يكتب صالح الشايجي عن الكماليين والمثاليين في الحياة!
زاوية الكتابكتب سبتمبر 20, 2014, 12:18 ص 452 مشاهدات 0
الأنباء
بلا قناع / الكماليون
صالح الشايجي
نبحث عن الكمال والمثالية في شؤون الحياة كلها وتتصاعد حالة البحث وتبلغ ذروتها حين تتصل بالناس، من أهل وأصدقاء ومعارف وزملاء عمل، وحتى عابري السبيل.
تتحكم بنا حالة البحث عن الكمال ونرى في كل من نتعامل معه شيئا من النقصان وقد تزيد مساحة هذا النقصان وتكبر بين شخص وآخر وشيء وآخر ممن ومما يصادفنا في حياتنا.
وفي الوقت عينه يرى البعض منا نفسه مثالا للمثالية ونموذجا لها، رغم أنه الأكثر ابتعادا عنها، والنموذج الأسوأ الذي يجب تجنبه.
والحكام الديكتاتوريون هم من هذا الصنف الأسوأ والأردأ والأبشع والأكثر مجافاة للكمالية والتمام، ولكنهم يرون في أنفسهم ما لا يراه فيهم الآخرون، لذلك هم يسعون الى تخليد أنفسهم من خلال التمجيد لذواتهم وزرع صورهم وتماثيلهم أمام عيون شعوبهم في كل مكان حتى على جدران البيوت الجائعة، فقد يخلو بيت من كسرة خبز جاف ولكنه يجب ألا يخلو من صورة الزعيم الذي تضفى عليه صفات وتمجيدات كثيرة وأساطير تربطه بالسماء.
كل ذلك لأن هذا الحاكم الديكتاتور يرى في نفسه المثال الأصدق والأروع للكمالية والمثالية، فهو العادل والمنصف والشجاع والكريم والقوي والحكيم والباني لبلده والمحب لشعبه، رغم أن سكان سجونه وأقبيته ومن يئنّون من سياطه، أكثر من الطلقاء والأحرار خارج زنازينه.
والقائمة تطول وتطول وتشمل جميع قطاعات الحياة فالأب والأم والمدرّس والمدير والمسؤول وسائق التاكسي والوزير والخفير وحتى الفنان والشاعر والرسام والمثّال والمفكر والممثل، كلٌّ من هؤلاء يرى أنه الأفضل وأنه الأنموذج الأصدق للمثالية وأن الناس لو احتذوا به لصلح الكون وعمرت الحياة وانتهى البؤس والشقاء من على سطح الأرض.
وزير دخل الوزارة بإزاره وخرج منها بالذهب والفضة، يتأسف على مثاليته وإخلاصه في عمله، ولكنّ الناس لم يقدّروه ولم يعطوه حقه!
ممثل فاشل يرهق السمع والبصر يلوم الجمهور الذي لم ينصفه لأن الجمهور في رأيه لم يبلغ بعد درجة الفهم الكافية لفهمه واستيعابه.
رقيع أو صفيق صيّره القدر «كاتبا» والناس لا تلتفت إلى ما يكتب، يلجأ إلى أساليب وخدع تجعله في نظر الناس الكاتب الأهم والمفكر الفذ ولا يفلح!
الإحساس بالدونية لدى هذه الشريحة المريضة من الناس هو الذي يجعلهم على هذه الشاكلة!
اللهم نجّنا.
تعليقات