قضايا المخدرات ومعدلات الانحراف!.. بقلم حمد السريع
زاوية الكتابكتب نوفمبر 14, 2014, 12:54 ص 635 مشاهدات 0
الأنباء
سوالف أمنية / الحرج الاجتماعي
حمد السريع
كثيرة هي القضايا التي عملت بها، ولكن قضايا المخدرات تبقى لها ذكريات مؤثرة ليس لأنها الأعنف أو الأكثر إجراما بل لأن الظروف الإنسانية التي تصاحبها ذات مفعول اجتماعي أقوى.
في السابق كنا نعقد بين حين وآخر اجتماعا بالإدارة لمراجعة ملفات بعض التجار أو المتعاطين الموجودين خارج السجن لنتابع الأخبار عنها ونعرف نشاطهم ودائما ما تكون هناك أخبار مفرحة عندما نعلم أن بعضهم ابتعد عن تجارة المخدرات أو التعاطي لظروف أسرية ولكن تبقى قلة تستمر في سلوكها الإجرامي.
أحد المعتقين في هذا الباع معروف لدى الزملاء بشراسته ومقاومته لرجال الشرطة وكانت عملية ضبطه تتطلب جهودا كبيرة تؤدي في كثير من الأحيان الى إصابة بعض العناصر وإتلاف العديد من الدوريات، ولم يكن صغيرا بالعمر فقد ناهز الخمسين عاما في ذلك الوقت عندما توافرت لنا معلومات تشير الى انه مازال يتاجر بالمخدرات ويتعاطاها، فكلفت أحد المصادر السرية حيث تم الاتفاق فيما بينهم على شراء غرام من الهيروين، وبعد يوم باع المصدر السري المخدرات تحت مراقبتنا وجرت عملية ضبطه بسهولة ودون مقاومة منه، وكانت مثار استغراب من الشرطة الذين معي لأنهم يعلمون مدى المقاومة التي يبديها.
استسلم وبتفتيشه عثرت على غرام آخر من الهيروين وانطلقنا مسرعين إلى منزله لضبط بقية المخدرات.
وأمام منزله وقبل النزول من السيارة بدأ يبكي بحرقة طالبا مساعدته بعدم إدخاله المنزل مكبلا أمام أبنائه فوافقت على طلبه متحملا المسؤولية، وإذا به يطلب دخولي وحدي معه فرفضت لأنني قد أتعرض لمكيدة منه.
حال دخولي عرفت أسرته بالقبض عليه وشعرت بالصدمة خاصة ابنتيه البالغتين وانهارتا في البكاء وكانت إحداهما تحدث والدها بحرقة وتعتب عليه لأنها كثيرة ما نصحته وهي تراه يسقط مغشيا عليه أو نائما بالصالة وأدوات التعاطي متناثرة أمامه.
أكملت تفتيشي وعثرت على بقية المخدرات في دولاب غرفته وعند باب المنزل نطقت الزوجة التي كانت صامتة طوال الوقت «شفت يا بومحمد آخرتها والله يستر على مصير أبنائك من الضياع وإن شاء الله القاضي يحكم عليك بالسجن مدى الحياة ليبعدك عنا حتى لا يشاهدون منظرك كل يوم وأنت تتعاطى وتبيع المخدرات».
فسألته هل فعلا كنت صادقا وأنت تبكي أم أنك تمثل لأنك وانت تتعاطى أمام أسرتك وأبنائك جعلتهم جميعا أشخاصا معرضين للانحراف ويعتبرون من الشرائح الهشة التي يسهل سقوطها في براثن الجريمة والمجرمين.
مشاكل تعاطي المخدرات والاتجار فيها تسبب الأذى للأسرة وللأقارب وللأصدقاء، ولكن خطورتها على الأبناء أشد تأثيرا لأنها تجعلهم من الشرائح الاجتماعية الهشة والمعرضة للانحراف بكل سهولة.
الإعلام له دوره في إبراز المشاكل الاجتماعية والأسرية التي تتعرض لها الأسرة والخطوات الواجب اتخاذها لتفادي الوقوع تحت براثن المخدرات والجرائم الأخرى.
تعليقات