رسالة تبعثها آلاء العبيد لطلبة كلية الشريعة

زاوية الكتاب

كتب 1384 مشاهدات 0


رسالة من القلب لطلبة كلية الشريعة في هذه الأيام العشر

    حلت علينا أيام ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله منها, وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : '  ما العمل في أيام أفضل منها في هذه، قالوا: ولا الجهاد ، قال : ولا الجهاد ، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء' رواه البخاري ( 926 )
  وقد كان السلف - رحمهم الله- يعظمون هذه العشر، فلا يحدثون فيها ذنباً ولا إثماً، حتى في ذكر الحديث الضعيف أو الحديث الذي فيه خطأ فهم لا يقومون به : ذكر البرذعي في  سؤالاته لأبي زرعة الرازي قال : سألت أبا زرعة عن حديث ابن أبي هالة في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم-, في عَشْرِ ذي الحجة ، فأبى أن يقرأه علي , وقال لي : فيه كلامٌ أخاف أن لا يصحّ ، فلما ألححت عليه , قال : فأخِّرْه حتى تَخْرُجَ العَشْرُ , فإني أكره أن أُحَدِّثَ بمثل هذا في العَشْر  .

       يقول عبد الله بن مسعود: ( ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون, وبنهاره إذا الناس مفطرون, وببكائه إذا الناس يضحكون, وبورعه إذا الناس يخلطون, وبصمته إذا الناس يخوضون, وبخشوعه إذا الناس يختالون, وبحزنه إذا الناس يفرحون ) . فحري بطالب العلم أن يكون له شأن آخر مع الله في استغلال مواسم الطاعات، فتجده عند غفلة الناس ونومهم قائم في الليل يصلي ويذكر الله، وعند فطر الناس هو يلزم نفسه بورده من صيام النوافل التي تقربه إلى الله، لا يلهو مع اللاهين و لا يخوض مع الخائضين، تجده متورعا عن ما يخلط الناس فيه له مع خالقه شأن آخر، مستغن عما في أيدي الناس فرحه يجد لذته بقلبه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله -:( لو يعلم الملوك وأبناء الملوك مانحن فيه –أي من لذه وراحة بقرب الله- لجالدونا عليه بالسيوف).

      من هذا المنطلق كانت هذه الرسالة لطلبة العلم في كلية الشريعة لعل الله يكتب لها القبول وتصلح ذات بينهم وتصل لشغاف قلوبهم فقد آلم الجميع ما سمعنا في الفترة الأخيرة من الهمز واللمز والشد والرد والطعن في صروح هذه الكلية المباركة، فقد كانت القوائم تتنافس في كلية الشريعة ويحضر كل منهم نشاط القائمة الأخرى بل ويدعو كل منهم للآخر ويحترم بعضهم البعض والخلاف لم يفسد للود قضية، لكن أن يصل الخلاف في انتخابات الكليات للعنف واحضار السكاكين فهذه بادرة خطيرة يعتصر عليها القلب دما فهي إن لم تقتلع من جذورها ويعاقب فاعلها فلنكبر على الصروح التعليمية أربعا!

    فعلى القوائم في كلية الشريعة خاصة وبقية الكليات عامة أن تراجع نفسها وتعرف سبب نزولها لقيادة الجمعيات الطلابية فإن كان دافعها خدمة طلبة العلم، والتعاون على البر والتقوى، ونشر الدعوة الصحيحة بالتي هي أحسن فليبشروا بكل خير لأن الله لا يضيع عمل عامل من عباده، وقد أوصى حبيبنا -صلى الله عليه وسلم- بطلبة العلم ،

كما في الحديث :' سيأتيكم أقوام يطلبون العلم فإذا رأيتموهم فقولوا لهم مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم واقنوهم'  قلت للحكم ما اقنوهم قال علموهم. وفي الأثر عن حماد بن زيد أنه كان إذا رأى الشباب قال: أمرنا أن نحفظكم الحديث، ونوسع لكم في المجالس. أما إذا كان الدافع للنزول هو الانتصار للنفس والقبيلة والحزب وحب الرئاسة وما إلى ذلك فعظم الله أجركم في أنفسكم وأوقاتكم وجهودكم التي ستبذلونها!!

      قبل الختام فإني أوصي أخواني وأخواتي طلبة العلم في كلية الشريعة أن يحفظوا قلوبهم من الفتن وألسنتهم من القول على الله بلا علم،  كما أوصيهم بالتثبت في نقل الأخبار وأن يردوا عنْ أعراض إخوانهم المسلمين فمن ذَب عَنْ لحم أَخيه في الغيبة ، كان حقا على اللَّهِ أن يعتقه من النار، وذلك لا يتحقق إلا بالآتي:
-   سؤال الله الإعانة والعصمة من الفتن ، فمن لم يكن مستعينا بالله متوكلا عليه, مفتقرا إليه في حصوله لم يحصل له مقصوده فإنه ما شاء الله كان ,وما لم يشأ لم يكن.
-  استحضار نية العبادة التي تجعل المرء يعظم ربه ويوقره ويستمتع بعبادته ويأنس به دون سواه.
-   المجاهدة والصبر على الأذى في الدعوة ، كما قال الله سبحانه 'والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا' سورة العنكبوت 69
-   صحبة الصالحين وقراءة سيرة السلف الصالح وأخلاقهم وتعاملهم مع المخالف.
-الالتفات حول العلماء واحترامهم وإنزالهم منازلهم.
 - والحذر الحذر من سياسة التسلق على ظهر الآخر وإلقاء التهم للوصول للهدف فهذه السياسة قد توصلك لكنها لن تغني عنك من الله شيئا!، فليس هناك أيسر من ذم الناس وتنقيصهم وإظهار معايبهم وليس هناك أشق من الإنصاف فالإنصاف عزيز والنفس تتوق لمعاداة من تبغض فتأمل!

هذا ما لدي وأسأل الله أن يصلح ذات بينكم ويسدد على دروب الخير خطاكم ويجعلنا وإياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر ،ويرزقنا لذة الأنس به وبطاعته وعبادته،، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

الآن - رأي / آلاء عادل العبيد

تعليقات

اكتب تعليقك