الجهود الدولية لمحو الأمية لا تزال غير كافية حسب تقرير اليونسكو
عربي و دوليأكتوبر 6, 2008, منتصف الليل 483 مشاهدات 0
إذا كانت نسبة القضاء على الأمية قد تقدمت بشكل عام في العالم، فان الوضع في آسيا الجنوبية والغربية وفي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لا يزال يثير القلق. كما أن المساعدات المخصصة لمحو الأمية لا تزال غير كافية. هذا ما أكده تقرير تقدمه اليونسكو في 6 تشرين الأول/أكتوبر خلال الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو يعكس منتصف الطريق لمسيرة عقد الأمم المتحدة لمحو الأمية (2003 ـ 2012).
على الصعيد الدولي، حصل تقدم في السنوات الأخيرة كما نوه تقرير اليونسكو التي تقوم بمهام وكالة التنسيق للعقد المذكور. فعدد الأميين انخفض في الحقيقة خلال فترة 1985 ـ 1994، من 871 مليون شخص إلى 774 مليونا لمرحلة (2000 ـ 2006). وارتفعت النسبة العالمية لمحو الأمية وتعليم الكبار من 76 بالمائة إلى 83.6 بالمائة. وتجدر الإشارة إلى أن الزيادة الأقوى جاءت لدى الدول النامية حيث بلغت نسبة 79 بالمائة مقابل 68بالمائة للفترة السابقة. وعلى هذا المنوال، ستبلغ النسبة العالمية لمحو أمية الكبار 87 بالمائة عام 2015 .
لكن هذه الأرقام الإجمالية تحجب فروقا إقليمية شاسعة. في الواقع ،هناك 75 % من 774 مليون من الأميين الكبار في العالم يعيشون في 15 بلدا فقط، مثل بنغلادش والبرازيل والصين والهند أو نيجيريا. من جهة أخرى، لم يعكس هذا التقدم بالضرورة في المناطق التي تشهد نموا سكانيا، انخفاضا في عدد الكبار الذين لا يجيدون القراءة والكتابة. ففي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ارتفع عدد هؤلاء من 133 مليونا إلى 163 مليونا خلال الفترتين المذكورتين. كما ارتفع عددهم في الدول العربية من 55 إلى 58 مليونا .
في مثل هذه الأحوال، لن تحقق ثلاثة أرباع الدول البالغ عددها 127 دولة والتي تم وضع مشاريع لها بهذا الشأن، الهدف القاضي بتقليص نسبة الأميين الكبار لديها إلى النصف حتى سنة 2015. وإذا لم تحصل مفاجأة، فان معظم دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ودول آسيا الجنوبية والغربية والدول العربية، ستبقى في نفس الوضع . كذلك لم يتغير الوضع السيئ للنساء عمليا إذ أن 63 % من الكبار الذين لا يجيدون القراءة والكتابة كانوا من النساء في الفترة 1985ـ1994 مقابل 64 % للفترة 2000 ـ 2006.
وقد صرح مدير عام اليونسكو كويشيرو ماتسورا بهذا الصدد : ' في الوقت الذي نشارف فيه على النصف الثاني لعقد الأمم المتحدة لمحو الأمية، ينبغي على المجموعة الدولية أن تجد طرقا جديدة للتعامل مع السكان المهمشين الذين تبين أن المقاربة التقليدية إزاءهم كانت غير فعالة'.
على صعيد المنظمة، تم اتخاذ عدد من المبادرات من اجل إعطاء انطلاقة جديدة لمكافحة الأمية. فقد أطلقت اليونسكو ثلاثة برامج في إطار هذا العقد: مبادرة لمحو الأمية تحت شعار المعرفة من اجل القدرة *( LIFE) وبرنامج متابعة وتقييم محو الأمية **(LAMP) وكذلك نظام المعلومات بشأن إدارة التعليم غير النظامي. كما تم تنظيم ندوات إقليمية وشبه إقليمية حول محو الأمية عام 2007 و2008 ساهمت في أطلاق العملية السياسية لصالح محو الأمية.
على صعيد آخر، أشار تقرير اليونسكو إلى أن بعض الدول اتخذت تدابير هامة لتقوية السياسة التي تتبعها في محو الأمية. وهذه الدول هي التي أطلقت بشكل خاص برامج وطنية لمحو الأمية لديها خلال النصف الأول من العقد مثل نيجيريا والهند وفنزويلا. وتمت ترجمة هذه الإرادة السياسية في بعض الحالات بزيادة حصة الاعتمادات المالية المخصصة لمحو الأمية. فالسنغال زادت ثلاثة أضعاف ميزانيتها المخصصة لمحو الأمية. وبوركينا فاسو رفعت نسبة الاعتمادات المالية للتعليم المخصصة لمحو الأمية من 1 % إلى 7 % . كذلك رفعت دولة مالي الميزانية المخصصة لمحو الأمية من 500 مليون إلى 4 مليارات فرنك إفريقي. من جهتها، زادت الهند المبالغ المخصصة لمحو أمية الكبار بنسبة 50 % بين 2008 ـ 2009 وهي تتهيأ أيضا لرفع ميزانيتها في هذا الميدان إلى ثلاثة أضعاف ما هي عليه .
لكن على الصعيد الدولي، لا يزال حجم المساعدات المالية غير كاف. إذ يقدر في الحقيقة بأنه ينبغي تخصيص 2،5 مليار دولار على الأقل سنويا من اجل تعليم الكبار وذلك على شكل استثمارات تقوم بها السلطات العامة والمنظمات المانحة .
ومن بين التوصيات التي ذكرها تقرير اليونسكو، برزت ضرورة تحسين تنفيذ برامج محو الأمية عن طريق اعتماد طرق تعليم تتماشى مع مختلف الأوضاع والحاجات. واقترح زيادة الأموال المخصصة لمحو أمية الكبار وتخصيص نسبة 3% على الأقل من موازنات التربية الوطنية لهذه الغاية.
سيتم مناقشة التقرير في 6 أكتوبر خلال الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة حيث سيقدم في نفس اليوم مدير قسم تنسيق الأولويات في الأمم المتحدة في ميدان التربية، مارك ريشموند سيجري في نفس اليوم عرض للتقرير خلال جلسة الظهر الخاصة بالمعلومات الصادرة عن الأمم المتحدة .
ويعقب هذا العرض في اليوم التالي حفل غداء تنظمه اليونسكو ومنغوليا وتشارك فيه السفيرة الفخرية لليونسكو لعقد الأمم المتحدة لمحو الأمية، الأميركية الأولى، السيدة لورا بوش . وخلال هذا الحفل الذي يضم حوالي مائة شخصية سيجري تقديم عرض لإصدار جديد لليونسكو بعنوان 'التحدي العالمي لمحو الأمية'.
تعليقات