عن فشل سياسات تدوير النفايات ودفنها!.. يكتب خليل حيدر
زاوية الكتابكتب نوفمبر 17, 2014, 12:24 ص 726 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / كارثة النفايات والإطارات.. والمرادم
خليل علي حيدر
لا اعرف عدد التصريحات والمقابلات التي حذر فيها السيد «سعود العرفج»، احد اهم الشخصيات في مجال حماية البيئة الكويتية، من الاخطار التي تهددنا بسبب فشل سياسات تدوير النفايات ودفنها.. أو الالقاء بها بكل بساطة خارج المدن والمناطق السكنية. غير ان من قرأ مقابلته الاخيرة، «الوطن» 2014/11/11، يدرك اننا لم نتحرك الا اقل القليل نحو حل المشكلة.
«كنت مسافرا من الكويت للسعودية بالطائرة في العام 1985»، يقول في المقابلة، «فلاحظت وجود كميات هائلة من هياكل السيارات وخزانات المياه القديمة (التوانكي) ملقاة في الصحراء لعدة كيلو مترات، وربما مضى نصف قرن على البعض منها».
كم من آلاف الامتار المربعة نخسر كل شهر حتى اليوم، بسبب ردم النفايات معتقدين بل موقنين ان الدفن افضل الحلول؟ المرادم الحالية وصل عددها الى 17 مردما واعدادها بازدياد، حيث تنبعث منها اخطر الغازات السامة الملوثة: «كنا نعتقد قبل اربعين عاما، بأن مناطق كالقرين وأمغرة وصبحان وجليب الشيوخ والشعيبة مناطق نائية لن يصلها العمران، ولكن التمدد والزحف العمراني وصل الى هذه المناطق وتجاوزها».
الكويت، اضاف، تعاني من مشكلة رمي النفايات خاصة المنزلية في المرادم، وبمعدل اكثر من ألفي طن يوميا، «حيث تضيع هنا مساحات شاسعة من الاراضي تعادل في مساحتها منطقة الجابرية أو الروضة، وبالتالي تصبح غير صالحة لأي غرض كان».
نشرت «الوطن» قبل اكثر من عامين نداء من مختاري محافظة الجهراء، لتخليصهم من مواقع النفايات القريبة من المناطق السكنية فورا لخطورتها الكبيرة. وقد طالب مختار منطقة تيماء ومنطقة العيون بحماية سكان الجهراء اثر كارثة احتراق أطر السيارات المحترقة في منطقة «رحية»، والتي تكونت بسببها السحب الدخانية المتخمة بالسموم. (2012/4/19).
مشكلة الاطارات المستعملة الملقاة في الصحراء لا تزال تتفاقم كما اشار الأخ سعود، ويزداد عدد الاطارات يوميا بمعدل 2500 اطار، وهي «تغطي مساحات شاسعة من الاراضي وتحترق عدة مرات سنويا». السيدة سميرة الكندري مديرة ادارة التخطيط في الهيئة العامة للبيئة، اعلنت قبل نحو عامين، القبس 2013/1/24، ان شركة اسمنت الكويت قدمت للهيئة مقترحات في مجال استخدام نفايات البلدية لتوليد الطاقة اللازمة في صناعة الاسمنت. واضافت ان المقترح يمثل حلا جذريا وسريعا لمشكلة النفايات التجارية والسكنية الناتجة عن المناطق الحضرية في البلاد، باستثناء النفايات الصناعية. وبينت «الكندري» ان مقترح شركة الاسمنت تضمن استخدام النفايات وكذلك الاطارات المستعملة، وذلك للاستفادة منها كوقود بديل عن فحم الكوك المستخدم حاليا.
في يناير 2014، حذر عضو المجلس البلدي السيد مانع العجمي من مخاطر ردم النفايات واعتبرها «قنبلة موقوتة»، ودعا الحكومة الى حل تلك المشكلة، واوضح ان المستقبل القريب سيحمل كارثة بيئية في حين كان من الممكن استخدام هذه المرادم، لو نفذت وفق المواصفات العالمية، في توليد الطاقة الكهربائية حيث ان «الطاقة الموجودة في الردم تكفي لتغذية قطعة – سكنية – كاملة، لكن للاسف لا يتم الاستفادة من تلك الطاقة مع وجود شبه ازمة كهربائية تعانيها الكويت». (الجريدة، 2014/1/11).
وكانت الكويت قد حلت عام 2012 في المراتب الاخيرة عالميا من حيث نسبة تلوث البيئة، اذ جاءت في المرتبة 126 من اصل 132 دولة مصنفة على مؤشر الاداء البيئي EPI الذي تصدره جامعتا «يبيل» و«كولومبيا» في الولايات المتحدة، فيما حلت سويسرا ولاتفيا والنرويج ولوكسبورغ في المراتب الاولى عالميا. (القبس، 2012/2/6).
ويجمع المتابعون لشؤون البيئة والتلوث، ان النفايات تُعد ثروة تدر ذهباً اذا استخدمت بشكل منتج، لاسيما مع الكميات الهائلة التي تنتجها الكويت سنويا.
اعتبرت السيدة «وجدان العقاب»، الامينة العامة للجمعية الكويتية لحماية البيئة مشكلة انعدام التنسيق بين الجهات المعنية «العقبة الاساسية والازلية لحل ملف النفايات، خاصة ان عملية تدوير النفايات ومعالجتها تحتاج لادارة بيئية متكاملة». (القبس، 2012/6/21).
وحذرت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي الى ان النفايات المنزلية تشكل حوالي مليون و200 الف طن، يتم التخلص منها في مواقع ردم النفايات، والتي باتت تشغل مساحات كبيرة تزيد عن 30 كم2 وتساهم في زيادة الاحتباس الحراري من خلال انتاج غاز الميثان وعن «مستوى البصمة البيئية في الكويت»، قالت القبس في 2013/6/3، انها «تبلغ عشرة هكتارات للفرد، وهو ثاني اعلى معدل في العالم، حيث لا يتجاوز معدل انتاج الفرد 3 هكتارات «الهكتار يزيد قليلا عن 4 آلاف متر مربع في المقاييس الامريكية، 4.46 امتار مربعة و873 سنتيمتر.
وهذا ما يؤكده السيد مانع العجمي، من «ان كمية النفايات في الكويت مقارنة بعدد السكان تعتبر الاكبر عالميا».
المدير العام في الشركة الوطنية للتنظيف، السيد «محسن بوشهري» صرح في حوار شامل قبل سنوات «ان الكويت هي الاقل انفاقا على النظافة بين دول الخليج العربي» («الوطن»، 2011/3/19) وقال: «هناك اناس افشلوا مناقصة مصنع تدوير النفايات الذي سبقت به الكويت الدول الاخرى، وطرحت مناقصة لانشائه في 2002، الا ان البعض قال للحكومة: سنأتي لكم بشركات تنظيف مجانا، وهو ما جعل الحكومة تلغي هذه المناقصة».
انتقد السيد «العرفج» في مقابلته المذكورة غياب التوعية البيئية في الاعلام والمناهج، وطالب بإعطاء القطاع الخاص مسؤولية تدوير النفايات وانتاج الاسمدة والتربة الزراعية والتخلص منها بشكل مفيد وآمن، أو اعطاء المشروع لشركات عالمية ذات خبرة وتخصص وفي الختام اضاف: «وهنا يجب ان نعترف بأن لا أمل بأن تقوم لجنة البيئة في مجلس الامة بشيء.. الامر يتطلب فزعة وطنية لانقاذ الكويت من مشاكلها البيئية الحالية والقادمة».
تعليقات