الأمن الصحي ركن أساسي للدولة الحديثة
محليات وبرلمانالوكيل الفلاح: دعم المنافذ الحدودية وتطوير قدرات المختبرات لمكافحة الأوبئة
نوفمبر 15, 2014, 11:02 ص 1111 مشاهدات 0
صرح الدكتور وليد خالد الفلاح وكيل وزارة الصحة المساعد لشئون الجودة والتطوير أن التغيرات المتلاحقة في السنوات الأخيرة قد أدت إلى ظهور العديد من التحديات التي تمس الأمن الصحي ومن أبرزها ظهور أوبئة جديدة لم تكن معروفة من قبل (مثل الكورونا والأيبولا والسارس والأنفلونزا الوبائية ) وعودة ظهور وإنتشار بعض الأوبئة التي كانت قد إنحسرت من قبل وقد أدي ذلك إلى استنفار صحي دولي من منظمة الصحة العالمية WHO ومن الأمم المتحدة UN ومن العديد من المنظمات الدولية والإقليمية نظراً للآثار والتداعيات السلبية التي ترتبت على تلك الأوبئة على العالم بأكمله حيث أصبح العالم الآن يعيش عصر حرية التجارة وسهولة حركة الأفراد وسرعة تنقلهم من مكان لآخر .
وأدركت الدول الكبري العلاقة بين الأمن الصحي والأمن القومي من خلال المستوي السياسي الرفيع للتعامل مع تلك الأحداث الطارئة التي تمس الأمن الصحي حيث بادرت الدول الكبري بالتفاعل الفوري مع تلك الأحداث بمجرد الإعلان عنها وتسخير الإمكانيات التقنية والبشرية لدراسة الموقف والتعامل معه بشفافية ومهنية سواء من خلال التعامل مع الحالات المشتبهة بالإصابة أو تزويد الدول الموبوءة بالخبرات والإمكانيات وتشكيل فرق سلام طبية دولية وتسريع وتيرة البحوث العلمية لمواجهتها ودعم إمكانات النظم الصحية للتعامل مع تلك الطوارئ الصحية وإحتوائها عند المصدر والإقلال من تداعياتها وآثارها والتى تمتد عبر الحدود .
ويجسد ذلك أهمية التقدير الصحيح والفوري والتعامل بمهنية مع طوارئ الصحة العامة في عصر العولمة وحرية التجارة والتنقل وإستشعار مدي ما قد تمثله تلك الطوارئ من تهديد للأمن والسلم الدوليين إذا لم يتم التعامل معها بالصورة الصحيحة وفى الوقت المناسب.
وإن كان الأمن الوطني بمفهومه الشامل والتقليدي يتضمن حماية الدولة أو الشعب أو المواطن من أي تهديد سواء كان تهديداً داخلياً أو خارجياً فإن الأوبئة الجديدة أو الأمراض المستجدة أو طوارئ الصحة العامة تمثل تهديداً للحياة وللإستقرار وتعرقل سير الحياة الطبيعية بما يترتب على الإصابة بها وإنتشارها من تأثير على حياة وصحة الأفراد وعلى الإنتاجية وعلى سير الحياة الطبيعية بمرافق الدولة – وقد يكون من بينها مرافق هامة وسيادية ليس العاملون بها في معزل أو مأمن من تلك الطوارئ الصحية في حالة حدوثها ووجودها في مكان أو في فترة زمنية محددة ومن ثم كانت أهمية إلقاء الضوء على أبعاد الأمن الصحي وتنمية الاهتمام بالعلاقة الوثيقة بين الأمن الصحي والأمن الوطني وهي علاقة متشابكة ومتعددة المحاور بهدف تقدير الموقف بصورة صحيحة وتبادل المعلومات والفهم المشترك للسيناريوهات ووضع الخطط المتكاملة الأبعاد والمحاور للتأهب والأستعداد الواعي والكفء لمجابهة طوارئ الصحة العامة وما قد يترتب عليها من تداعيات على الأمن الصحي والأمن الوطني وبما يمكن معه اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب لإجهاض أي غموض أو شائعات قد تؤدي إلى تطورات سلبية أو تعقيدات بالموقف .
