للغزو العراقي عِبر وعظات يعددها سالم الشطي

زاوية الكتاب

كتب 1326 مشاهدات 0


الراي

فيض الخاطر  /  عِبر الغزو العراقي.. وغلاة الطغاة!

سالم الشطي

 

«قوم يا سالم العراقيين دخلوا الكويت واحتلونا»، بهذه العبارة استيقظت صبيحة يوم الخميس 2/ 8/ 1990م، استنكرت الأمر تماماً وظننت أنها نكتة سمجة حتى استيقظ من نومي، ولكن اكتشفت أنها حقيقة مؤلمة بل صدمة لم تخطر على بال أحد من الشعب.

وتأكد الخبر أكثر مع صلاة الظهر بالمسجد، ولم تمض أيام إلا وقد خلت المنطقة من العمال الوافدين في الجمعية التعاونية والخباز محطة الوقود والغاز وغيرها. فلم يتوان أهل الكويت الخيرون بسد العجز، كلٌ بحسب إمكانياته، وشخصياً جربت الخباز فلم أفلح لا في التعجين ولا «التخبيز» فانضممت إلى الفريق المتطوع في الجمعية التعاونية بقيادة الشيخ سعود الكندري رحمه الله، ومعية عدد من الأخيار أذكر منهم الأستاذ حيدر القلاف، والمهندس إبراهيم الصوري وغيرهم، وفي المساء نعمل على سيارة جمع القمامة التي كنا نشغلها بـ«مسمار» كبير وكانت متعاونة معنا ومسايرة لنا، والوالد حفظه الله عمل في محطة الوقود، وإخواني تنقلوا بحسب تخصصهم فالطبيب كان يتنقل بين المستشفيات لعلاج المرضى والإشراف الإداري فيها، والشيخ كان يؤم المصلين ويقنت على العراقيين والظلمة وتطوع في مقبرة الرقة لغسيل الأموات والصلاة عليهم، وهكذا أهل الحي كلهم.

تخيل عزيزي القارئ أن ما حصل في حَيِّنا تكرر في الأحياء المختلفة وبإقبال من شباب الكويت وشيابها، فعكس بحق صورة مشرقة ونقطة ضوء وسط ظلام الغزو العراقي الغادر والغاشم، إنهم أهل الكويت الذين مهما تباينت آراؤهم تجدهم في وقت الصعاب وفي الظروف الحالكة «رجال محكحكةٍ معادنها» يتعاون البدوي مع الحضري والشيعي مع السني، وتشكلت خلايا مقاومة وجهاد تتعاون فيما بينها رغم اختلافها أيديولوجياً وفكرياً و.. مذهبياً.

***

أحمد الله حمداً كثيراً أن أصحاب فكر «الحاكم المتغلب» لم يكونوا متواجدين في تلك الفترة العصيبة، وإلا لبايعوا صدام حسين على السمع والطاعة في المنشط والمكره، فقد كان حاكماً مسلما - قبل أن يصدر كبار العلماء فتاواهم بتكفيره في 12/ 1990- وكان متغلباً فقد أمسك خيوط الدولة وأدار الحكم فيها، بالإضافة إلى أنه يمتلك القوة وليست أي قوة، فقد كان جيشه رابع أقوى جيش في العالم... فبحسب شروطهم يصبح حاكماً متغلباً تجب له السمع والطاعة، وإن جلد ظهورهم وأخذ أموالهم، وعند بعضهم وإن اغتصب نساءهم والعياذ بالله، وربما أبلغوا الغزاة عن رجال المقاومة الشرفاء بحجة أنهم خوارج يخططون للخروج على الحاكم المتغلب!!

ولكن الحمدلله أن أصحاب هذا الفكر الأعوج لم يظهروا إلا بعد تحرير الكويت، فغلوا في طاعتهم لـ «ولي الأمر»، وهو اللقب الذي أعطوه لأي حاكم مهما كان دينه، وبأي طريقة استولى فيها على الحكم، اللهم إلا إن كان ينتمي إلى تيار إسلامي أو محافظ فإنه يستَثنى من صفة «ولاة الأمر» الذين تجب طاعتهم ولا يجوز انتقادهم!!

حتى النصيحة التي يرون وجوب أن تكون بطريقة سرية للحاكم... استبدلوها بزيارات المديح وإلقاء الأشعار والثناء وهز الرؤوس بالموافقة على ما يتفضل به الولي، بلا أدنى نصيحة أو توجيه، فنسوا دورهم وباتوا محامين عن الحكومات والحكام أكثر من دفاع الأخيرين عن أنفسهم!! ويتعبدون الله بمثل تلك الزيارات التي يتقربون بها إليهم زلفا، وينفذون تلك الأوامر بطريقة سمجة أبعدت عنهم جموع المسلمين، نسأل الله العفو والعافية والسلامة.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك