نكسة 'إخوان' تونس!.. بقلم وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 794 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  نكسة 'الإخوان' في تونس

وليد الرجيب

 

لم أكن يوماً متطيراً من استيلاء الإخوان المسلمين على الحكم في كل من تونس ومصر بالذات، لأني كنت وما زلت أقرأ الواقع بحركته الجدلية وليس بسكونه وراهنيته، بينما قال كثير من المثقفين مرثيات حول الشعوب العربية وثوراتها، على اعتبار أن الإخوان جاءوا كي يبقوا إلى الأبد، ونعوا غياب الوعي عند الشعوب العربية التي أؤمن بقدراتها وإرادتها التي لا يمكن قهرها، لكن حكم الإخوان في مصر سقط بعد أقل من سنة، أي بأسرع مما توقعت.

وها هي نتائج الانتخابات التشريعية في تونس، تشكل نكسة للإسلام السياسي وانتصاراً للتيارات الليبرالية واليسارية المدنية، وتقلب المعادلات السياسية ومخططات الولايات المتحدة التي كانت تعوّل على حكم الإخوان في مصر وحزب النهضة في تونس وفي بلدان أخرى، بصفتهم حلفاؤها الذين سيكونون أداتها في تفتيت الدول العربية، كما أشارت هيلاري كلينتون في مذكراتها.

إذ بعد تأسيس دولة إسلامية في سيناء، يكون جزء منها لحماس ولتوطين الفلسطينيين، سيتم التركيز على دول الخليج بدءاً من الكويت حسبما ذكرت كلينتون في مذكراتها، التي عبرت عن خيبة الإدارة الأميركية وفشل مخطط الاستيلاء على منابع النفط والمنافذ الممرات البحرية بعد موجة 30 يونيو الثورية في مصر، التي أربكت حسابات أميركا وإسرائيل كما أشارت كلينتون نفسها.

وحاولت الدعاية الأميركية والصهيونية تصوير ما يسمى بالربيع العربي، على أنه كان مخططاً له من قبل استخباراتها، وذلك للتقليل من شأن الشعوب العربية وقدرتها على التغيير، وهي بذلك مثلها مثل القوى الليبرالية العربية تنظر بدونية للجماهير العربية «الجاهلة»، وتعظّم من مكانة أميركا والغرب، من دون قدرة على فهم القوانين العلمية التي تحرك الجماهير، وهذه القوى ذاتها تحالفت بقصر نظر مع قوى الإسلام السياسي، لأنها رأت فيها حاكماً دائماً وممسكاً بكل مفاصل المجتمع.

لكن سقوط الإخوان المدوي في مصر والآن في تونس، يؤكد عدم ثبات الواقع خاصة الذي لا يلبي حلم الجماهير في الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، فمهما استخدمت قوى الإسلام السياسي الدعايات المغرضة والأفلام المفبركة والفتاوى الباطلة، بل ومهما استخدمت العنف ضد أبناء جلدتهم، فالنصر حتمي للشعوب كما يقول منطق التاريخ.

فوز «نداء تونس» بزعامة السيد الباجي قايد السبسي بالمرتبة الأولى، جاء مفاجئاً ومربكاً لحسابات حزب النهضة الإخواني، ولكنه أثار ارتياحاً في أوساط الشعب التونسي، وبدد مخاوفه من هيمنة النهضة، وهذا ما عكسته نسبة الاقبال على صناديق الاقتراع التي بلغت في المتوسط 62 في المئة، من أجل التخلص من كابوس الإخوان الذين كانوا مشروعاً تدميرياً للدولة المدنية.

وهذا سينطبق على كل أطياف الإسلام السياسي من إخوان وسلف وغيرهم، خاصة بعدما كشفت التقارير العالمية، مثل مركز كارنيغي للشرق الأوسط الذي نشر في 7 مايو 2014، حول دور السلف وجمعية إحياء التراث في الكويت، في دعم جماعتي «النصرة» و«داعش» الإرهابيين في كل من لبنان وسورية والعراق وغيرها، مما أضعف المعارضة ضد الأسد وسد أي أفق لإسقاط نظامه.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك