ابتهال عبدالعزيز تكتب عن تربية الصغار بعيدا عن ثقافة الإرهاب
زاوية الكتابكتب يوليو 12, 2007, 8:53 ص 489 مشاهدات 0
يكبرون عالبركة!
12/07/2007 د. ابتهال عبدالعزيز أحمد
جرائد يوم الثلاثاء الماضي كانت، على وجه الخصوص، حافلة بالأخبار الدموية في
أماكن متفرقة من العالم. وضع بائس حزين امتد بين العراق واليمن ولبنان وصولا
الى لندن وعدد من دول اوروبا الغربية. العامل المشترك في كل هذه الاحداث
الدموية عربيا واوروبيا هو ان القائمين عليها مسلمون، اهدافهم واحدة، وآلية
عملهم الدموية متطابقة. شعور قوي بالاسى يطبق على القلب عند رؤية صورة الطبيب
الشاب محمد العشا على صفحات الجرائد والخبر يشير اليه، تأكيدا او تشكيكا،
بالضلوع في العمليات الارهابية في لندن. الشعور بالأسى يأتي بالدرجة الاولى
من تورط طبيب شاب متفوق، كان يجب ان يكون بحكم عمله محبا محافظا على الحياة،
في عمليات قتل مروعة تختلف ليس فقط عن طبيعة عمله، ولكن وكل طبيعة انسانية
سوية، واما الدرجة الثانية من الشعور بالأسى فتأتي من ميلنا الاشد للاقتناع
بارتكابه هذه الفظائع وذلك بسبب اصله ودينه. لقد اصبح الارهاب سمة عربية
اسلامية أخيرا وبكل اسف، واصبحنا نتوقع ضلوعا عربيا اسلاميا عند سماعنا بأي
من هذه العمليات المدمرة وفي اي من بقاع العالم. لهذا المنحى العديد من
الاسباب السياسية والدينية والاجتماعية، ولكن يبدو لي ان انظمة الحكم
الأحادية الدين في الدول العربية والاسلامية لها اكبر ضلع في هذا البنيان
الدموي. عندما ننادي بعلمانية الدولة، هذا النهج السياسي البحت ذو السمعة
السيئة في دولنا، فهو لتفادي تكوين العقليات الاحادية التي تعمل في تدبير
وتنفيذ مخططات الارهاب الدموية. العلمانية هي مبدأ فصل الدين عن الدولة، اي
ان تنظم امور الدولة من خلال القوانين المدنية، ويمارس مواطنوها ومقيموها
اديانهم المختلفة بعيدا عن سياسات الدولة الملزمة باحترام هذه الاديان
ومعاملتها بعين المساواة. في دولنا التي تطبق حكما مدنيا دينيا، نرى ان
الصغار يتثقفون ثقافة دينية احادية، الى درجة عدم شمول المناهج الدراسية لأي
معلومات عن الاديان الاخرى ولو من باب العلم بالشيء، ومن هنا يكبر الصغار
بعقلية دينية احادية مرعية تحت نظام وقانون دولة ينص على ان دينهم هذا بعينه
وليس غيره، وان من الخطأ تطبيق اي شريعة دينية اخرى، وان الدنيا يجب ان تسير
وفق نهج ديني واحد، فيكبر الصغار بتفكير احادي ضيق رافض للآخر المختلف عنهم،
ويكبر هؤلاء الصغار محملين بهذه النظرة المتطرفة العدائية، فتكون عقولهم
مجهزة لاستقبال النهج التطرفي الذي هو اساس انظمة دولهم ومناهج التعليم فيها.
وهكذا يتفوق الابناء دراسيا وليس ثقافيا، ويسافرون إلى الخارج 'الفاسد'
لاستكمال تعليمهم وليس ثقافتهم، فتستقبلهم مقار التطرف هناك لتوغر صدورهم
المجهزة اساسا ضد كل ما هو 'آخر' ومختلف، فيسارعون للتخلي عن الاحلام
والآمال، ويلغون ثقافة الحياة لمصلحة ثقافة الموت والدم. هل هم جناة ام هم
ضحية؟ ومن فلت منا، لم فلت؟ البيت، البيئة، حظ افضل، عقل نجا من براثن ثقافة
الموت بالصدفة؟ هل نربي ابناءنا بهذه الصورة العبثية متمنين لهم 'الفلتان'
من براثن الارهاب الفكري عندنا.. هذا خير ما نستطيع عمله؟ كم هو مخيف واقعنا!
القبس
تعليقات