الخليج يفك حزام تهديد ليحيط به آخر
عربي و دوليسبتمبر 24, 2014, 12:02 ص 2185 مشاهدات 0
لا يتعين عليك أن تكون رسّام خرائط لكي تعرف أن العراق وبلاد الشام تشكل حزام متصل في شمال شبه جزيرة العرب.
وبدرجة قريبة من ذلك اعتبر وزير الخارجية الاميركي السابق هنري كيسنجر في أواخر الحرب الباردة ان أثيوبيا واليمن الجنوبي شكلت حزام شيوعي في جنوب الخليج. تلك الاحزمة لم تشكل عائقا حين خرج أجدادنا الرعاة الحفاة من جزيرتهم ليضعوا الفواصل،والنقاط على حروف التاريخ بخفاف أبلهم.لكن الاحزمة نفسها عدت في القرن العشرين غير مستساغة استراتيجيا؛ربما لكون العرب على طرفيها كانوا منضوين تحت هياكل امنية متنافرة.
رجوعا إلى التاريخ نجد ان بريطانيا رسمت حزام أمن نقاطه الاستراتيجية في السويس وباب المندب،عدن وهرمز والكويت وبوشهر وتلك النقاط هي ماعرف لدى الاستراتيجيين بــ'مفاتيح الشرق'. لذا كان هلع لندن كبيرا حين وصل للخليج الطراد الحربي الروسي فارياجVaryag'' عام1901م مخترقا ذلك الحزام .كما كان هلعهم اشد حين وصلت بعثة آلمانية للكويت لايصال خط برلين-بغدادالذي يخترق العمق في حزام الامن البريطاني.
وحتى منتصف القرن العشرين كان 'المجد للقوة البحرية' كما قال الفرد ماهان 'A.Mahan' ثم تراجع ذلك الفهم واصبحت القوة الجوية هي الذراع الطويل. لذا اقام البريطانيون خلال الحرب العالمية الثانية حزام أمن لمنع طائرات هتلرLuftwaffe''من الوصول للخليج في طريقها للهند،وكان الحزام الدفاعي في الشعيبة بالعراق وفي الكويت والبحرين والشارقة .لكن ترك الافق الغربي مفتوحا بدون حزام سمح لموسوليني بارسال طائراته من اريتيريا في عملية جريئة فقصفت البحرين والظهران وعادت سالمة.
وفي زمن الحرب الباردة، ولمنع الشيوعية من التسرب للرمال الدافئة قرب حقول النفط ،أقام الغرب بناء على مبدأ ايزنهاورEisenhower Doctrine'' حزام امني في 1957م؛ وكان الخليج جزء من هذا الحزام بالاضافة الى باكستان وايران. وقد بقي الحزام ضد الشيوعية مشدوادا حتى مزقته الثورة الايرانية 1979م، ولتقوم الثورة نفسها يتسويق مشروع 'الحزام الشيعي' الممتد من ايران الى البحر المتوسط.
لكن عقدين من الزمن مضيا قبل ان يتحول المشروع من 'فوبيا' الى مايقترب من الحقيقة حين عقد المالكي حلف استراتيجي مع طهران وعين الجنرال قاسم سليماني مندوب سامي في بغداد ،فما كان من الاخير الا ان مارس عسكريته وطبق مبدأ الاحاطة، فحرك الحوثيين لخلق حزام جنوبي كالذي حذر منه هنري كيسنجر قبل عقدين ونصف . فهل لازال الحزام الشيعي قائما كمشروع ؟ أم عاد للتواري كجزء من الفوبيا الايرانية ؟ يجيبنا هنري كيسنجر نفسه محذرا في 10 سبتمبر 2014م من 'خطورة الحزام الشيعى الذي يعطي فرصة لاٍعادة اٍنشاء الاٍمبراطورية الفارسية ، ويمنح إيران قوة هائلة من الناحية الاستراتيجية' كما اعتبر أن 'ايران تمثل مشكلة اكبر من 'داعش” الذين هم مجموعة من المغامرين بافكارا عنيفة' .
ويتبادل مقوضي الامن في الخليج أحزمتهم فتستلم مهمة إحاطتنا الجماعات الارهابية ب'الحزام الجهادي'وهو من الخطورة لجعل أوباما المتردد يرسل الدبابير FA-18 Hornet'' لاعشاش خفافيش داعش. الحزام الجهادي يستمد قوته من داعش كقدوة فداعش الوحيد الأكثر قدرة على تنفيذ أهدافه، وجرأته في الغزو والاحتلال والابادة والاعدامات يتوجها جرأة غريبة في إعلانه 'الخلافة الإسلامية' مما يجعله المسيطر على الحركات الجهادية بفكره وامواله .فنصل لقناعة ان داعش نوع من 'إرهاب مابعد القاعدة' يستدعي 'اجراءات مابعد أوباما '.
غاية القول إن الخليج عاش خارجا من حزام تهديد ليدخل آخر مشدود اكثر مما سبقه تاركا آثاره في خاصرتنا الضعيفة. وقد لايكون من الرصانة الاستراتيجية طرح فكرة 'تحزيم المعدة' لاضعاف شهية الغرب الذي يقيم الاحزمة ليلتهم جزء من دخلنا القومي.
فما الحل ؟
أن نحزم أنفسنا بانفسنا، فمشروع 'حزام التعاون' قوي وفعال كلفنا 80 مليون دولار،ويربط منذ 2001م مراكز قيادات القوات الجوية والدفاع الجوي بدول المجلس آلياً بشبكة انذار مبكر. وقد آن الاوان لخلق احزمة أمنية خليجية مثيلة للقوات البرية والبحرية الخليجية لتحل محل الاحزمة الامنية الاجنبية .
تعليقات