظ!!
الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك