الإنسان يحتاج إلى عملية تجميل لأخلاقه وليس خَلْقِه فقط!.. برأي فاطمة الشايجي
زاوية الكتابكتب نوفمبر 17, 2014, 12:34 ص 1068 مشاهدات 0
الشاهد
بحاجة لاختراع أخلاقي
د. فاطمة الشايجي
عمليات التجميل هي جراحات تُجرى لأغراض وظيفية أو جمالية، وهي بالمفهوم البسيط استعادة التناسق والتوازن لجزء من أجزاء الجسم عن طريق استعادة مقاييس الجمال المناسبة لهذا الجزء.دائما ما يقدم لنا أهل العلم اختراعا جديدا أو طريقة علاجية جديدة تساعد الإنسان على الشفاء من أمراضه، ولكن تدريجيا نجد أن التطور الذي يحدث في العلم له أثر سلبي آخر. فكيف يحدث ذلك؟
لقد ساعدت العلوم الطبيعية على تغيير مفهوم الجمال وقدمت تذوقا ذا طابع جديد عند الإنسان، فهي بتغييرها لشكل الجمال فرضت التذوق الذي يناسبه، والعلوم الطبيعية وبصفة خاصة الطب عندما استحدثت تخصصا جديدا وهو علم جراحة التجميل ساهمت في تغيير شكل الإنسان،وساعدت على إبقائه أكبر فترة ممكنة محتفظا برونق بشرته وشبابه، وهذا الاستحداث له أثره الإيجابي على نفسية وصحة الإنسان.
ولكن رغم أن الإنسان هو من ساعد العلم على التطور،إلا أنه كان سببا أيضا في إخفاق تطور العلم في الكثير من الجوانب ومنها عمليات التجميل، فهو بمجرد أنه يوافق على عمليات تجميل لا يعلم نتائجها أمر يحتسب له، ولكن عندما يتدخل الطمع كطبع في الطبيعة البشرية يتحول النفع إلى ضرر، وهذا ما أصاب الطب في الجانب التجميلي، فطمع المريض جعله يكسر حاجز الطبيعة ويضع نفسه في منافسة معها ليبقى أكثر وقت يحتفظ بشبابه، وكذلك طمع بعض الأطباء في كسب الأموال وكسب خبرة على حساب البشر أدى إلى تدهور الطب في هذا المجال ما أدى إلى تغيير كان ?ي بدايته مقبولا، إلى تغيير لا يستطيع الإنسان أن يتذوقه بل وأصبح يرفضه وأخذ يشعر بنوع من النفور من الجمال الصناعي.
لذلك كان من الأجدر أن يضع العلم الطبيعي حدا لطمع النفس البشرية، وأن يقدم للبشرية ما لم تستطع العلوم الإنسانية أن تقدمه، فالعلوم الإنسانية عجزت على مر العصور أن تغير المشاعر والطبائع القبيحة إلى جميلة، فالفن والأدب في جميع مجالاتهما انحصرت قدرتهما في التعبير عن المعاني الجميلة باستخدام تضاد المعاني ما جعل الأمر أكثر سوءا. وعلم النفس رغم تطوره وتحول غرضه من إعطائنا فكرة مختلفة تماماً عن الأشياء التي نعرفها جيداً على حد قول الكاتب الفرنسي بول فاليري، إلى علم نفس إيجابي غرضه إظهار ما هو جميل في النفس البشرية إ?ا أن تطوره أيضا قائم على محاربة التضاد ولم يحاول اقتلاع الطبائع السيئة ما جعل الإنسان في صراع مستمر مع ذاته.
ونحن هنا نتساءل هل في قدرة العلم الطبيعي عندما تمكن من تحويل القبيح إلى جميل في ظاهر الجسد أن يقوم بإجراء عملية تجميل للنفس الإنسانية أم أنها عملية مستعصية؟.. نحن نتساءل لأن الإنسان يحتاج إلى عملية تجميل لأخلاقه وليس فقط لخَلْقِه..وهو سؤال مهم جدا من الناحية العلمية والعملية، فعندما يتغلب العلم الطبيعي على النزعات السيئة بالإنسان سيضمن نجاح عملياته، واستمرار تطورها. لذا نأمل أن يفكر الأطباء باختراع عقار يُحد من الطمع، أو القيام بجراحات أخلاقية تستأصل الطبائع السيئة لاستعادة السلوك الفاضل للنفس البشرية لنت?وق جمال الأخلاق.
تعليقات