عن خطوات نيل الاستقرار والنهضة والتمدن!.. يكتب خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 681 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  إنقاذ المسلمين.. من هذا الكمين

خليل علي حيدر

 

كيف نجحت المجتمعات الغربية، والبلدان الآسيوية المتقدمة كاليابان وكوريا، في احلال السلام والوئام بين الدين والسياسة، وتعثرنا نحن في معظم بلدان العالم العربي والاسلامي.. ومازلنا ندفع الثمن! لماذا تحول الدين، وجماعات الاسلام السياسي واحزابها الى هاجس محلي ودولي، بينما لا نرى الدين قضية ساخنة ومحور صراع في معظم الامم المتقدمة وربما في اكثر دول العالم؟ لماذا تزدهر الاحزاب الدينية في بلداننا ومجتمعاتنا، وتنتشر بين رجالنا ونسائنا، وتستقطب المتعلمين والاميين، والاثرياء والفقراء، بالآلاف والملايين، ولماذا تسيطر المواد الدينية على مناهجنا الدراسية وكتب مكتباتنا وبرامج التلفاز والمذياع، وتشكل العمود الفقري في ثقافة الكثيرين، ولماذا يتمتع ما نطلق عليه «الاسلام السياسي» بكل هذا النفوذ الرهيب؟
ماذا نفعل كي يعود الدين الى وضعه الطبيعي، ويؤدي كالمعتاد وظيفته الاجتماعية والاخلاقية والنفسية، وما الخطوات التي تعيد لنا الاستقرار الاجتماعي والسياسي والديني، وتجعل مجتمعات العالمين العربي والاسلامي.. جزءا من مجتمعات القرن الحادي والعشرين؟! قد يكون هذا اسهل مما نتصور! فثمة ثلاث خطوات او افكار مبدئية، ان اقتنعنا بها، وضعنا جميعا أرجلنا على سلم الاستقرار والنهضة والتمدن.. ودخلنا العصر الحديث!
-1 نؤكد أن الدين والمذهب ممارسة فردية وقضية شخصية في مجتمع يخضع للقوانين والدساتير، وشأناً ذاتياً خاصاً لا تكتلاً سياسياً جماعياً، وعلاقة روحية عميقة بين الانسان وربه وكل ما يؤمن به الفرد، مهما كان فهم الاخر للدين غير منسجم مع فهمنا له، دون ان تخضع حياة الفرد ومسيرة المجتمع والممارسة الدينية نفسها لقوالب حزبية وقوائم من المسموحات والممنوعات.
فنحن لا نرى مجتمعات العالم المتقدمة اليوم، تفسح مثلنا المجال للاحزاب الدينية، بقياداتها السرية وتمويلها الغامض وعضويتها الطائفية وشبه المغلقة واهدافها الغريبة عن العصر، في ان تسيطر على حياتها السياسية وتوجه عقول وعواطف شعوبها، وتحدد اهدافها في مختلف المجالات.
لقد نشأت الاحزاب الدينية اساساً لفرض ما تعتبره «الدين الصحيح» على المجتمع، لا لاقناع الناس بالوسائل الديموقراطية والنقاش الحر وبهذا نراها تجيز في كل مكان، في نهاية الامر، العنف والقمع والعقوبات المدنية والبدنية القاسية عند «الضرورة» و«التمكن»، ولا تأخذ هذه الاحزاب الدساتير المحلية والقوانين الدولية بالاعتبار الا ظاهريا للاستفادة السياسية ولحماية نفسها ولاضفاء صبغة عصرية على نفسها ومن هنا، فإن اجماع المسلمين في كل بلدانهم، سنة وشيعة، على التدين كممارسة فردية وحق شخصي لا جدال فيه، والابتعاد عن التحزب والتكتل تحت شعارات واهداف دينية سياسية بمثابة الخطوة الاولى لتحديث بلدان العالم الاسلامي واستقرار مجتمعاته ونهوض شعوبه.
-2 ان ندرك بصراحة ووضوح استحالة قيام ونجاح الدولة التي تطالب بها الاحزاب الاسلامية، فالكثير من مطالبها المعلنة سياسيا واجتماعيا وثقافيا وقانونيا ودوليا واقتصاديا من ضرب الخيال، ومما سيصطدم بالواقع الدولي يمنة ويسرة. وعلينا ان ندرك كذلك ان مصالح العالم العربي وحاجات العالم الاسلامي وضغط مشاكل تخلف وفقر وبؤس هذين العالمين، لا تسمح بالمزيد من التيه السياسي والصراعات الدينية والجري خلف سراب «دولة الخلافة»، التي قد تصبح هي نفسها محور صراعات محلية واقليمية ودولية قادمة، وبخاصة ان سيطرت على مثل هذه الدولة جماعات عدوانية توسعية تتسبب بالحروب في آسيا والشرق الاوسط وربما افريقيا واوروبا!
نحن مطالبون بادراك الفوارق الشاسعة بين مجتمع وعالم وقيم القرون الماضية والقرن الحالي اذ ان حياتنا تختلف ماديا وقانونيا على كل صعيد. وثمة فوارق اساسية في فهم المقاصد في مجتمع اسلامي بسيط حديث التكوين محدود العدد، كما كان عليه الحال في بداية الدعوة، وواقع حياة الخمسين دولة الاسلامية، وشعوبها التي تقترب من المليارين، والموجودين كأقليات و«اهل ذمة» في دول اوروبية وامريكية لا حصر لها!
وبسبب هذا الانتشار وهذا الواقع الدولي وقوانينه واعرافه، وكذلك لاعتبارات مصالح العرب والمسلمين، فان ما كان مقبولا قبل قرون من ممارسات كالغزو والسبي والعبودية والتكفير وسن الزواج وغيره، وتجاهل القوانين الدولية في القضايا الاجتماعية وفي مجال حرية العقيدة والعبادة، لم يعد مقبولا في هذا العصر، حيث يتسبب تجاهل هذه القوانين والاعراف في عزل مجتمعات ودول العالم الاسلامي، وتفاقم مشاكله وصلاته الدولية، كما ان التشجيع على أي ممارسات تمييزية، مهما كانت المبررات الدينية، لن تخدم مساعي انتشار الاسلام نفسه، وبخاصة ونحن نلمس تأثير حملات التخويف من انتشار الاسلام في الغرب او «الاسلاموفوبيا».
-3 نبذ العنف والاجبار والاكراه، او تبرير استخدام مثل هذه الممارسة في الحياة السياسية والدينية الاسلامية، مهما بدا الهدف الديني ساميا ومبررا، ومهما كانت السوابق التاريخية في ماضي المجتمعات وفي التجربة والممارسة الدينية، في القرن الهجري الاول! فقد تغيَّر العالم اليوم كما ذكرنا، وسادت قوانين حقوق الانسان في كل المحافل الدولية او تكاد، وانكشفت لنا مخاطر استخدام التهديد والعنف والسلاح والارهاب في سائر بلداننا، التي لا تزال تعاني من تحويل الممارسة الدينية الى قنابل ورشاشات، بينما لم تعد الوسائل غير السلمية وغير الديموقراطية وغير الانسانية موضع قبول على الصعيد الدولي.
ولابد من التصدي لبعض قادة الجماعات المتشددة ومؤسسي الحركات الارهابية الذين يبررون استخدام العنف وتصفية الخصوم استنادا الي نصوص دينية وفتاوى موضع جدل.
بيدنا ان نتجاهل كل هذا الواقع، وألا نخطو ايا من هذه الخطوات الثلاث المطلوبة لانقاذ العالم العربي والاسلامي دينا ودنيا.. ولكن لنفكر بالثمن!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك