يكتب خليل حيدر عن تحديات تجديد الخطاب الإسلامي!

زاوية الكتاب

كتب 734 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  الإسلام.. وتحديات التجديد

خليل علي حيدر

 

ما الاسلام في عصرنا هذا؟ وهل يستطيع ان يبقى كما هو، دون ما يسمى عادة بـ«التجديد» أو «التطوير»؟
بالطبع يمكن، وما اسهل ذلك، بل وما اقل الذين يشعرون في العالم الاسلامي بضرورة التحديث والتجديد!
ولكن هل سيبقى الدين محتفظا بالمواقع نفسها، وبحجم التأثير الكلي في اتباعه، والذي كان يتمتع به قبل ظهور فجوة الصراع الحديثة مع الحضارة الغربية والمفاهيم السياسية والاجتماعية والثقافية المنافسة له، ان لم يتفاعل مع كل هذه المؤثرات؟ هذا ما فيه، كما يرى الكثير من المجددين، شك كبير.
ما الذي ينبغي عمله اذن لحل هذه المشكلة البالغة الاهمية، لإخراج المسلمين من هذه الازمة الدينية الحضارية؟
جوابا عن هذا السؤال الاخير توالت كتب كثيرة، وظهرت مقالات لا تحصى، وألقيت خطب عصاء طويلة وقصيرة.. ووقعت صدامات ومخاصمات.. لا تزال مستمرة.
انتقل الجدل منذ فترة الى مناقشة التعريفات. فهل «الفقه الاسلامي» هو الاسلام؟ وهل الفقه هو الشريعة؟ وهل ما كان يحكم سلوك المسلم وحياته عندما كان عدد المسلمين بضع مئات وآلاف في بداية القرن الهجري الاول، هو نفسه بعد ان صار عددهم يقارب المليارين في كل دول العالم ووسط مختلف الاديان والحضارات؟
السؤال الذي يجب ان يلقى الآن، يقول د.محمد البهي، احد اشهر المحافظين المتحفظين (1982-1905) ومدير جامعة الازهر، هو: «اذا كانت حملات الغرب الاستعماري - سواء من الجانب الصليبي او الجانب الماركسي - تجد فراغا عند المسلمين حال دون ملئه حتى الآن ركود الفكر الاسلامي، وعدم قيامه بالدور الايجابي في حياتهم المعاصرة، فما هي النسبة التي يملؤها «الاصلاح الديني» الحديث من هذا الفراغ؟؟.. ان مستقبل الاسلام في الجماعة الاسلامية يتحدد بناء على جواب هذا السؤال» (الفكر الاسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، القاهرة، مكتبة وهبة، ط3، 1961، ص484).
الراحل «جمال البنا» (1920 - 2013) طالب بفقه جديد في العالم الاسلامي: «إن خمسة قرون حافلة بالتطورات السريعة التي كان منها المطبعة واستخدام الآلات الحديدية والانتقال من كدح الايدي والعضلات الى قوة البخار والنار وظهور القطارات والسفن البخارية والتقدم في الاسلحة وفنون القتال وصنع السيارات واكتشاف الكهرباء التي قلبت الليل نهارا واظهرت السينما والراديو وانتشار المعارف والصحف والمدارس وشيوع دعوات الديموقراطية وحركات الاصلاح الاجتماعي.. كل هذا يراد منا ان نتجاهله ونظن ان ليس له اثر في المجتمعات الاسلامية واحكامها بما فيها الفقه».
وأضاف يقول: «ليس العجيب ان نطالب بفقه جديد ولكن العجيب ان نظل الف سنة اسرى منهج وضعه أئمة المذاهب كأنه قرآن منزل لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه».
ولا يخفى بالطبع ان المفكر جمال البنا شقيق مرشد جماعة الاخوان في مصر «حسن البنا». (انظر: نحو فقه جديد، جمال البنا، القاهرة، 1996، ص7).
مع تصاعد الارهاب، يقول الكاتب حسام عيتاني، تزداد المطالبات باصلاح جذري في الاسلام، كما يؤكد الكثيرون ان هذا الذي نراه ليس هو الاسلام. «والسؤال الاول الذي يتبادر الى الذهن، كيف هو الاسلام إذاً؟ او على اي نموذج ينبغي ان تبنى النظرة والفكرة الصحيحتان للاسلام». (الحياة، 2014/9/16).
بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، يقول «عيتاني»، اقترح الكثيرون اعادة النظر في المناهج الدراسية في عدد من البلاد الاسلامية، ودعم «قوى الاعتدال» الاسلامي فيها، واقترح البعض الحركة الصوفية كعلاج للاسلام الجهادي فيما لم يجد تيار عريض من الباحثين في الشأن الاسلامي «الاعتراف بالاخوان المسلمين كممثلين للنبض الحقيقي للشارع العربي الذي لا يمكن تصور اي حراك سياسي فيه من دون خلفية اسلامية».
واليوم، وسط كل ما نحن فيه من قتل وارهاب، وبخاصة في العراق وسورية وليبيا وغيرها، يعود الحديث عن الاصلاح الديني، وتجديد الخطاب الديني. ولكن كيف يمكن لهذا الاصلاح ان يتحقق بينما «الرواية الاسلامية للتاريخ مازالت خارج التداول النقدي، ومازال هناك من يعتبر ما كان يصح في القرنين الاول والثاني للهجرة، يصح اليوم».
ثم ان القضية الآن ليست تخليص العالم من «العنف الجهادي» فحسب، فالمسلمون داخل مجتمعاتهم بحاجة الى «اصلاح من نوع آخر، كان باشره محمد عبده، على سبيل المثال، ثم توقف بعد اضمحلال البيئة الاجتماعية والثقافية التي شجعته على التحرك.. وها نحن اليوم نفتقد رجال دين مسلمين يتحلون بالقدر اللازم من الشجاعة للقول ان الاسلام يحتاج الى اصلاح يتجاوز الفتاوى». (الحياة 2014/9/16).
اي محاولة للاصلاح، او تجديد الخطاب الاسلامي في اعتقادي، لابد ان تأخذ بالاعتبار اربعة اطراف، من الصعوبة بمكان ان تدع مثل هذا التجديد والاصلاح يمران بهدوء وسلام! السلطات القائمة وما بيدها من قوانين، المؤسسات الدينية وما تمثله، موقف الجمهور والاوساط الشعبية، وموقف الاحزاب والجماعات الاسلامية.
وينبغي، الى جانب هؤلاء، ألا نفاجأ باعتراض بعض المثقفين خارج دائرة الجماعات الاسلامية، ممن يعادون الغرب و«الامركة» و«تهديد هوية الامة العربية» و«قتل روح المقاومة» وغير ذلك.. لهذا، سنبقى طويلا في هذه المحطة!.
فهل من مبارز؟.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك