واقعنا كما تراه فوزية أبل صار يفتقد دور رجال الدين المعتدلين

زاوية الكتاب

كتب 1178 مشاهدات 0


القبس

أحمد النفيسي.. ورجل الدين المعتدل

فوزية أبل

 

في ظل ما يحصل في مجتمعاتنا العربية والإسلامية من البديهي القول إن البيئة الحاضنة للتطرف متوافرة في ظل الفتاوى المتشددة، والدعوات إلى إلغاء كل رأي مخالف، وفي ظل التفسير الخاطئ للدين الإسلامي، والطروح المفضية إلى إثارة الضغائن بين المسلمين بالذات.

لقد بات واضحاً أن جماعات إرهابية مثل «داعش» جاءت لتستغل البيئة الحاضنة المتمثلة في ضعف وهشاشة السلطات الحاكمة في بعض الدول، وكما كان يفعل نوري المالكي وحكومته في العراق من تهميش لبعض مكونات المجتمع، وأجواء التشدد والتطرف التي يساهم في نشرها بعض رجال الدين (بمختلف أفكارهم ومذاهبهم).. جاءت لتستفيد من هذه المناخات المؤدية إلى تمزيق المجتمعات.

في هذا السياق، يمكن القول إن لرجال الدين من جهة، والتربويين والإعلاميين والمثقفين من جهة أخرى، دوراً بالغ الأهمية في تأمين البيئة الحاضنة للتطرف والإرهاب، وكما أسلفنا، أو في مواجهة هذا النهج الإرهابي والمتشدد وتحصين المجتمعات ضده، وتوفير الحماية لقوى الخير والمحبة والخدمة الحقيقية للمجتمع وقضاياه، والحؤول دون أن تتحول الأجيال الجديدة إلى لقمة سائغة للمخربين والمتآمرين.

في مجال آخر، ازدادت في الفترة الأخيرة تدخلات رجال الدين وفتاواهم في الشؤون السياسية والانتخابية، وقد تخدم طرفاً ضد آخر. وسواء كنا مؤيدين أو معارضين لهذه الفتوى أو تلك، فلا بد من القول إن هذا ليس من مهام رجل الدين.

ومبالغة في التعاطي الإعلامي مع رجال الدين، أم مبالغة من قبل بعض المشايخ في الظهور بمظهر مختلف عما عرفناه فيهم على مدى الأجيال. ربما الاثنين معاً.

فالجمهور يشاهد على الفضائيات شيخ دين يجلس في حديقة، أوفي أجواء مرحة أو إشراكه في لقاءات طريفة. وآخر يظهر في إعلانات بعضها تجاري.

فهناك من يرى في هذه الظواهر خروجاً عن النظرة العالقة في أذهان الجمهور عن رجل الدين وجانب الوقار، بينما آخرون يرونها خروجاً عن القوقعة.

تعود بي الذاكرة، في هذا، إلى موقف عبّر عنه رئيس تحرير «الطليعة» الأستاذ الأخ الكبير والعزيز أحمد النفيسي (أمده الله بالصحة والعافية)، ففي أواخر التسعينات كانت هناك هجمة من تيارات الإسلام السياسي ضد الديموقراطية والقوى الوطنية، وكنا نجتهد - ضمن أسرة التحرير - في كشف تجاوزاتها وممارساتها البعيدة عن مبادئ الإسلام الصحيح، وروح الديموقراطية والقانون. وفي أحد النقاشات بيني وبين الأستاذ «بوبدر» حرص في حديثه على ألا نتجاوز مبدأ أهمية «دور ومكانة رجل الدين المعتدل في المجتمع».

فبعض رجال الدين - للأسف - صاروا أدوات لإشعال الفتنة والخلاف بين أبناء البلد الواحد، وصاروا جزءاً من صراعات سياسية، ما أفقدهم مكانتهم ووقارهم، وأبعدهم عن دورهم الحقيقي في خدمة قضايا مجتمعهم. فواقعنا يفتقد دور رجال الدين المعتدلين في الدعوة إلى الخير والتسامح، وتقريب النفوس، والعمل للمصلحة العامة.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك