فارس الوقيان يقارن سياسة التجنيس بقانون الغوص
زاوية الكتابكتب يوليو 11, 2007, 9:06 ص 559 مشاهدات 0
الرأي المحلي
«مجلس 1938 ومجلس 2006»
كتب:د. فارس مطر الوقيان
ما هو متعارف عليه في الكويت أن أول تجربة تشريعية قامت في
الكويت هي في مجلس عام 1938، لأن المجلس الذي سبقه في عام
1921 كان مجرد مجلس شورى، وقد كانت أول علاقة بين
الكويتيين وعملية الاقتراع بصورتها التقليدية بالفعل في
مجلس 1938، وفقا لمعايير الثروة والجاه والنفوذ الاجتماعي،
وهي معايير شديدة الشبه بدستور أثينا وحقبة ما قبل الميلاد
وأيضا الحقبة الرومانية، إذ يستبعد العبيد والنساء وأصحاب
المهن الدونية، وفي الكويت، بالإضافة إلى كل تلك الشرائح،
تم استبعاد مجاميع واسعة لأسباب عرقية ومذهبية، مثل الشيعة
وذوي الأصول الفارسية.
مع تلك المطبات التمييزية على أساس عرقي وديني ومهني لا
يمكننا نكران ما قام به المجلس الذي لم يستمر سوى نصف عام،
من انجازات ومشاريع أسست لدولة الكويت الحديثة، مثل إلغاء
الضرائب على الصادرات، وضريبة سفن الصيد على اللؤلؤ،
وتشكيل قوة للشرطة، وإنشاء ثلاث مدارس، وغيرها الكثير. ومع
تلك الإنجازات والإخفاقات، لم نقرأ في الحقيقة أي مادة
علمية سياسية تتناول المناخ الذي ساد في ذلك المجلس بصورة
موضوعية محايدة، فالباحثون الذين تطرقوا للمجلس، اما كانوا
منبهرين به ويبرزون الإيجابيات فقط، أو يطمسون الإخفاقات،
أو كارهين له يرون فيه شرا مطلقا.
ما أشبه مجلس اليوم (2006) بالبارحة مجلس 1938 فالتاريخ
يعيد نفسه مع رؤيتنا للمجلسين، فالقارئ لمذكرات خالد
العدساني، نصف عام من الحكم النيابي، لا يجد كثيرا من
الفروقات في أجواء ذلك المجلس وأجواء مجلسنا الحالي، فقد
أسهب العدساني في تفصيل الصراعات والمواجهات الدامية التي
كانت تخوضها الشخصيات العامة بشأن الامتيازات والاحتكارات
التجارية، مثل احتكارات المشروبات والنقل والتنزيل وصنع
الثلج، كما اسهب في سرد ملفات المواطنة والتجنيس، ومن يطلع
على أبرز المشاريع محل التداول التشريعي لمجلس 2006 يجد
أنها صورة طبق الأصل لما حصل قبل ثمانية وستين عاما في
مجلس 1938، لكن باهتمامات ومشاريع تجارية مغايرة حديثة
تواكب رأسمالية العصر الذي نحن فيه، فاحتكارات الثلج
والمشروبات استبدلت باحتكارات الفحم المكلسن، كما أن
احتكارات النقل والتنزيل استبدلت باحتكارات حقوق المدينة
الإعلامية، كما أن أحاديث التجنيس بخصوص المهاجرين من بلاد
فارس حلت مكانها ملفات شريحة البدون المستحقين للتجنيس
وتوحيد درجات الجنسية والتمايزات الحاصلة بين مناطق داخلية
وخارجية، حضر وبدو، سنّة وشيعة... ومن أجل تقريب الصورة
علينا المقارنة بين قانون الغوص الذي يلاحق الغواصين في
حياتهم ومماتهم، بقوانين كثيرة تلاحق ذوي الدخل المحدود في
لحظات رزقهم وسعادتهم وانبساطهم في اغلاق الدكاكين الخاصة
وإزالة المخيمات الصحراوية وردم الأسوار والحدائق
والدواوين وغيرها، في حين تتعرض ممتلكات وأراضي الدولة
لأبشع الانتهاكات في وضح النهار، ولا تعد تلك تعديات على
حق الدولة، فعلا.. ما اشبه الليلة بالبارحة!.
الذات المفكرة في الكويت تتعب وتعيا وتحزن من كثرة
المفارقات الغريبة والتناقضات البشعة التي ترجعنا دوما إلى
مرحلة الربع الاول، فالكلسنة لم تصل للفحم فقط بل حتى
للعقول، نوابنا الأفاضل تركوا كل قضايا وملفات العالم،
الحديث عن حقوق الانسان والمواطنة والعدالة الاجتماعية
والرقائق الالكترونية والتنافس الإقليمي والدولي الذي فات
الكويت الكثير فيه، وأدخلونا في عالم مصالحهم الخاصة،
وكأننا ندور وراءهم في حلقة مفرغة ليس فيها تنمية أو تطور
للمجتمع والدولة، فالنائب في الكويت لم يعد ينظر لملفات
الوطن بعين شمولية ثاقبة، فهو يتصرف كما يقول «علي حرب»:
«كالنخبوي المناقض للديموقراطية، فما يريده فقط جماهير
يفكر ويقرر عنها».
الوسط
تعليقات