داعش..مقاتلو القطاع الخاص !بقلم خالد بوقدوم

زاوية الكتاب

كتب 809 مشاهدات 0


 يبدو ان رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، لم يكن ليخضع كلامه الى 'الفلاتر الثلاثة' كما السيسي، وظهر هذا بالوعد الذي اطلقه في حينه لجيشه، بارسال آلاف المتطوعين لمؤازرتهم باسترداد الموصل من داعش عقب استيلائه عليها دون ان يعرق له جبين، وبفترة زمنية قياسية بلغت 8 دقائق و6 ثوان و4 اجزاء من الثانية!! هذا الوعد اعتبر اعلانا رسميا غير مدفوع الاجر، عن فاعلية المقاتل المتطوع على فاعلية الجندي النظامي، واعلانا بفشل اربعة فرق عراقية قوامها 140 الف جندي، تنوء باسلحتها اولي القوة، فرّت وكأنها حمر مستنفرة، فرّت من قسورة، آثرين درب السلامة!!

ما جرى ليس له سوى تفسير واحد لا يقبل القسمة على اثنين، بان اداء القطاع العام الحكومي العراقي سيء مع مرتبة القرف، حتى حين يتعلق الموضوع بالمجال العسكري، كما هو الحال بباقي المجالات كالتعليم والصحة والاعلام، حاله كحال اقرانه بالدول العربية، وما ثورات الربيع العربي وتداعياتها عنا ببعيد، حين انهارت بعض جيوشه من الجولة الاولى للمواجهة كالجيش العراقي امام داعش.. 'مقاتلو القطاع الخاص' ان جاز التعبير، طالما ان من انشأ التنظيم افراد، على اعتبار ان قوات الجيش قطاع عام انشأته الحكومة، اما الجيش الليبي فانهار بالوقت المحتسب بدل الضائع، وكذلك الجيش السوري الذي اوشك على السقوط فاستعان الاسد بصديق من خارج الحدود، وداواها بالتي كانت هي الداء، عبر مقاتلو القطاع الخاص كحزب الله وميليشيا ابي الفضل العباس وغيرهما من التنظيمات، مما اطال بعمر النظام حتى هذه اللحظة..حقا 'لا يفل الحديد الّا الحديد، ولا يفل القطاع الخاص الّا القطاع الخاص' !!
ان احداث الربيع العربي لهي دليل ناصع البياض دون الحاجة الى 'تايد' على تفوق القطاع الخاص على القطاع العام عسكريا، وذلك لسبب جوهري يتمثل بمؤسسة عسكرية نظامية نخرها الفساد وعشعش، بها جندي موظف يتحرق شوقا لملاقاة الراتب، وبين مقاتل عن عقيدة بتنظيم، يتحرق شوقا لملاقاة العدو...لا يستويان !!ناهيك عن العمليات الاستشهادية التي تكاد تنعدم من مناهج الجيوش العربية، ونجدها تحتل صدارة المقرر الدراسي للتنظيمات المسلحة!! لهذا لا غرابة ان يتغدى داعش على الجيش العراقي، ويتعشى على البشمركة، ويحلّي بقطع الرؤوس، ويهدد الدول المجاورة وقت الراحة والسمر!! وقد لا نكون مبالغين بالقول عن قدرة داعش نجم الشباك الاول بين التنظيمات المسلحة، على احتلال بعض الدول القريبة منه قبل ان يقوم 'البغدادي' من مقامه، بعد ان حول التنظيم 'بجرة علم' بلونيه الاسود والابيض، الحدود بين العراق وسوريا من 'سايكس بيكو' الى 'داعش البغدادي'!!
الامثلة بالعالم العربي على قوة تنظيمات القطاع الخاص بشتى اشكالها والوانها واحجامها، الكبير منها والصغير و'النص نص' متعددة وفرص نجاحها كبيرة، لكنها مرهونة بتوفرالعدد والعدة والنفس الطويل، ولعل ابرزها على سبيل المثال في فلسطين حركة فتح سابقا، التي القت سلاحها فيما بعد لقصر نفسها بعد اكثر من عقدين قضتهما باعمال الثوار والثورة، وهي صاحبة اطلاق الرصاصة الاولى، في الوقت الذي بزغت فيه صاحبة اطلاق الصاروخ الاول حركة حماس، التي كسرت هيبة جيش الدفاع الاسرائيلي وخصوصا بالعدوان الاخير على غزة، ردت به جزءا ليس بالقليل من كرامة الامة التي مرغها اليهود بحروبهم مع العرب جماعات وفرادا، لعب خلالها الصهاينة بجيوش الانظمة العربية play station .
ما يحسب لحماس، ليس نجاحها كحركة ثورية فحسب، صنعت سلاحها بيدها في بادرة ربما هي الاولى من نوعها على صعيد حركات التحرر، وانما نجحت ايضا في الحكم بظروف اقل ما يقال عنها بانها استثنائية للغاية، وهو ما لم تحققه اي حركة ثورية اخرى في العالم اعتلت سدة الرئاسة فيما بعد، وما 'الحركة الشعبية لتحرير السودان' الا دليل على ان النجاح بالثورة شيء، والنجاح بالسلطة شيئا آخر.
ان تاريخ المنطقة ليؤكد ان ما ضيعه القطاع العام المتمثل بالجيوش من ارض استرده القطاع الخاص المتمثل بالتنظيمات.. يعني: العام يضيع والخاص يسترد، خذ عندك لبنان عيّنة، احتلت اسرائيل جنوبه بوضع اليد، فيما جيشه خجلان اسفا وحرره حزب الله، والعراق غزته امريكا ثم اجبرت على الانسحاب، بعد أن أعاد العراقيون إعراب انفسهم عبر التنظيمات المسلحة المختلفة، اما فلسطين فضاعت باكملها يوم ضربت الجيوش العربية على صدرها متكفلة بتحريرها، فعاد لنا جزء من الوطن وهي غزة بعد ان لعبت حماس دور البطولة، وعليه وعلى غيره وللثقل الذي تشغله المنظمات على الارض حاليا، يبدو ان المرحلة المقبلة ستشهد انتعاشة فوق انتعاشتها بسوق تنظيمات القطاع الخاص المسلحة، بدخول الشباب بالتنظيمات افواجا فتزداد قوة الى قوتها، مما سيمكنها من رسم خريطة جديدة للمنطقة، ظلت على حالها نحو قرن من الزمن، ولكن بأنامل عربية اسلامية هذه المرة بدلا من الافرنجية، كأنامل 'داعش والغبراء' و 'القاعدة واخواتها'.

الآن-رأي: خالد بوقدوم

تعليقات

اكتب تعليقك