الحزن على حال المسلمين ينبغي أن يكون دافعاً لتخليص الأمة من عدوها!.. برأي الفضلي
زاوية الكتابكتب أكتوبر 3, 2014, 12:59 ص 3158 مشاهدات 0
الراي
رسالتي / على ماذا نبكي؟
عبد العزيز صباح الفضلي
لا يعيب الرجل أن يبكي، فلقد بكى الرسول -صلى الله عليه وسلم- على وفاة ولده ابراهيم، وبكى على استشهاد بعض أصحابه، كما بكى الصحابة على رحيل نبيهم.
وبكى عمر بن عبدالعزيز من خشية الله حتى سالت دموعه على وسادته وكان ينتفض من فراشه خوفا من ربه كانتفاضة العصفور.
وبكى فقراء الصحابة لما اعتذر الرسول -عليه الصلاة والسلام- عن حملهم معه في غزوة تبوك، فوصف الله تعالى حالهم بقوله (تولّوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون).
وفي زماننا يحق للمرء أن يبكي على ما حل في ديار المسلمين، فدماء الشهداء الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء تتساقط يوميا على أرض الشام والعراق، وقبل فترة رأيناها تتساقط في غزة.
والأخبار والصور التي تنقل عن مأساة المسلمين الروهينجا، ومسلمي أفريقيا الوسطى لتدمع العين وتدمي القلب.
لقد تكالب الأعداء على أمتنا وتداعوا عليها كتداعي الأكلة على قصعتها، وصار يصدق عليها قول الشاعر:
أنّى اتجهت إلى الإسلام في بلد... تجده كالطير مقصوصا جناحاه
البكاء لفقد عزيز لا يعني الاعتراض على قضاء الله وقدره، والحزن على حال المسلمين لا يعني اليأس والقنوط والاستسلام، بل ينبغي أن يكون ذلك دافعا للعمل على تخليص الأمة من عدوها الذي تسلط عليها، حتى يأتي نصر الله الذي وعد به (ألا إن نصر الله قريب) كلٌ بحسب استطاعته، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
من المحزن أن ترى دموع البعض تسقط على حبيبة هجرته، أو هزيمة فريق رياضي يشجعه، في الوقت الذي لا تتحرك فيه مشاعره على مآسي أمته فضلا على أن تسقط دموعه!!
اليوم هو يوم عرفة وهو من أعظم الأيام التي تتساقط فيها الدموع والعبرات، تنهمر دموع الحجيج انكسارا بين يدي الله، في هذا اليوم الذي يباهي الله بأهل الأرض أهل السماء، ويُشهد ملائكته على مغفرته لضيوفه الذين لبوا نداءه، فهنيئا لهم.
وهو يوم يبكي فيه من حالت ظروفهم عن اللحاق بركب الحجيج برغم شوقهم ليكونوا معهم، ومن أروع ما ذكر عن شوق المتخلّفين عن اللحاق بركب الحجيج ما نقل عن البرعي. فقد ذكروا أن الشيخ البرعي في حجه الأخير أُخذ محمولا على بعير، فلما قطع الصحراء مع الحجيج وأصبح على بعد خمسين ميلا من المدينة أصابه المرض فأعاقه عن إكمال المسير فأنشأ قصيدة لفظ مع آخر بيت منها نفسه الأخير يقول فيها:
يا راحلين إلـى منـى بقيـادي
هيّجتموا يوم الرحيـل فـؤادي
سرتم وسار دليلكم يا وحشتـي
الشوق أقلقني وصوت الحـادي
حرمتموا جفني المنام ببعدكـم يـا
ساكنين المنحنـى والـوادي
ويلوح لي ما بين زمزم والصفـا
عند المقام سمعت صوت منادي
ويقول لي يا نائما جـد السُّـرى
عرفات تجلو كل قلب صـادي
من نال من عرفات نظرة ساعة
نال السرور ونال كل مـرادي
تالله ما أحلى المبيت على منـى
في ليل عيد أبـرك الأعيـادي
ضحوا ضحاياهم وسال دماؤها
وأنا المتيّم قد نحـرت فـؤادي
لبسوا ثياب البيض شارات اللقاء
وأنا الملوّع قد لبسـت سـوادي
فإذا وصلتـم سالميـن فبلغـوا
مني السلام أُهيـل ذاك الـوادي
قولوا لهم عبـد الرحيـم متيـم
ومفـارق الأحـبـاب والأولاد
صلى عليك الله يا علـم الهـدى
ما سار ركب أو ترنـم حـادي
اللهم احفظ حجاج بيتك، وتقبل سعيهم، واغفر ذنبهم، وارجعهم إلى ديارهم سالمين غانمين غير خزايا ولا محرومين
تعليقات