ولا تقتصر طوارئ الصحة العامة أو الطوارئ الصحية التي تؤثر على الأمن الصحي على الأوبئة المستجدة فقط والتي لا تعرف الحدود الجغرافية بين الدول بل إن هناك أيضاً الأمراض المزمنة غير المعدية ( وفى مقدمتها السكر والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض النفسية المزمنة ) والتي يتسبب في حدوثها السلوكيات وأنماط الحياة غير الصحية ( مثل التدخين والتغذية غير الصحية والخمول الجسماني والسمنة وزيادة الوزن ) والتي بدورها تؤدي إلى التأثير على جودة التمتع بالحياة وعلى الإنتاجية وعلى أداء المسئوليات والواجبات الوظيفية لأفراد المجتمع وليست هناك أي فئة من المجتمع بمعزل عن الإصابة بتلك الأمراض المزمنة وما قد يترتب عليها من مضاعفات ووفيات مبكرة وتأثيرات على الإنتاجية وعلى التنمية – لذلك فقد إلتقت إرادة قادة وزعماء دول العالم فى سبتمبر 2011 بإصدار الإعلان السياسي للأمم المتحدة للوقاية وللتصدي للأمراض المزمنة غير المعدية وإعتبار هذا التحدي أولوية تنموية على مستوي الأجندة العالمية للتنمية كذلك فقد أصدرت منظمة الصحة العالمية WHO عدة قرارات بهذا الشأن للوقاية وللتصدي للأمراض المزمنة غير المعدية وعوامل الخطورة ذات العلاقة بها والتي تنص على أهمية مشاركة جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدني للتصدي لتلك المشكلة كأولوية تنموية .
ومن جهة أخري فقد أدي التوسع في إستخدام المواد الكيماوية والمواد المشعة في العديد من المجالات إلى الاهتمام بالسلامة الكيماوية والسلامة الإشعاعية كأحد تحديات الأمن الصحي وخصوصاً بعد حدوث بعض الحوادث التي لاقت إهتماماً عالمياً ( مثل حادث المفاعل النووي في اليابان عام 2011 : حادث المفاعل النووي في فوكوشيما في مارس 2011 ) إلى إثارة المخاوف من تأثيرات التسرب الإشعاعي على البيئة وعلى الصحة على الأمد القريب وعلى الأمد البعيد وهو ما يهدد الأمن الصحي والوطني .
وليس ببعيد عن الطوارئ الصحية التي تهدد الأمن الصحي إستخدام المواد البيولوجية فى المختبرات وفى البحوث وإستخدام المواد الكيماوية في الأغراض المختلفة وهو ما يلقي الضوء على أهمية السلامة البيولوجية والسلامة الكيماوية وضرورة وجود خطط للطوارئ وللإستجابة السريعة لأي حوادث بهذا الشأن .
وضمن إهتمامها بالأمن الصحي العالمي فقد أصدرت منظمة الصحة العالمية عام 2005 ما يعرف باللوائح الصحية الدولية International Health Regulations والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2007 (طلبت بعض الدول من منظمة الصحة العالمية مهلة زمنية إضافية لتأجيل تاريخ بدء التنفيذ الفعلي ) وهي الوثيقة الدولية التي توافقت عليها إرادة 194 دولة لتأكيد إلتزامها بالأمن الصحي العالمي بتطبيق المعايير والمتطلبات الواردة بتلك الوثيقة الدولية الهامة (WHO / International Health Regulations 2005) ومما يؤكد العلاقة الوثيقة بين الأمن الصحي والسلم والأمن الدوليين فإن إجراءات تطبيق متطلبات ومعايير الامتثال للوائح الصحية الدولية لمنظمة الصحة العالمية تحتاج إلى جهود وإمكانات الوكالات والمنظمات الدولية إلى جانب جهود وإمكانات الوزارات والجهات الحكومية وغير الحكومية على المستوي الإقليمي وعلى مستوي الدولة .
حيث تتضمن تلك المعايير والمتطلبات ضرورة تنفيذ بعض الإجراءات ومن بينها دعم قدرات المراكز والمنافذ الحدودية المختلفة لأي دولة للرقابة وللترصد ودعم قدرات المختبرات وتوافر معايير السلامة الغذائية ووجود خطط للطوارئ وللإستجابة العاجلة للتعامل مع حالات الطوارئ التي تهدد الصحة العامة والحوادث الكيميائية والإشعاعية فضلاً عن التدريب وبناء وتعزيز القدرات وتبادل المعلومات والخبرات بين السلطات الصحية والسلطات الأخرى ذات الصلة بمعايير ومتطلبات اللوائح الصحية الدولية مع أهمية تعديل التشريعات ونظم العمل الوطنية بالدول الملتزمة بالإتفاقية بما يتفق مع متطلبات اللوائح الصحية الدولية لتحقيق الأمن الصحي ضمن إطار الأمن الوطني وضمن إطار الأمن والسلم العالمي .
تعليقات