هل تسليط الأضواء على عالم الحيوان هروب من الواقع الإنساني المؤلم؟!.. فاطمة البكر متسائلة

زاوية الكتاب

كتب 1009 مشاهدات 0


القبس

وهج الأفكار  /  بروز 'عالم الحيوان'.. في ظل تدهور عالم الإنسان!

فاطمة عثمان البكر

 

 

اتجهت كثير من وسائل الاعلام ووسائل الاتصال الحديثة (من أفلام، فيديوهات، وتويترات.. إلخ)، إلى تسليط الأضواء واصطياد لقطات غريبة لعالم الحيوان، ناهيك عن القيام بمغامرات لفرق تتصف بالشجاعة والإقدام والذهاب الى تلك الغابات، وقد شدّنا جميعا ذلك الفيلم الرائع لشباب الكويت، مؤخرا، برئاسة الشاب الشجاع الواعد مبارك القناعي، وخوضه ورفاقه الابطال في تسجيل ذلك الفيلم الرائع، في اقتحام معاقل عالم الحيوان المفترس في عقر داره في تلك الغابات القصية المخيفة.

كثير من وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة تسلّط أضواءها على هذا العالم، فهل يا ترى هو الهروب من الواقع الانساني المؤلم اليوم، هل هو بحث عن تلقائية ذلك العالم وممارساته التي تعتمد على الغريزة وحدود تلك الممارسات، وعلى القيم التي تحكمها؟! كل ذلك، وكل تلك العوامل للاتجاه من الانسان الى ذلك العالم، بعد ان أصيب، في حالات كثيرة، بخيبات وصفعات منحها اياه اخوه في الانسانية، فاتجه يبحث في ذلك العالم عن معنى الصدق والتلقائية والحنان والشراسة في الدفاع عن الحق في البقاء، وعن الصداقة والمحبة، والحنان والوفاء بتلقائية مطلقة!

ومن الامثلة التي تُضرب اليوم «قصة الانسان والكلب»، وهي قصة قديمة مكررة ومعروفة.

وهناك «الخيل» وما تمثله للإنسان من معاني الرجولة والفروسية والشموخ والكبرياء، تغنّى بها العرب وتباهوا بها.

كذلك، ارتبط بصفات كثير من المشاهير، فهناك العندليب الأسمر والنمر الأسود، ووحش الشاشة، والمرأة الأفعى، ودموع التماسيح، وقطة الشاشة الفرنسية الجميلة، وقطة روما المتوحشة، وكروان الغناء وعيون المها.. إلخ.

وفي القرآن الكريم هناك سورة «النمل» وسورة «البقرة» وسورة «النحل»، وفي الأدب الفرنسي الحديث يروى: ان عالما فرنسيا حاول ان يجري تجارب على مجموعة «النحل» في مختبره، فأخذ النحلات من خليتها، واعتبرت النحلات ان هذا التصرف فيه اساءة، وادخالها المختبر لاجراء تجارب عليها، وبعد فترة حاولت النحلات الفرار، واحدة تلو الاخرى، عن طريق الشباك المطل على الحديقة الكبيرة، وربضت هناك مختبئة بين الاشجار، وبقيت على هذه الحالة فترة طويلة.. تراوح الى خليتها، ثم تعود الى الحديقة، وفي احدى المرات تربصت بالطبيب، وهو خارج فهاجمته ولسعته لسعة نحلة واحدة، فأردته قتيلا، ثم تركت المكان الى غير رجعة، بعد ان انتقمت لكرامتها.

هو عالم يتصف بالوعي والتصرف التلقائي، فيه قيم ومبادئ وحدود متعارف عليها، فالقوي قوي، والضعيف ضعيف، والطائر طائر، والزاحف زاحف، والضار ضار، والشرس شرس، وهناك حدود وفواصل، وكل يكيّف نفسه مع واقعه وامكاناته بضعفه وقوته.

اما عالم الإنسانية فعالم يعج ويعصف ويختلط حابله بنابله، ولا تُعرَف له حدود.. وليس بعيداً ان يقول الانسان يوماً: لننسحب من هذه الغابة البشرية!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك