'كارثية'.. الديحاني واصفاً نتائج استمرار السياسات المالية والاقتصادية الخاطئة

زاوية الكتاب

كتب 665 مشاهدات 0


الجريدة

إلغاء دعم الطاقة.. بأي اتجاه؟!

د. بدر الديحاني

 

على الرغم من أن أسعار النفط متذبذبة على الدوام فإنها ظلت لسنوات طويلة خلت أعلى من مئة دولار، وهذا هو سبب الفائض المالي السنوي في الميزانية وليس حسن إدارتها، لذا فإن الانخفاض الحاد للأسعار في الأيام الأخيرة أعطى مؤشرا قويا على قرب تسجيل عجز فعلي في الموازنة العامة للدولة، التي تعتمد أغلب إيراداتها على النفط (94%)، حيث اقترب سعر البرميل كثيرا من معدل التوازن، وهو الأمر الذي يجب أخذه على محمل الجد لأن استمرار الخطأ في السياسات المالية والاقتصادية الحالية ستكون نتائجه كارثية اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا كما سبق أن ذكرنا مرارا وتكرارا.
لا مفر، إذاً، من إصلاح السياسات المالية والاقتصادية الحالية والتعامل معها كحزمة واحدة متكاملة، ولكن ذلك لن يتحقق بشكل جذري ما لم يكن جزءا من مشروع إصلاح سياسي ديمقراطي شامل يمكن من خلاله تحقيق مشاركة واسعة وفعلية في القرار، وموازنة عامة عادلة اجتماعيا تجنبنا الوقوع في عجز مالي فعلي ستُحمل تبعاته في وضعنا الحالي، مثلما تُبيّن أغلب السياسات المالية الحالية، لأصحاب الدخول المتدنية والمتوسطة، على الرغم من أنه من الظلم أن يُحملوا نتائج قرارات إدارة عامة سيئة يستشري فيها الفساد وتبعات سياسات اقتصادية ومالية خاطئة لم يشاركوا في اتخاذها. (تطرقنا لبعض المقترحات حول كيفية تجنب عجز مالي في مقال سابق بعنوان 'عجز الموازنة العامة... ما العمل؟ بتاريخ 12 مايو 2014).
 والآن وفقا لتقرير صندوق النقد الدولي فإن الحكومة 'قد بدأت بخفض بعض المدفوعات التي تقدمها للدعم وبلغت مرحلة متقدمة من إعداد خطة لخفض الدعم على الكيروسين والكهرباء.
ويعد خفض الدعم إصلاحا اقتصاديا مهما للكويت، إذ يلتهم الدعم السخي الذي تقدمه الدولة والذي يذهب معظمه للطاقة نحو 5.1 مليارات دينار (17.7 مليون دولار) سنويا أي ما يقارب ربع الإنفاق الحكومي المتوقع في السنة المالية الحالية طبقا للأرقام الحكومية' (الجريدة 30 سبتمبر 2014).
ومع شح المعلومات الرسمية عن سياسة الحكومة فيما يتعلق بإلغاء دعم الطاقة فإن الخشية أن يقتصر إلغاء الدعم على الدعم الاجتماعي المقدم للأفراد والأسر، ولا يقترب بشكل جدّي من الدعم الحكومي السخي المقدم للشركات الخاصة، بالرغم من أن استفادة الأفراد من دعم الطاقة تعتبر قليلة بالمقارنة بحجم الدعم الحكومي السخي المقدم للشركات والمصانع والمؤسسات الخاصة التي تستهلك معدلات مرتفعة للغاية من الكهرباء والماء ووقود الطائرات (أجنبية وخاصة) والبنزين والكيروسين والديزل الذي يُهرب بكميات ضخمة للخارج، بل إن ثلثي محطات التزود بالوقود ومشتقاته مملوكة للقطاع الخاص منذ أن بدأت الحكومة خصخصتها عام 2004، وأي زيادة قادمة في أسعارها لن ينتج عنها سوى تعظيم أرباح هذه الشركات التي لا تدفع ضرائب تصاعدية على الأرباح، ولم تطوّر الخدمات، بل إنها استغنت عن العمالة الوطنية التي كانت موجودة قبل الخصخصة.
إذا تأكد ذلك في القادم من الأيام فهذا معناه المزيد من السياسات المالية المنحازة التي ستقضي تدريجيا على'الطبقة' الوسطى، وستزيد من معاناة أصحاب الدخول المتدنية.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك