جماعة الإخوان المسلمين تسببت في عداء واسع للمسيحية!.. برأي خليل حيدر
زاوية الكتابكتب أغسطس 13, 2014, 1:24 ص 965 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / قتل المسيحيين.. في ليبيا
خليل علي حيدر
لا أستبعد أن يقول قائل ذات يوم: «لو لم تكن إسرائيل قد بادرت منذ عام 1948 الى انقاذ الاقليات اليهودية في الدول العربية وغيرها، ومكنتها من الاستقرار في «أرض الميعاد» و«الوطن القومي» في فلسطين، لما اختلف مصيرهم عن مصير المسيحيين والايزيديين في العالم العربي اليوم»! وذلك بعد جرائم دولة داعش الاسلامية وفتوحاتها في الموصل وشمالي العراق، وبعد الامعان في القتل والسلب والنهب والطرد التي ارتكبتها هذه المجموعة الارهابية بحق المسيحيين والايزيديين وغيرهم، حتى ان شاهد عيان كان يقول انهم صادروا الكراسي المتحركة لاحد المعاقين باعتبار هذا الكرسي الطبي، ضمن «الغنائم»، ولا ادري ما حدث للمسكين بعد ذلك! جريمة داعش، او جرائمها، فضيحة تاريخية! فما قاله تنظيم داعش للدنيا ان العالم العربي، صاحب التاريخ الطويل في احتضان المسيحية منذ ظهورها، ومنذ تعدد مذاهبها، المنطقة التي تنوعت في بلدان الجماعات والاثنيات، بصدد طرد كل من هو مختلف او غير مرغوب فيه.. وستكون البداية التخلص من المسيحيين!
الارهابيون التكفيريون في ليبيا، منذ ان قاموا بتصفية خصومهم من المسلمين، في بحث محموم عن المسيحيين. ولما كانت ليبيا خالية تقريبا منهم، ما عدا العمالة القادمة من الخارج، حل محلهم الاقباط المصريون الذين جاءوا الى هذه الدولة بحثاً عن لقمة العيش.
قبل عام وأكثر، في 26 فبراير 2013، وفي سوق للملابس الجاهزة في بنغازي بليبيا، قام افراد ينتمون الى ميليشيات اسلامية قوية، بجمع عشرات المسيحيين المصريين «الأقباط»، ممن تعرفوا عليهم من خلال الصلبان الموشومة على معاصمهم اليمنى، ثم قاموا باحتجازهم وتعذيبهم وتهديدهم بالاعدام، وكان بين الضحايا قسيس قبطي ضربه محتجزوه بعنف بالغ قبل ان يحلقوا رأسه وشاربيه، كما تعرض قساوسة آخرون للاعتداء في طرابلس، واضرمت النار في كنائس هناك.
«وسط ادانات واسعة ومطالبات حقوقية وقبطية بسرعة الكشف عن الجناة»، كتبت الشرق الأوسط يوم 2014/2/27، «شيع المصريون من مطار القاهرة الدولي امس جثامين سبعة عمال مسيحيين قتلوا بالرصاص في مدينة بنغازي، شرقي ليبيا. وتشير التقديرات غير الرسمية الى ان عدد المصريين الموجودين بليبيا يناهز 1.6 مليون، غالبيتهم من العمال».
وقال شاهد عيان «ان ثلاثة من الجماعات التكفيرية اخذوا الضحايا من بيننا بعد علمهم ان كل المقيمين بالسكن مسيحيون».
كان عدد المصريين المسيحيين المقيمين في غرفة داخل هذا الحوش الكبير نحو عشرين من الاقباط، «وفوجئنا بعد فتح الباب بأنهم ملثمون مسلحون، وبعدها دخلوا علينا الغرفة وسألونا عن اسمائنا، ولما علموا اننا مسيحيون، اخذوا عدداً من الضحايا في اليوم التالي فوجئنا بهم قتلى على بعد ستين كيلو متراً، على طريق بنغازي».
ويتعرض اتباع العديد من الاديان للتمييز والاضطهاد في اماكن كثيرة من العالم، كالمسلمين واليهود والبهائيين، ولكن «وفقاً للجمعية الدولية لحقوق الانسان، فإن %80 من جميع اعمال الاضطهاد الديني على مستوى العالم في عام 2012 كانت موجهة ضد مسيحيين، وهذه الطفرة في التمييز ضد طوائف مسيحية في دول عاشت فيها لقرون عديدة يمكن ارجاعها بشكل كبير الى تزايد حدة التشدد الاسلامي وصعود الاسلام السياسي في اعقاب الربيع العربي». ويضيف «فيوريلو بردفيرا»، من مسؤولي البرلمان الاوروبي الكبار، انه «مع تولي احزاب اسلامية السلطة في المنطقة، انطلقت موجة من الترهيب والتمييز ضد السكان من الاقليات المسيحية». (الجريدة، 2013/6/18).
الاسلام السياسي، وبخاصة جماعة الاخوان المسلمين، التي زلزلت قوانين العصرنة ومفاهيم التحديث في مصر وخارجها منذ ان ظهرت في 1928، ومنذ ان دخلت حلبة الصراع السياسي بعد ذلك في كل مكان، هو المسؤول الاول في احياء الانماط المعاشة اليوم من معاداة المسيحية، فأحزاب الاسلام السياسي التي توالت بعد الاخوان، في حربها السرية والمعلنة ضد المفاهيم القومية والليبرالية و«الغزو الثقافي» و«محاربة التنصير والاستشراق»، اغرقت الثقافة العربية والمناهج المدرسية والمكتبات والعقل الواعي واللاواعي للمسلمين العرب، بعداء واسع شامل للمسيحية ولمن أسمتهم ولا تزال بـ«النصارى» او «الكفار»، فأعادت تشكيل وعي المسلمين في العالم العربي ثم خارجه عندما ترجمت هذه الكتب او تشكلت مؤسسات الاسلام السياسي الدولية.. في كل مكان.
لم يؤثر انتقال قيادات ودعاة الجماعات الاسلامية الى اوروبا وامريكا كثيرا في اهدافهم وفي ثقافة الكراهية المبثوثة في شعاراتهم وكتبهم وبرامجهم التلفزيونية، ولم يتعلموا اي تسامح او اعتدال او اي ايمان بحرية الدين والعقيدة رغم طول الاقامة في الغرب والتجنس والثراء. واستفادوا الى اقصى حد من اجواء الحرية والتسامح هناك لتوسيع قاعدتهم الحزبية بين الطلاب والمهاجرين ونشر كل ألوان التعصب والاسلام الحزبي والافكار الارهابية. بينما كانت مجلات الاسلاميين وقياداتهم في الكويت وغيرها تطالب علنا باغلاق الكنائس والتضييق على «النصارى» حتى في اعيادهم، وبتقليص عددهم في صفوف العمالة الآسيوية والعربية وداخل جهاز التعليم والجهاز الوظيفي والطبي. وفي اماكن كثيرة حيث عاش المسيحيون من قرون، كانت سياسة الاخوان مع دور العبادة مستقاة من فقهاء العصور الوسطى، وكانت ترتكز على مبدأين: عدم التساهل في بناء اية كنائس جديدة للمسيحيين وغيرهم، وعرقلة ترميم الكنائس القديمة، او اقفالها او ازالتها ان سمحت الظروف.
على العكس طبعا، كانت سياستهم في الغرب قائمة على الالحاح في مطالب زيادة عدد المساجد والمصليات في كل دولة اوروبية وكل مدينة امريكية، وتوسيع الساحات لصلاة الجمعة والاعياد، والسماح بالاذان وبنحر الخراف في البيوت والحارات..الخ.
تعليقات